شيرين ومحمود
شيرين ومحمود


غرام ذوي الهمم| محمود يغير تصميمات المنزل من أجل عيون «شيرين»

شاهندة أبو العز

الإثنين، 13 سبتمبر 2021 - 02:00 م

لا يغرنك أن ذوي الهمم عاجزون عن القيام بما تعتبره أنت فعل عادي، فالإعاقة لن تكون النهاية، بل تحدي جديد يجعل روحهم صلبة في المصائب رقيقة في المشاعر، فيكتبون قصص حب مع «النص الحلو» يدعمها التفاهم والتأقلم مع الواقع لتغييره.

 

بوابة أخبار اليوم ترصد الجانب الآخر المضيء لحياة من فقدوا حاسة أو طرف من أجسادهم، لنرصد قصص عن غرام ذوي الهمم بطعم بيوتهم وجمال روحهم.

 

قصة حب جمعت شيرين ومحمود، بعد أن رتب القدر لقائهما، إذ عرفا كل منهما بموقف إعاقة الآخر فالف الله بين قلبيهما ليكتبا حكاية بيت بني بالحب والرجمة.

 

لم يتوقعا أن يتقابلا لمرة واحدة أو الوقوع بالحب الذي تكلل بالزواج السعيد، لأكثر من 9 سنوات، شيرين مهنى حسن صاحبة 40 عاماً ومحمود زيدان ذا 44 عاماً، قادهما النصيب لحب تقاسما فيه الرحمة والهموم .

 

معارف الجيران

 

ولدت شيرين بحي المطرية التابع لمحافظة القاهرة لأسرة تتكون من 10 أفراد، لتأخذ نصيباً مختلفاً من الدلال والحب عند والدتها، التي كانت بمثابة صديقة وأخت كبرى لها، تحملها يومياً إلى المدرسة لاستكمال سنواتها الدراسية، ومتابعة دروسها، حتى انتهاء مرحلة الثانوية.

 

الكرسي المتحرك رافق شيرين طيلة الوقت جعلها لا تفكر في الزواج وبالأخص الزواج من شخص ذوي احتياجات خاصة، حتى لا تكون عبء على حد في خدمتها.

 

ولكن كان للنصيب رأي أخر، فالشاب الدائم الزيارة لجارتها الملاصقة لها، باتت نظرات الإعجاب والحب تمتلكه في كل مرة يرى بها شيرين وهي تخرج من منزلها، متابعاً لخطواتها، حتى قرر أن يتقدم لخطوبتها.

 

ولد محمود بمحافظة كفر الشيخ بإعاقة حركية في القدم اليسرى ناتجة عن إصابته بشلل الأطفال، ظل بمحافظته حتى إنهاء دراسته وساقه القدر للعمل كموظف بالمجلس الأعلى للأثار، لذا أستأجر منزلاً بمنطقة المطرية بجانب أحد أقاربه لوصل صلة الرحم ومعاونته في بعض الأحيان.

 

حالة الإعجاب التي كانت تنتاب محمود في كل مرة يرى بها شيرين، جعلتها تفكر هي الأخرى به، وتغير من مسار حياتها التي سبقت وخططت لها وتتراجع عن قرارها بشأن الزواج من شخص ذوي إحتياجات خاصة.

 

شيرين: محمود غير الخطة

 

تقول شيرين لبوابة أخبار اليوم: «حركتي طول الوقت صعبة بسبب الكرسي المتحرك، وكنت شايفة أن الجواز لازم يبقي من شخص مش معاق حركياً عشان التعامل يكون سهل مابنا».

 

وتابعت: «محمود لما دخل حياتي غيرها، كان عنده حنية وطيبة قلب، جعلتني أتنازل عن كل قراراتي السابقة، وبالرغم من تحذير والدتي له أكثر من مرة بسبب مسؤوليتي الكبيرة وخوفها عليا لأنها كانت متفرغة ليا طيلة الوقت، ولكن محمود أصر أنه يتمم الخطبة والزواج».

 

المشاركة وتقسيم المهام على بعضهما البعض، سر دوام قصة الحب بين محمود وشيرين التي أقتربت من 10 سنوات، فجميع المشاكل الكبرى تزول عندما يتقاسما تحضير الغداء.

 

يروي محمود زيدان قائلاً: «من وقت ماحبيت شيرين، وأنا قررت أشاركها كل حاجة بتعملها، بنعمل كل حاجة سوا، الأكل، ونظافة الشقة، لو في حاجة عايزة تتصلح بعملها أنا، شايلين بعض في كل حاجة».

 

يحاول محمود عدم التأخر في عمله، فمع دقات الساعة الثانية ظهراً، يبدأ في التحرك مسرعاً لمنزله وفي قلبه حباً كبيراً لزوجته التي تنتظره حتى يأكلان معاً، فاعتاد الاتصال بها قبل الوصول لسؤالها عما يحتاجه المنزل من مستلزمات المعيشة والطعام، ووجبة الإفطار التي تريدها ليتشاركاها سوياً.

 

تصميمات المنزل

 

صعوبة حركة شيرين في أول زواجها بسبب الكرسي المتحرك غير الكهربائي، جعلت محمود يغير من تصميمات غرفة النوم، لتناسب حركتها، فاستبدل السرير ذو ارتفاع عالي نسبياً، إلى سرير منخفض ملامس للأرض، واستبدل الركنة المرتفعة، بـ«قعدة عربي» ليسهل عليها، بالإضافة إلى تخصيص زر للتحكم في كهرباء الغرفة بجانب السرير، بدلاً من الزر البعيد.

 

 

يتذكر محمود يوم أختيار العفش، ورفضه أن ينزل بدون خطيبته، ليقرر أن يتولى مساعدة «شيرين» في تحريك الكرسي، والنزول بمفردهما، حينها شعر بحجم المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقه وهو يساندها في تحريك الكرسي، بالرغم من إعاقته الحركية المؤثرة عليه مما تسبب له «عرج» في المشي.

 

يتابع محمود: «شيرين بتخاف من الكهرباء والنار جدا، لذا أحاول أن أتواجد دائما بجوارها وهي تشعل البوتاجوز، وطمأنتها ولم أشعر بالملل رغم مرور 9 سنوات من الزواج، وهفضل طول عمري أساعدها».

 

دبلومات لشيرين

 

دعم وتشجيع محمود الدائم لزوجته جعلها تحصل على دبلومة تنمية بشرية، ودبلومة في فن التطريز، لتصبح فرد منتج، وبالرغم من ذلك لم تخلو الحياة من المشاكل والمعوقات كأي زوجين، إلا أن مبدأ التفاهم بينهم سريعاً ما ينهى إي خلافات زوجية، لتظل المشاكل المحيطة بهم بسبب الإعاقة الحركية وما حولهم من معيشة غير ملائمة.

 

 

بالرغم من توفير كرسي متحرك كهربائي لشيرين إلا أنها تجد صعوبة في نزول درجات السلم التي لا تتعدى درجتين فقط، بسبب عدم توفير مكان مخصص لذوي القدرات الخاصة لتسهيل حركة النزول والصعود للمسكن دون عوائق، بالإضافة إلى عدم رصف الطرق الذي يتسبب في انقلاب الكرسي المتحرك إذا لم يكن أحد بجانبها.

 

وتشير شيرين إلى معاناتها قائلة: «المطبخ عندي أطول مني، مبعرفش اتحرك فيه لوحدي، لازم يكون زوجي معي حتى لا تحدث كارثة، فحركة يدي اليسرى ضعيفة جدا».

 

وتمثل نسبة الإعاقة الحركية في مصر 14.5% طبقاً للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ووفقاً لدراسة حديثة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بشأن ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة، بمختلف مراحلهم العمرية، أن 15.6% من إجمالي أعداد الإناث «عوانس» لم يتزوجن، بينما وصلت للذكور إلى 23.4% من إجمالي عدد ذوي الاحتياجات الخاصة.

 

وأضافت الدراسة أن أعداد الإناث المتزوجات من ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة بلغت نحو 42.2 %، بينما بلغ عدد الذكور المتزوجين نحو 62.6 %.

 

وأوضحت الدراسة أن ارتفاع عدد الذكور المتزوجين من ذوي الاحتياجات الخاصة يرجع إلى تكرار حالات الزواج لديهم، لأي أسباب ومنها الزواج مرة أخرى في حالة الطلاق أو الترمل، على عكس الإناث اللائي لا ترغب كثيرات منهن في الزواج الثاني ويفضلن البقاء إما أرامل أو مطلقات لرعاية أسرهن.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة