وجه آخر للقمر
وجه آخر للقمر


فرفش كده | وجه آخر للقمر

الأخبار

الخميس، 16 سبتمبر 2021 - 06:04 م

رامى حمدى

لم يتحدث شاعر أو كاتب عن الجانب الآخر للقمر، لم يفهموا أنه ضحى بظلامه واختبائه فى سبيل النصف الآخر، لم يفكر أحدهم أنه سيفتقد فرحة إنارته للسماء، واطلالته على جلسات المحبين، وقبلات العشاق المسروقة رغم أنف المجتمع. هل يدرك أن على الأرض أشخاصا يعملون فى مهن تنشر السعادة فى الأجواء دون أن يتذكرهم أو يقدرهم أحد مثله تماماً.


قطار الأطفال الذى يجوب المولات، تزينه وجوه الأطفال المبتسمة، وتحيط به كاميرات الهواتف لتسجل تلك الضحكات مع خلفية «توت توت قطر صغنطوط». ينزل كل طفل ممنوناً لولى أمره لمنحه هذه التجربة كما تمنى، لكن هل يتذكر أحدهم وجه سائق القطار نفسه!


يوم الصباحية عنوان للفرح والتبريكات. «ليلتكم كانت حلوة أوى، وانتم كنتم خفاف ربنا يحميكم» عبارة ثابتة فى التهانى. لكن الجميع ينسى ذلك الرجل الذى ينزل من بيته واضعاً همه جانباً، ليصرخ كل يوم فى عريس مختلف «بانشكاح» قائلاً:»هوبا الصقفة الحلوة يلا، وإييييييييييه» على خلفية حكيم وهو يعد عشوائياً «من الواحد للمية للألف وتلتمية للمليون».


تطير بعض الفتيات بهدايا الورود مِن مَن يحبون، يدخل بها العاشق مستمتعاً بشهقة المفاجأة ثم نظرة الحب العميقة المصحوبة بالامتنان وعبارة «تسلم إيدك يا حبيبي». هل حاول أحد تخيل شكل حياة صانع تلك الباقة؟


قائمة النصف الآخر من السعادة تطول. سائق الرحلات «الفرفوش»، الذى يسمح لركابه باختيار قائمة الأغانى دون أن يعرف الفرق بين «ويجز» و»حريقة بروداكشن». بائع الفريسكا وغزل البنات على الشواطئ العادية «أم دخول مجانى»، وصاحب عربة الآيس كريم الذى يجوب شوارع الأحياء الشعبية، مكتفياً بالقليل من المال والكثير من بهجة الأطفال، دون أن يفكر أنه لو كان فى مكان آخر يستطيع التمايل بوسطه ويحمل بعض العضلات، لربما تحول إلى نجم تيك توك!


حتى فى الأحزان هناك وجه آخر. هل وجدت نفسك على مدخل أحد قاعات المناسبات، غارق بين الكثير من البقاء لله وشد حيلك، ثم يظهر ذلك الرجل كبطل خارق من اللا مكان، ليتحفك بفنجان قهوة مضبوط «يعدل الدماغ» حرفياً، فتنهيه وتطلب الآخر لتواجه الحزن بروح جديدة.


عمال الفراشة مثلاً يتقلبون بين الحزن والفرح، دون أن يستوعب زوار «الشادر» أنهم هم البداية، مثلهم مثل كتاب السيناريو البائسين، الذين يكتبون أفلاماً ومسلسلات رائعة، ثم يقر المتفرج بعدها أن المخرج صنع شيئاً عظيماً مع طاقم الممثلين. حتى أنا، ربما يتحول وقتى فى كتابة هذا المقال لقرطاس طعمية!
الحقيقة الوحيدة التى أدركها الآن، أنه بين تفاصيلنا فى كل شئ يكمن وجه آخر للقمر.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة