د.عاشور عمرى خلال حواره مع «الأخبار»
د.عاشور عمرى خلال حواره مع «الأخبار»


مصر تفوز بجائزة اليونسكو لأفضل تجربة فى تعليم الكبار ومحو الأمية | حوار

علاء حجاب

الأربعاء، 15 سبتمبر 2021 - 09:57 م

تغلبنا على معوقات «كورونا» بالقوافل المتكاملة .. ومؤسسات الدولة والجامعات أفضل شريك

جاء إعلان منظمة اليونسكو منذ أيام فوز مصر بجائزة أفضل تجربة عالمياً فى تعليم الكبار ، ليضاف إنجاز جديد للجمهورية الجديدة ، تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى ، «الأخبار» حاورت د.عاشورعمرى رئيس الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار عن تفاصيل الحصول على الجائزة والجهود التى تبذل حالياً لإعلان مصر خالية من الأمية ، وكيف تمت مواجهة مشاكل تزوير الشهادات وبعض الأخطاء المالية والإدارية داخل الهيئة .


الدكتور عاشور عمرى رغم صغر سنه ، إلا أن لديه خبرة ورصيداً كبيراً فى جهود محو الأمية ،حيث تولى رئاسة مركز تعليم الكبار التابع لجامعة عين شمس قبل تولى رئاسة الهيئة  ، وجاء بخطة عمل نفذ الكثير من خطواتها ، والأرقام الرسمية تؤكد تراجع أعداد الأمية فى كثير من المحافظات خلال الأعوام الثلاث الماضية، بعد إتباع أساليب غير تقليدية للوصول إلى الشخص غير المتعلم وتقديم حوافز مادية ومعنوية تجعل الإقبال على فصول التعلم أكثر من الفترات السابقة ، وخلال عام سوف يتم إعلان أول 6 محافظات خالية من الأمية .

 ما خطة عمل هيئة محو الأمية حالياً لتعليم الكبار ؟
تدشين الجمهورية الجديدة التى أعلن عنها الرئيس عبد الفتاح السيسى ، يجعلنا نكثف جهودنا ، بحيث يتم إعلان مصر خالية من الأمية قبل الموعد المحدد عام 2030 ، وتوجهنا إلى مناطق كثيرة على رأسها القرى الأكثر فقراً والمحافظات الحدودية لإعلانها خالية من الأمية فى أقرب وقت ممكن ، وتواصلنا بشكل جدى مع المجتمع سواء حكومياً أو مدنياً أو قطاعاً خاصًا ووقعنا بروتوكولات تعاون مع معظم جهات المجتمع وعلى رأسها الجامعات لمشاركة طلابها فى محو الأمية ولدينا شراكات قوية فى هذا المجال ، وشراكات مع القوات المسلحة من خلال برتوكول محو أمية المجندين ،وتم عمل بروتوكول مع وزارة الشباب والرياضة من خلال مشروع المصريين يتعلمون وأيضاً وزارة التضامن الاجتماعى من خلال مشروع مهم جداً لا أمية مع التكافل ، وأيضاً مع الأحزاب السياسية .
مؤسسات الدولة
 هل هذه الشراكات أضافت قوة للعمل فى مجال محو الأمية ؟
الحقيقة التعاون والشراكة مع مؤسسات الدولة هى التى أحدثت طفرة كبيرة وحققت إنجازاً فى تراجع عدد الأميين ، وجعلت مصر تفوز بجائزة اليونسكو فى محو الأمية لهذا العام من بين 172 دولة ، عن طريق تعاون كبير بين الهيئة وجامعة عين شمس برئاسة الدكتور محمود المتينى ، وذلك إنجاز لم يتحقق منذ عشرات السنين ويتزامن مع تدشين الجمهورية الجديدة ، وعلامة مضيئة نأمل أن يكتمل الإنجاز ويتم إعلان مصر خالية من الأمية قبل عام 2030.
> ما تفاصيل حصول مصر على جائزة اليونسكو لأفضل تجربة عالمياً فى تعليم الكبار ؟
البداية فكرنا فى كيف نصل للشخص غير المتعلم ، خلال جائحة كورونا ، وقمنا بإتاحة محو الأمية باستخدام التكنولوجيا لدعم المناطق الفقيرة ، ونظمنا فصولاً افتراضية على الإنترنت ، عن طريق أى فرد من أقارب الشخص غير المتعلم ، ونظمنا قوافل طبية تقدم العلاج والرعاية الصحية وإجراء العمليات مجاناً لأى شخص يقبل على التعلم ، والنجاح كان كبيراً ، وتقدمنا بالتجربة لجائزة اليونسكو ، وكل دولة من حقها تقديم 3 تجارب بمعنى وجود أكثر من 600 تجربة، وكان النجاح حليفنا من بين 172 دولة ، وفازت مصر بالمركز الأول على مستوى العالم .
 هل الجائزة عن تجربة تعليم القراءة والكتابة فقط ؟
بالطبع لا ، نحن لا نعلم القراءة والكتابة فقط ، نحن نوفر برنامجاً قائماً على أن نعيد تشكيل عقل ووجدان الشخص غير المتعلم ، خاصة فى التعامل مع الآخرين ، وتعلم مبادئ المواطنة ونرفع حصيلة معارفه وطرق الحصول على حقوقه ، ونيسر استخراج المستندات الرسمية له ولأسرته ، ولدينا قوافل طبية متكاملة بالشراكة مع جامعة عين شمس أصبحت نموذج ناجح على مستوى كل الجامعات المصرية ، تجوب المناطق الفقيرة داخل كل المحافظات ، تقدم الخدمات الصحية وهدايا عينية وتعليم حرف يدوية لمن يقبل على فصول محو الأمية ، وبعد أن تنتهى القافلة هناك فصول تتم استدامة وجودها فى نفس المكان ، وتقدم خدمات متكاملة تعليم ، وصحة، ومهارات ، كل ذلك أسهم فى نجاح التجربة.
تضاعف فى العدد
 ما نسب الأمية حالياً فى مصر ؟
طبقًا لآخر تعداد عام 2017 ، يوجد 17 مليون شخص غير متعلم ، وتقريباً ما تم إنجازه منذ أن توليت رئاسة الهيئة فى مايو 2018 حتى الآن ، ففى السنة الأولى تم محو أمية 270 ألف شخص ، بعد ذلك تضاعف العدد وتم إنجاز محو أمية 410 آلاف مواطن خلال كل عام من السنتين الماضيتين رغم ظروف جائحة كورونا وأصبح هناك تضاعف فى العدد ، ولا ننكر أن أزمة كورونا تسببت فى إغلاق 70 ألف فصل تعليمى تطبيقاً للإجراءات الاحترازية ولكن الحمد الله تضاعف الإنجاز بفضل الجهود التى تبذلها كل المؤسسات داخل الدولة ،ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من 600 ألف متعلم خلال العام الحالى بعد نهايته ، ونسير بخطى جيدة جداً والكل يشيد بتلك الجهود سواء داخل مصر أو خارجها بالدليل أن اليونسكو أرسل خطاب شكر لمصر سنة 2020، فعندما حدث إغلاق عالمى لم نتوقف بمصر فى مجال محو الأمية وفكرنا خارج الصندوق .
 ماذا قدمت الهيئة من جهود خارج الصندوق خلال جائحة كورونا ؟
عندما بدأت الأزمة خلال عام 2020 تم إغلاق مايقرب من 70 ألفاً من فصول محو الأمية على مستوى الجمهورية ، ووجدنا أنفسنا فى مأزق كبير ، ووجدنا فى ذلك الوقت أن البيئة التكنولوجية ضعيفة جداً داخل الهيئة والمعلم مستواه التكنولوجى ضعيف ولاتوجد برامج تطوير تكنولوجى ولا محتوى ، وتم تشكيل فريق من الهيئة وتم تحويل المناهج الورقية إلى مناهج رقمية مرفق بها بعض الفيديوهات وكل فيديو لا يتعدى عشر دقايق وبدأنا بتدريب المعلم على هذا المحتوى التكنولوجى ، وفى البداية كان الأمر صعباً وبالاجتهاد حققنا نجاحاً مرضياً جداً وبسبب ذلك أرسلت لنا «اليونسكو» خطاب شكر عندما رصدت تلك التجربة وتم عمل مؤتمر دولى شرحت فيه خطوات التجربة وحاز إعجاب الحاضرين وطلبوا الاستفادة من التجربة ،ومن أهم تلك الدول المغرب ولبنان ، وتم تكثيف جهود الاستعانة بطلاب الجامعات لأن لديهم القدرة على التعامل مع التكنولوجيا بصورة أفضل وقمنا بتدريبهم على التدريس ، وكل طالب يقوم بمحو أمية 5 أشخاص سواء من أقاربه أو المحيطين به ، وبصورة متوازية عملنا عن طريق الحصص «الأون لاين» عن طريق إرسال فيديوهات بالواتس آب والاستعانة بأحد الأشخاص المقربين من الشخص غير المتعلم لمساعدته فى التواصل مع المعلم للتغلب على عدم إجادته استخدام الأساليب التكنولوجية .
حياة كريمة
 ماذا قدمت الهيئة فى دعم مشروع حياة كريمة ؟
مبادرة حياة كريمة لتنمية الريف المصرى ، مشروع تنموى قومى لم تشهده مصر منذ سنوات طويلة ، ومن جانبنا استهدفنا محو أمية 160 ألف شخص داخل القرى التى ينفذ بها المشروع خلال عام ، وتم تدريب 10 آلاف معلم من المشاركين، ويتم بناء فصول لمحو الأمية فى المناطق المستهدفة، ولدينا خريطة عمل نقوم بحصر عدد الأميين ، ويتم التواصل معهم من خلال فتح فصول تعليمية حتى يتم إعلان القرى خالية من الأمية ، والدولة تبنى مدارس فى القرى التى لم توجد بها ، وهو ماينهى معاناة كثير من الطلاب كانوا يعانون مشقة الانتقال يومياً من قرية إلى أخرى ، وهو يعد علامة مضيئة فى سد أحد منابع الأمية وهو التسرب من التعليم ، والدولة حالياً تقوم ببناء مؤسسة تعليمية فى 4500 قرية مستهدفة ، وتم التواصل والاتفاق مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر نستهدف من خلاله 11 محافظة يتم التركيز على القرى الموجودة بها لربط خدمات محو الأمية بجهاز المشروعات الصغيرة ، كما تم عمل فصول محو أمية للعمال المتواجدين بالعاصمة الإدارية الجديدة .
> أيهما أكثر فى التعاون لمحو الأمية الجهات الرسمية أم المجتمع المدنى ؟
الإحصائيات كلها فى صالح الجهات الرسمية والمجتمع المدنى للأسف لايتعاون معنا بالشكل الكافى، وجامعة واحدة تمحو أمية 120 ألف شخص خلال عام ، والمجتمع المدنى لايتعدى محو أمية 2000 أو 3000 شخص فقط وهو رقم ضعيف جداً، رغم أن عدد الجمعيات الأهلية فى مصر يتجاوز 45 ألف جمعية لا يشارك منها معنا سوى 1% فقط .
عادات وتقاليد
ما أكثر المحافظات بها نسب أمية ؟
خريطة الأمية فى مصر تؤكد أن العدد الأكبر فى محافظات الصعيد والمناطق الريفية عادات وتقاليد ، أعاقت كثيراً من تعليم أبنائهم خاصة الفتيات ،ولكن فى الوقت الحالى الدولة تعمل على تحسين الخصائص السكانية لأن هناك ارتباطاً كبيراً بين مشكلة الأمية والكثافة السكانية ،وتعد المنيا أكثر محافظات الصعيد بها أعلى أمية بنسبة 42% ولكن حالياً قلت النسبة وأصبحت 39% خلال عامين ونأمل على أن تنخفض النسبة أكثر خلال الفترة القادمة ، وفى الوجه البحرى ، تعد محافظة البحيرة هى الأكثر أمية بنسبة 35 % وتقل النسبة فى القاهرة الكبرى لتكون 17% والمحافظات الحدودية مثل بورسعيد والسويس ودمياط تمثل 14 % ، ونعمل على أن نعلن خلال عام من الآن 6 محافظات حدودية خالية من الأمية هى جنوب سيناء وشمال سيناء ، والبحر الأحمر ، مطروح ، الوادى الجديد ، أسوان .
 كيف تقيم أداء مسئولى فروع الهيئة على مستوى المحافظات ؟
دائماً نراجع ونقيم دور مسئولى الفروع بالمحافظات ، ونسعى دائماً لتحفيز المجتهدين ، وأكرم مديرى الفروع على مستوى الجمهورية بناء على تطوير أدائهم المهنى وكل من يتواصل بشكل أفضل مع المجتمع الحكومى والمدنى فى منطقته ، ويحسن من مؤشرات محو الأمية فى الفرع الذى يتبعه ، وإذا كان مؤشر الفرع فى تزايد فإن العمل يسير بشكل جيد .
 ما أهم الأخطاء السابقة التى تفاديتها فى خطة العمل الحالية ؟
كان لدى الهيئة قطاع للتدريب المهنى والمشروعات الصغيرة به آلات ومستلزمات ولكن تمت إساءة استخدامها فى فترة زمنية معينة وأساءت إلى سمعة الهيئة وبعض الأشخاص وتم رصد بعض المخالفات وأحلتها إلى النيابة وجهات التحقيق ، وتم إلغاء التدريب المهنى الذى كان يعتمد على الخامات الثقيلة ، وأنشأت إدارة جديدة للتدريب المهنى وتم اعتمادها من التنظيم والإدارة ولكن تعتمد على الخامات البسيطة والتدريب المهنى اليدوى ، وأسسنا شراكات مع عدد من مؤسسات الدولة لتنفيذ التدريب ، أما بالنسبة إلى الشهادات كان بالفعل يتم تزويرها فى فترة زمنية سابقة لذلك تم التواصل مع الجهات بالدولة والآن تتم طباعة جميع الشهادات بطريقة مؤمنة وتقوم جهات بالإشراف عليها وبالتالى يصعب تزويرها .
 كيف تعاملت مع مخالفات الامتحان الفورى داخل إدارات محو الأمية؟
بالفعل كان هناك امتحانات فورية ولكن وجدنا بعض المخالفات و المجاملات ، وأخدت قراراً بوقف الامتحانات الفورية داخل الإدارات ، وتم عقدها فى الفروع الرئيسية فقط ، ويتم استكتاب المتعلم عند استلام الشهادة للتأكد من محو أميته .
هدايا عينية
 ما الحوافز التى تمنح حالياً للشخص الذى يتخلى عن أميته ؟
نقدم خدمات طبية وعلاجية وهدايا عينية كثيرة ، ومؤخراً أبرمنا بروتوكول تعاون مع البنك الأهلى المصرى وقام بمحو أمية 4000 شخص بتكلفة بلغت 10 ملايين جنيه ، وكل شخص يدخل فصول محو الأمية البنك يمنحه كارت ميزة مجاناً وبعد النجاح تتم إضافة 250 جنيهاً على الكارت وأيضاً يتم عمل كارت ميزة للمعلم ، ويتم تعليم الأمى كيفية التعامل مع الخدمات البنكية والتعامل مع ماكينات الصرف الآلى ، ونسعى حالياً للتعاقد مع بعض ورش النجارة والحدادة لتدريب كل شخص يتخلى عن الأمية .
 البعض يشكك فى صحة أرقام محو الأمية التى تعلنها الهيئة ؟
الأرقام التى تعلنها الهيئة تكون حقيقية تماماً ومدققة من جهات كثيرة ، لأننا ننفذ برامج محو الأمية بالتعاون والشراكة مع مؤسسات كثيرة ، ومبينة على قاعدة بيانات من جهاز التنظيم والإدارة وذلك يكون معلناً عبر صفحات الهيئة ولايمكن التزوير أو التشكيك بها .
 هل طالبت بتغيير قانون هيئة محو الأمية لتحسين العمل ؟
طلبت رسمياً بتغيير بعض مواد قانون هيئة محو الأمية وقدمت تعديلاً مقترحاً ، نأمل خلال الدورة الحالية لمجلس النواب أن تتم مناقشته ، وأبرز التعديلات ، لابد أن يوجد بيان إحصائى دقيق للأميين بالعناوين وأرقام البطاقات الشخصية وذلك من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ، ووضع منظومة دعم متكامل للأمى منها تخفيض فى المواصلات وتخفيض رسوم دخول أولاده بالمدارس وتزيد نسبة الدعم له لتحفيز الآخرين .

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة