«اللهم اكفني شر أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم»..كانت هذه دعوة نابليون بونابرت المفضلة التي تلخص خبرة هذا الرجل الذي خاض الكثير من التجارب والمعارك.. هذا الدعاء أظن ان الرئيس عبد الفتاح السيسي يردده كثيرا هذه الأيام، وبخاصة بعد الكثير من الأزمات التي تسبب فيها مسئولو الدولة، وأدت إلي تداعيات تفوق كثيرا في خطورتها ما يحاول أعداء الوطن ان يورطونا فيه.
أقول ذلك وأنا أكتب قبل ساعات قليلة تفصلنا عن جمعية عمومية طارئة لأعضاء نقابة الصحفيين، التي أشرف بالانتماء إليها، ردا علي ذلك الاقتحام المرفوض لقلعة الحريات في مصر، والتي ظلت علي مدي 75 عاما حصنا منيعا للفكر والرأي، ولم يجرؤ أحد علي ارتكاب تلك الجريمة التي وقعت يوم «الأحد الأسود».
من يستعيد شريط الأزمات الكبري التي تعرضت لها البلاد خلال الفترة الأخيرة يدرك أن وراء كل منها تصرف بغير حكمة، وللأسف الشديد كانت معظم الأخطاء تأتي من جانب رجال الشرطة الذين نقدر جهودهم في الحفاظ علي أمن البلاد وحمايتها من كل غدر وكيد، لكن نتائج بعض أفعال رجال الشرطة - والتي تعتبرها الوزارة أفعالا فردية- أدت بالبلاد إلي أزمات عنيفة بلا مبرر أو داع، فاعتداء رجال الشرطة علي المحامين أدي إلي أزمة لم تهدأ إلا باعتذار الرئيس للمحامين، وتعدي أحد أمناء الشرطة علي أطباء مستشفي المطرية دفع أكثر من 10 آلاف طبيب للإعراب عن غضبتهم إزاء إصرار «الداخلية» علي عدم محاسبة رجالها المخطئين.
وها هي «خطيئة» ترتكب باقتحام نقابة الصحفيين للمرة الأولي في التاريخ، رغم أن ذلك انتهاك لقانون النقابات المهنية الذي يحصن مقارهامن الاقتحام أو التفتيش إلا باجراءات محددة لم تتم مراعاتها، ولم يدرك من ارتكبوا هذه الفعلة - وهذا هو الأخطر - تبعات هذا التجاوز في إشعال غضب الصحفيين من أجل نقابتهم.
وأزعم أن كثيرا من الصحفيين لا يؤيد موقف أو رأي الزميلين اللذين تم ضبطهما، بل علي العكس يرون أنهم أخطأوا، وأن مجلس النقابة ربما أخطأ أيضا بتوفير الحماية لهما، لكن وزارة الداخلية - وللأسف الشديد- استطاعت توحيد صفوف كل الصحفيين ضدها، ولم تعد القضية مسألة اثنين من الصحفيين مطلوب ضبطهما، وإنما كرامة مهنة مطلوب حمايتها.
وبدلا من أن تعترف وزارة الداخلية بذنبها- والاعتراف بالذنب فضيلة- واصلت سكب الزيت علي نار الأزمة، فحاولت تصوير الأزمة علي أن نقابة الصحفيين تسعي إلي أن تكون «دولة داخل الدولة»، والحقيقة أن موقف جموع الصحفيين يحاول أن يحمي دولة القانون.
إن جموع الصحفيين طالما وقفوا في الصف الأول تلبية لنداء الوطن في كل معاركه الكبري، دفعوا من دمائهم وحرياتهم الكثير من أجل مصر أفضل، تصدوا لقوي الظلام، في وقت كان كثيرون يخطبون ود تلك الجماعات.
واليوم يخوض الصحفيون معركة جديدة ليس من أجل «إسقاط الدولة» كما يزعم بعض أعداء صاحبة الجلالة، وإنما من أجل بناء هذه الدولة.