يبدو أن طريق حرية الصحافة طويل وشاق، لن نحصل عليه بالدستور والقوانين المنظمة له فقط، على الرغم من أنهما يضمنان لك حقك فى دولة القانون.. لكن هناك من هو قائم على هذه القوانين ينفذها أو لا ينفذها.
وتجد نفسك فى طريق طويل من الجهاد تستعمل معه كل الطرق المشروعة للحصول على هذه الحرية.
أولا: لأنك فى دولة القانون.
ثانيا: لأنك مستفز، انه حتى بالقانون تتوه التفسيرات وتختلف المضامين.
فى الحقيقة كنت قد أعددت نفسى للكتابة عن مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الموحد الجديد، الذى شرفت بالانتماء إلى فريق إعداده (اللجنة الوطنية).. والذى استمر على مدار عام، واجهنا فيه تحديات وصعوبات كثيرة، بعدما قرأت عتاب الأستاذ صلاح عيسى فى مقاله - الذى أكد فيه ان خبر الانتهاء من القانون الذى ارتضته الجماعة الصحفية، وحدث توافق عليه، اقترب خروجه إلى النور، وأنه لم يلتفت أحد إلى أخباره، وأن الحكومة بدأت مناقشته والجميل انه لم يطرأ عليه أية تعديل.
وبدلا من أن نسعد بثمار مجهودنا ونحتفل بذلك العرس الصحفى، ضمن الاحتفال باليوبيل الماسى لنقابة الصحفيين نجد أنفسنا نعود لنقطة الصفر، فى يوم المفروض انه عيد للعمال فى العالم كله، تزامنا مع اليوم العالمى لحرية الصحافة.
نعود ونبدأ رحلة الدفاع بل الحصول على حرية الصحافة التى ظننا أنها أمل اقترب تحقيقه بالقانون الجديد.
فكانت أحلامنا فى القانون الذى اعترفت وتوافقت عليه حكومة شريف اسماعيل فى نصوص أكدت فى مجملها على ان الصحفيين والإعلاميين مستقلون ولا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون وضميرهم المهنى.. ويعد ماسا بأمن الصحفى والإعلامى تعريضه لأى ضغط من جانب أى سلطة. بالإضافة إلى نصوص عديدة تتحدث عن حرية الصحفى والصحافة تناولها القانون.
وأمام هذا كله تجد نفسك تسأل أليس بالقانون وحده تحمى الحريات وتصان الحقوق؟..
على صفحات القوانين والدساتير الاجابة نعم، بينما على أرض الواقع الإجابة لا..
لماذا؟؟.. لأنك مازلت حتى بعد ثورتين الأكبر فى التاريخ الحديث دافعت فيهما عن الحرية والكرامة الإنسانية، وكانت نقابة الصحفيين والجماعة الصحفية فى المقدمة، وقدمت العديد من الشهداء، والكثير بل والكثير جدا من الأقلام الشريفة ممن ساندوا الحرية والكرامة الإنسانية.
وإذا كنا حاولنا جاهدين فى القانون الجديد أن نرفع يد الحكومة والسلطة عن الصحافة والإعلام، لتظل منارة حاملة رسالة التنوير على رأس رسالتها الاجتماعية ومسئوليتها الضخمة.
ان الأمر لا يتطلب أكثر من حرية الصحفى والصحافة، الصحفى الذى يخوض هذه المعارك الشريفة التى لا يراقبه فيها سوى ضميره الإنسانى، الصادق الحريص على أمن هذا الوطن واستقراره.
حرية الصحافة لن تزعج الحكومات الحريصة على رخاء هذه البلاد، بل يجب عليها أن تساعدها لخلق حالة جدلية لتصحيح المسار.
وانما تقلق الحكومات التى تريد ان تكون الصحف مجرد بوق لإنجازات حقيقية وغير حقيقية، تخدع الشعب الذى عانى كثيرا على مدار عشرات السنين.
فى الوقت الذى يجب ان تكون الصحافة مرآة للجميع الشعب والحكومة.
وإذا كانت الحكومة صادقة كما أعلنت منذ اللحظة الأولى بكل شفافية سوء الأوضاع الاقتصادية التى تتطلب إجراءات قاسية، فيجب عليها ألا تنزعج من شكاوى وألم وجوع الشعب الذى يصرخ من ارتفاع الأسعار والفواتير وتدنى أوضاع الخدمات.
حرية الصحافة ليست منحة ينتظرها جموع الصحفيين من الحكومة تتعطف عليهم بها، بل هى حق قانونى ودستورى لحماية هذا الشعب والحفاظ على أمن واستقرار البلاد.
الحرية خلقت لحماية الضعيف والفقير والمسلوب حقه حتى يحصل عليه.. لمواجهة البطش والاستبداد..
علينا أن نعى جيدا أن الجميع يحب هذا البلد ويعشق ترابه، ولسنا فى مرحلة تشكيك فى وطنية أى من الطرفين لمجرد وجود خلاف فى الرأى.