أزمة الصحفيين مع الداخلية مثل كل الأزمات التى عايشناها وتعايشنا معها خلال الأربع سنوات الماضية ولا شك أن الوقت كفيل بالتوصل لحل وسط يحفظ كرامة الصحفيين وحقهم فى الحفاظ على نقابتهم وفى الوقت نفسه يدعم موقف الداخلية فى تطبيق القانون وتحقيق الأمن للمواطن الذى ننشده جميعا.
الغريب والمريب والذى يستحق معالجة سريعة وفورية اتباعنا دون منطق ولا سبب لأسلوب الحشد والحشد المضاد ففى كل مرة تحدث أزمة تظهر لنا فئة تحت مسمى «المواطنون الشرفاء» ليس لها فى العير أو النفير لتدلى بدلوها والغريب أن يتمسح معظمهم بالدفاع عن الدولة ومساندة موقف رئيس الجمهورية.
موقف نقابة الصحفيين يتلخص فى غياب المواءمة السياسية التى دفعت بالأمن لاقتحام مبنى النقابة للقبض على زميلين عرفنا فيما بعد أنهما مطلوبان فى قضايا لا تتعلق بالرأى وكان من الممكن استئذان النقابة والتحاور مع مجلسها قبل الإقدام على عمل يمس كرامة الصحفيين، رغم إدراكنا وتأييدنا التام لحتمية أن يأخذ القانون مجراه، فلا أحد فوق القانون.
ما يقلقنى تلك الهجمة الشرسة التى قادتها فرقة «صدفة بعضشى» على النقابة والصحفيين والتى وصلت لاستعداء الشعب على صحافته التى تعمل لأجله بل وساندته دون حسابات فى كل المواقف.. وزارة الداخلية ذاتها وجدت مساندة غير مسبوقة من الصحافة ولكل من ينسى أو يتناسى فقد كان للصحافة دور لا يستهان به فى عودة تماسك أجهزة الأمن فى أعقاب ثورة يناير وما تلاها من انفلات أمنى.. وكانت الصحافة ولا تزال وستستمر تدعم الحرب التى يواجهها جيشنا الباسل وشرطتنا الساهرة ضد الإرهاب الأسود.
إذن لماذا النفخ فى النار فمجرد إحساس فرقة صدفة بعضشى بموقف قد يكون مضادا للصحفيين إلا وخرجت لتشويه الصورة وتصوير الأزمة على أنها خلاف بين النقابة والصحفيين وبين الدولة بل وضد الرئيس وهو حديث إفك لا يمكن أن يعقله أحد.
صدفة بعضشى شخصية برية جسدتها بإبداع الفنانة الكبيرة شويكار فى مسرحية «سيدتى الجميلة» التى أنتجت عام 1969.. صدفة بمجرد إحساسها بأى خطر حقيقى أو وهمى تأمر تابعيها «سليط وجعيدى» بأن يطلقا النفير وعلى الفور تنطلق نار الشتائم والتشفى وتصفية الحسابات.
الحوار معروف.. صدفة: واد يا سليط افقع صفارة.. وتنطلق صافرة سليط لتخرج فئة: أيوه يا صدفة ننزل نخدم.. فئة وجدناها تعارض اجتماع الجمعية العمومية للصحفيين الأربعاء الماضى والفئة ذاتها وجدناها أمام الأهرام مؤيدة لاجتماع ضد مجلس النقابة.
قد يكون لدى صدفة وفرقتها غرض ما أو مدفوعون عن سوء فهم أو بفعل فاعل، لكن أسوأ ما فى الأمر بعض من أبناء المهنة الذين لم يراعوا زمالة ولا رسالة الصحافة ولا ظرف الأزمة التى نواجهها والذين تقمصوا شخصيتى «سليط وجعيدى» وانقضوا على النقابة رميا وتجريحا لدرجة الدعوة لطرح الثقة فى مجلس النقابة وهو أمر ليس فى التوقيت أو الظرف المناسبين بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف تجاهه وكان المنطقى والطبيعى أن يتوحدوا مع زملائهم لحين انقضاء الأزمة وبعدها ننظر لكيفية ترتيب بيتنا من الداخل.
للأسف البعض من زملاء المهنة استمرأ الواقعة ليستعدى الشعب ضد نقابته وأبناء مهنته عبر اتصالات هاتفية من مواطنين هالنى كصحفى ما تضمنته من كره وتشويه للواقع على أنه غضب شعبى ضد الصحفيين ونقابتهم.. أليست الصحافة هى صوت الشعب وهى المعبرعنه .. ألم تقف الصحافة مع الشعب فى كل قضاياه.. ألم يسقط صحفيون منا شهداء فى الأحداث التى واجهتها البلاد فى الفترة الأخيرة؟. وما يزيد الألم ألما زملاء فى المهنة غيروا موقفهم بأسرع من تغيير رابطة العنق، صالوا وجالوا ضد الداخلية فى بداية الواقعة، ثم عادوا ليصبوا حمم الغضب على زملائهم دون خجل.
السؤال المحير: لماذا تقف مؤسسات الدولة دون حراك تجاه الأزمة ونكتفى فقط ببيانات مؤيدة لطرف دون آخر ولماذا لا نجد تدخلا حقيقيا ينهى الأزمة.. فهل المستهدف كسر الصحافة؟ إذا كان هذا هو المستهدف فاليقين أنه ليس فى صالح المهنة وأبنائها والمجتمع والناس.. فكرامة الصحفى ليست شماعة وليست ريشة على الرأس بل هى من أساسيات مهنة المتاعب.
أقول لكل من يستغل الظرف للوقيعة بين الصحفيين ومؤسسات الدولة.. قليلا من العقل وإذا كان لدينا ملاحظات على أداء مجلس النقابة أو توجهه فلننتظر لحين انتهاء الغمة، و«من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر».