مازالت نفحات الاسراء والمعراج تنثر عبقها فى أرجاء العالم وكل يوم يعرف المسلمون الكثير والكثير من أسرار هذه الرحلة المباركة ولكن تبقى الحقيقة الدائمة وهى فرض الصلاة على المسلمين من لدن حكيم.
فاسراء ومعراج سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - من أجل تطييب نفسه وترويحها بعد عام الحزن الذى فقد فيه سنده السياسى والقبلى وهو عمه ابوطالب وسنده الوجدانى والروحى وهى زوجته خديجة لم يأت مباشرة وإنما جاء بعد ذهابه الى الطائف يدعو أهل ثقيف الى الايمان بالله وحده لا شريك له فإذا بهم قوم سوء قابلوا دعوته الطيبة بالعداء وأمطروه بحجارة ادمت قدميه الشريفتين.
سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - رفض ان يلبى نداء الكفار بأن يجعلوه أميرا أو ملكا عليهم ويعطوه الكثير من المال حتى يصبح اغنى الناس نظير تخليه عن دعوته. لهذا فليس بغريب ما فعله اهل الطائف معه ولكن سيد البشر الذى التزم بتوصيل دعوة التوحيد الى ان يهلك رفض دعوة سيدنا جبريل - عليه السلام - بأن يطبق على اهل الطائف الاخشبين اى الجبلين عقابا لهم على ما فعلوه معه قائلا مقولته: أرجو أن يخرج الله من اصلابهم من يقول لا اله الا الله، فى الوقت الذى توعد فيه جميع الرسل والانبياء اقوامهم بعقاب الله لهم.
لقد سماه الله بأنه رءوف رحيم وانه جاء ليتمم مكارم الاخلاق وانه بشير ونذير لقومه وللعالم.
نفحات الاسراء والمعراج والمنحة التى اكرم الله بها رسوله وهى الصلاة قال عنها سيدنا محمد: انها عماد الدين ومن اقامها فقد اقام الدين.
اذن لم تكن الرحلة ترويحية فقط لإزالة ما ألم بسيدنا محمد من حزن وجفاء من قومه بل كانت مكرمة من الله للمسلمين بأن أعطاهم شيئا عظيما يقربهم من الجنة ويبعدهم عن النار.
فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - لم يطلب شيئا لنفسه بل كان يطلب لأمته وانه سيظل تحت عرش الرحمن شفيعا لامته يرجو رحمة الله لهم وبالتالى كرمه الله فى معراجه بالصلاة لتكون رحمة لامته وسبيلا لدخول الجنة والفردوس الاعلي.
نحن نفتقد فى أيامنا هذه نفحات الاخلاق والتسامح والصبر والبعد عن الكراهية والدعاء للاخر بالهداية والالتزام بالصراط المستقيم فى افعالنا وسلوكياتنا فظهرت الغوغائية فى احاديثنا والكراهية بيننا والتشدد فيما نقوله ونعتقده وعدم التماس العذر للاخر.
لم نتعلم من قول سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - عندما رفض عقاب اهل الطائف بإطباق الجبلين عليهم عندما دعا ان يخرج الله من اصلابهم من يقول لا اله الا الله. لقد فقدنا الأمل فى تغير الآخر نحو الخير وترك الشر وفقدنا الامل فى من حوله واتباعه وبالتالى اصبح العداء لغة التخاطب بيننا.
لقد ودعنا احد الاشهر الحرم شهر رجب ورغم ذلك حدثت فتنة بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية وتمسك كل طرف بما يقوله ودافع عنه باستماتة وجيش حوله اعضاءه وانصاره ولم يخرج فى هذه الازمة من ينزع فتيل الفتنة او يتفهم ظروف وتاريخ الاخر والمرحلة الزمنية التى يمر بها الجميع فاصبحت الارض ملتهبة تشكو حالها من مؤسستين تعلمان علم اليقين الظرف الصعب الذى تمر به البلاد من حرب ضد الارهاب وسقوط شهداء وتنمية تخطو خطواتها الاولى بثبات وتحتاج الى مناخ هادئ يدفع بها نحو الامام وليس الى تعطيل مسيرتها.. انها فتنة لا غالب فيها ولا مغلوب ولكنها هم سيصيب وطننا بجراح ان لم تداو حالا فقد يصعب التئامها فيما بعد.