أكوام من أجولة القمح وجدتها مكدسة فى مدخل قريتى وبجوارها أهلى وأقاربى يتحسرون على ضياع مجهود «موسم كامل».. قالوا لى: أعلنت الحكومة أنها ستشترى القمح فأسرعنا لزراعته، ونحن نحلم بالحصاد فالمشترى موجود وبسعر عادل.. ولأنه موسم الفرحة وقضاء احتياجاتنا المؤجلة.. فقد حددنا مواعيد أفراح أبنائنا واشترينا كل مانحتاج بالأجل.. وكثفنا جهودنا كلها لمراعاة الزرع وحان وقت الفرح.. لكن يا فرحة ما تمت.. فوجئنا بالقمح الذى تعبنا «وهلكنا» فى زراعته وحصاده..مكدسا أمامنا..لا الحكومة أخذته كما وعدتنا ولا تركتنا فى حالنا.. وقفت أمامهم لا أدرى ماذا يحدث هل هى نفس المؤامرة التى نختبئ خلفها دائما أم هو سوء تنظيم وتقدير؟
ففى الوقت الذى نعانى فيه أزمة اقتصادية طاحنة، وتراجعا حادا فى احتياطيات النقد الأجنبى وعجزا فى موارد العملة الصعبة، ووسط مساعى الدولة للاستدانة الداخلية والخارجية لتوفير الاعتمادات الدولارية لاستيراد السلع الأساسية وعلى رأسها القمح.. يضطر أهالينا إلى إلقاء محصولهم فى الشارع قهرا وغصبا.. بعد رفض الشون والصوامع استلامه، والسبب كالعادة روتين وبيروقراطية وشروط لا أول لها ولا آخر،واتهامات متبادلة بين وزارتى الزراعة والتموين.
فالزراعة تتهم التموين، بسوء إدارة الشون والصوامع وعدم وجود القدر الكافى منها لاستقبال القمح من الفلاحين رغم الحصر المقدم لها.. وإصرار التموين على إدارة عملية التوريد بخطة أحادية لم تشارك فيها الزراعة دون أسباب منطقية، إلا أنه ومع تصاعد الأزمة وفشل التموين فى استلام الأقماح من المزارعين لجأت لوزارة الزراعة للاستفادة من الجمعيات الزراعية فى القرى والنجوع بجميع المحافظات فى عملية الاستلام.والتموين ترد على الاتهامات بأن شروط الزراعة لاستلام القمح تعجيزية وأولها ضرورة وجود كشوف حصر الحيازة من الزراعة والتأكد من سلامة القمح ومواصفاته ومطابقتها لمعايير الاستلام..
والنتيجة متاهة نعيشها وقمح فى الشارع وفلاحون فرحتهم مسروقة وحلم طالما حلمناه، بأن نكتفى ذاتيا من القمح.. يتم اهداره امام أعيننا.
هل سنظل نعمل بلا تخطيط أودراسة للقرارات،التى يترتب عليها حياة الناس خاصة البسطاء الذين بنوا أملا على الحكومة ووعودها والنتيجة أنهم مهددون بالحبس بسبب ديونهم ومحصولهم ملقى أمامهم لايجد من يشتريه.