الثورة ليست نزولا فى الشوارع والهتاف بسقوط النظام، وإنما الثورة الحقيقية هى التحدى لمجابهة المشاكل ورسم نظام جديد يكفل العدل والتنمية، تحققت الثورة فى ٣٠ يونيو وأسقط الشعب حكم الإخوان وأعاد مصر للمصريين، أبهرنا العالم فى هذا اليوم وحققنا ما يصعب أن يتحقق فى قرون قادمة، ولكن آفة المصريين هو الارتكان لما تحقق واعتبار أن مهمتهم قد انتهت والمسئولية تقع على عاتق من ولوه المسئولية وينتظر النتائج فى سلبية غير مسبوقة ولا تتناسب مع حجم الإنجاز الذى حققه هذا الشعب فى ثورته العظيمة. من منا لديه شك فى أن هناك مؤامرات تحاك ضد مصر ورسمت خططها وأساليب تنفيذها منذ سنوات، ومن منا لديه شك أن ما فعله الشعب المصرى فى ٣٠ يونيو أفسد هذه الخطط وهد مصالح دول كانت تبغى تقسيم مصر ليس فقط للسيطرة عليها وإنما لإعادة رسم منطقة الشرق الأوسط من جديد، ومن منا لديه شك ان الجهات والدول التى تآمرت على مصر رفضت ما حدث فى ٣٠ يونيو وسعت لوضع خطط بديلة لإسقاط ما حققه الشعب المصرى فى هذا اليوم، ومن منا لديه شك فى أن السلبية التى ينتهجها الشعب المصرى فى مواجهة ما يحاك له قد تؤدى إلى ما لا نريده وتعود بِنَا إلى أيام الفوضى والخراب.
ذكرت ذلك لأذكركم وأذكر نفسى أن الثورة ليست فقط فى الخروج يوم ٣٠ يونيو وإنما الأهم ما بعد هذا اليوم ماذا نحن فاعلون، نشكو من البطالة والمتعطلون يتقاعسون عن العمل فى المشروعات العملاقة التى تتم على أرض مصر الآن، نشكو من قلة الدخول فى مواجهة غلاء الأسعار ولا نفعل شيئا فى انتظار أن تكفلنا الدولة بالمواد الغذائية المدعمة، نشكو من عجز الموازنة والاغنياء وأصحاب الفيلات والقصور يحصلون على الدعم فى الطاقة والمياه مثل الفقراء والمحتاجين، نشكو من الاٍرهاب ووكلنا الدولة فقط لمواجهته ونكتفى بالحزن وقراءة الفاتحة على الشهداء الذين سقطوا فى المواجهات من الجيش والشرطة ليفدونا بأرواحهم ويموتوا هم ونعيش احنا، نشكو من قرارات تتخذ دون أن نكلف أنفسنا عناء البحث والتحرى وأصبحنا نفتى فى كل شئ وأى أمر كما لو كنّا جميعا أصبحنا خبراء فى كافة الأمور، نشكو من ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء ونحن جميعا نعلم حجم الدعم الذى يرهق ميزانية الدولة فى هذا الأمر ولا نغير من سلوكياتنا فى التعامل مع مصادر الطاقة فى مصر حتى نعبر هذه الفترة، نشكو ونشكو ونشكو ولا نفعل سوى التوكل على الرئيس والحكومة وكأنهما يملكان عصا سحرية ستخلصنا من جميع شكوانا التى هى فى الأصل نتاج سنوات طويلة مضت وهم يحاولون بقدر ما يستطيعون وننتقدهم دون حتى أن نقدم أى حلول أو مشاركات إيجابية لمشاكلنا، لأننا وكلناهم فى ٣٠ يونيو وارتكنا على ذلك ونسينا أن نزولنا كان عقدا بيننا وبين من وكلناهم، وبمعنى أدق أننا شركاء فى المسئولية والقرار، حتى المشروعات التى تنفذ على أرض مصر من مشرقها لمغربها لا نفتخر بها وإنما ننتقدها ونمحورها فى غلطة حدثت هنا أو هناك ونسخر من التنمية القادمة بدون علم أو معرفة.
نحن جميعا شركاء فى المسئولية وعلينا أن نواجه أنفسنا بأننا نعيش فى سلبية عميقة ونحتاج إلى تغيير أنفسنا، فالثورة فى ٣٠ يونيو عمل مبهر وتاريخى ولكن الأهم منه هو خدمة ما بعد الثورة وما نحن فاعلون تجاه ما حققناه فالمسئولية مشتركة وعلينا أن ننفض من على كاهلنا السلبية ونصبح إيجابيين حتى نحقق شعار "تحيا مصر".