تتسم علاقاتى بالاشخاص أو مع الاشياء والأماكن بالاتزان دائماً ولكننى وجدت نفسى فى حيرة كبيرة لأننى دخلت مؤخراً فى علاقة مضطربة مع الفيسبوك، اصبحت «لا أحبه ولا أقدر على بعده»! ارتبطت بالفيسبوك منذ ثلاث سنوات وبالتحديد بعد أن بلغت سن التقاعد واصبحت متفرغة لكتابة مقال إسبوعى بعد ان كان يومى مليئا بالاعباء الوظيفية، ما يتبعها من حضور ندوات ومؤتمرات ولقاءات صحفية. رأيت أن الفيسبوك شبكة اجتماعية ووسيلة سهلة للتواصل وأن هذه الشبكة يمكن من خلالها الاتصال بالاخرين واظل على صلة بالزملاء فى الجريدة والتفاعل معهم ومع الأهل بينما أنا جالسة فى البيت لا أضطر إلى النزول للشوارع المزدحمة ولا قطع مسافات طويلة للزيارات.
عشت مع الفيسبوك سنوات من شهر العسل، اعرف من خلاله أعياد الميلاد وأفراح الاحباء وأقدم لهم التهانى أو أهون عليهم الحال إذا مرض أحدهم أو أقدم له التعازى لو فقد عزيزاً وبدون حرج كنت انشر افكارى واخبارى وصورى مع زوجى وأولادى وأحفادى فى المناسبات المختلفة حتى بلغنى الاصدقاء أكثر من تحذير وبدأت اتشكك بعد ما أثيرت العديد من المخاوف بشأن استخدام الفيسبوك كوسيلة للمراقبة ولكن هذا لم يزعجنى كثيراً لأننى أعتبر نفسى شخصية عادية ليس لديها أسرار ذات أهمية، ولكن ما افزعنى هو ما لمسته مؤخراً من تحول بعض رسائل الفيسبوك لقنابل موقوتة ولمحاولة هدم الدولة وزعزعة الحس الوطنى بالتشكيك فى أى شىء وكل شىء، حالة من الفوضى والانفلات وفقدان للاحترام والاحتكام.. الدماء اصبحت تغلى فى عروقى خاصة كلما تابعت موضوع الشاب الإيطالى أو قصة الجزيرتين وتفاقم الموقف مع اقتراب الاحتفال بيوم تحرير سيناء.. هنا أكتشفت أن هناك مؤامرة تحاك ضد بلدى على الفيسبوك، تشويه وتحريف للحقائق، شخصيات مريضة ومأجورة تسعى لاثارة حالة من الغضب وتحريض صريح للنزول للشوارع والميادين فى مظاهرات وممارسة ضغوط ضد الحكومة وتذكرت معلومة قرأتها تشير إلى أن 80 فى المائة من الذين انتسبوا للمنظمات الارهابية جرى تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى فخاصمت الفيسبوك ولكن للاسف بعد أيام تم الصلح بيننا.
أنا لا أطالب بمنع مواقع التواصل الاجتماعى لاننى أؤيد حرية تداول المعلومات كما ان اكثر من ثلاثة مليارات انسان يستخدمون الانترنت ولكن اتمنى ان يراجع كل شخص نفسه قبل كتابة كلمة او مشاركة فكرة قبل التأكد من مصدرها ومصداقيتها وفى نفس الوقت نلتزم بمعايير الادب والذوق ونسعى لحماية انفسنا وأولادنا من الأفكار المسمومة الهدامة، نحذف الرث ونحتفظ بكل من يقدم القول الصدق وحب الوطن.