عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

ياسين

عمرو الديب

الأحد، 12 سبتمبر 2021 - 07:16 م

بابتسامة عذراء خجلى تتعثر فى شرنقات براءتها، أتذكر وجهه الملائكى الوسيم دائما، فلطالما لاقتنى هذه الابتسامة فأشرقت فى نفسى، فلقاؤنا صار دأبا وموعدا لا أستطيع أن أخلفه، وكذلك أنت تعودت ألا تتخلف عنه إلا نادرا،وفى مرات معدودات على أصابع اليدين طوال ما يزيد على ست سنوات، فإعداد الشكل النهائى لهذه الصفحة الأسبوعية مثل إحدى مهامك فى جريدتنا العريقة، وانتزعت أنت الإعجاب ببراعتك وموهبتك الحقيقية التى خاصمت الضجيج، وترفعت عن أساليب الإعلان الصاخبة الملحة التى يجيد معدومو الموهبة،التلاعب بها.

وعلى مدى هذه الفترة الممتدة التى تصديت فيها لمهمة الإخراج الفنى لصفحة الأدب-التى أصبح اسمها «ثقافة»مع التطوير الشامل الذى قاده الكاتب الصحفى الكبير خالد ميرى رئيس التحرير-اكتشفت أننى أمام نموذج نبيل من البشر،لا يعرف الأحقاد أو الضغائن، ويترفع عن الصغائر والمعارك التافهة التى يحترف البعض إدارتها وخوضها لتحقيق مكاسب شخصية أنانية، فالشاب العذب روحا وخلقا ياسين محمد زميلنا سكرتير التحرير الذى رحل عن دنيانا الفانية فى التاسع والعشرين من عمره، عاش مثالا حيا للشباب المنتمى البناء، الذى يقدس قيمة العمل، ويقدم نموذجا ساطعا لاحترام معنى الإنجاز، ولأنه امتلأ بالموهبة والكفاءة لم يفعل مثل بعض الشباب المستهتر الذى يتهرب من العمل لأوهن الأسباب، ويفر منه متعللا بأعذار واهية.

ولأن هؤلاء عاطلون من الموهبة، يلجأون دائما إلى أساليب أخرى منحطة للوصول إلى المكانة، ولأنه بأضدادها تعرف الأشياء،ففقيد الصحافة المصرية  ياسين محمد عاش رحلته الصحفية القصيرة فاضحا لهؤلاء، ربما دون أن يدرى،حيث مثل نقيضهم، شاب فى سن تقذفه قذفا فى بساتين مباهج الحياة،ولكنه نسيج مختلف أحسن والداه - أكرمهما الله تعالى - تربيته،فجاء من بيت كريم وبيئة سوية، فكان عطرا أخاذا ونسمة ندية منعشة فى أفق كل من لاقاه، كنت أمازحه دوما لأخفف عنه عناء اليوم المثقل بالعمل المتواصل،وأحادثه عن العروس المنتظرة، وهل عثر عليها، أم أن الوقت لم يحن بعد؟ فكان يبتسم، ويتملكه السرور ويرد فى اقتضاب بأدب جم: لم يأت النصيب بعد، ثم ينحنى على الصفحة ليكمل رسمها،فالعمل لديه معنى محلق يرتفع فوق الاعتبارات، وبينما كنت آمل فى أن يمد الله فى أجلى لأفرح بياسين عريسا فى ليلة نحاول فيها أن نعبر له عن امتناننا لإخلاصه ولانتمائه ولخلقه الرفيع،ونحيطه بمشاعرنا الحقيقية المحبة،جاء قرار القدر فى اتجاه لم يخطر لنا على بال قط، حيث جرى استدعاء ياسين بصورة عاجلة،ربما لأن حفله الذى يستحق وعرسه المنتظر يسمو كثيرا عن أرض الضغائن والأحقاد.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة