كنت من أوائل الذين طالبوا بعد شهور من ثورة 25 يناير بعمل تسويات مع المتهمين في قضايا فساد من رموز عهد مبارك اقتناعا مني بأننا لن نستفيد شيئا من استمرار حبسهم -سواء احتياطيا أو تنفيذا لأحكام قضائية- خاصة أن أغلبهم من كبار السن.. وقلت إن الموقف المتعقل في هذه الحالة هو إجراء تسويات معهم لرد المليارات التي استولوا عليها مقابل إسقاط التهم الموجهة لهم.. لكن هذا الرأي لم يلق ترحيباً من أجهزة الدولة وقوبل بالرفض ممن يصرون علي رؤية مبارك ورجاله خلف الأسوار.. وما أدراك ماذا يحدث خلف الأسوار وكيف يقضون أوقاتهم في السجون الخمس نجوم التي احتضنتهم!
استعادة الأموال المنهوبة -منذ طرحت وغيري من الكتاب هذه الفكرة- كان أجدي بلا شك من استمرار محاكماتهم حتي الآن وفشلنا في استعادة هذه الأموال بالطرق القانونية والسياسية خاصة أن بعضهم هاربون خارج البلاد ومن الصعوبة بل قد يكون من المستحيل ضبطهم وترحيلهم إلي مصر لأسباب تتعلق باتفاقيات تسليم المطلوبين أو المحكوم عليهم في قضايا جنائية بين مصر وبعض الدول.
اليوم.. وبعد أربع سنوات تقريبا يبدو أن الدولة اقتنعت برأيي بدليل هذه التعديلات في قانون الكسب غير المشروع التي صدرت منذ شهور وأقرها البرلمان الجديد وتضمنت قواعد إجراء هذه التسويات مع المتهمين في قضايا فساد والتي علي أساسها تحركت الدولة في اتجاه إجراء هذه التسويات مع 38 من رجال مبارك.. ثلاث تسويات تم الاتفاق عليها فعلا مع المليونير الهارب حسين سالم ود. زكريا عزمي وشقيق زوجته و35 تسوية أخري في الطريق لأسماء في مقدمتهم مبارك ونجلاه وصفوت الشريف ود.أحمد نظيف وحبيب العادلي ود.يوسف بطرس غالي والمهندس رشيد محمد رشيد.....إلخ.
المليارات التي سيتم استردادها الموازنة العامة في أمس الحاجة إليها ومن يرفض ذلك لا ينظر إلي القضية نظرة موضوعية لأن رفضه للفكرة ينطلق من أنها تمهد الطريق لظهور فاسدين جدد ينهبون المال العام وإذا تم ضبطهم يردون ما نهبوا وقد لا يتم ضبطهم فيكونون بذلك قد أفلتوا بما نهبوا.
ولهؤلاء أقوال إن سن وتطبيق قوانين صارمة تسد منابع الفساد هو الذي يمنع ظهور فاسدين جدد وليس رفض استعادة مليارات نحن في أمس الحاجة إليها الآن.
دقت ساعة العمل
دقت ساعة العمل الجدي لمجلس النواب.. أخيرا تمت انتخابات هيئات مكاتب اللجان النوعية.. فاز ائتلاف "دعم مصر" برئاسة 16 لجنة وخسر 5 لجان بينما حسمت 4 لجان بالتوافق.. المهم الآن أنه لم تعد هناك أية حجة للمجلس أو النواب للتقاعس عن أداء واجبهم في التشريع والرقابة علي أعمال الحكومة.. أتوقع أن يحال إلي المجلس عدد كبير من مشروعات القوانين في الأيام القادمة إضافة إلي مشروع قانون الخدمة المدنية الذي أدخلت عليه الحكومة تعديلات جوهرية وأحالته إلي المجلس منذ أيام.. أتمني أيضا حرصا أكبر من النواب علي حضور الجلسات والمشاركة في المناقشات بجدية فكما يطالب النواب الإعلام باحترام المجلس فعلي النواب أن يحترموا مواعيد الجلسات وينسوا قليلا خلافاتهم وصراعاتهم من أجل مصلحة مصر.
وداعا .. محمد عبدالحميد وسونيا دبوس
عندما شرعنا في اصدار جريدة "صوت الجامعة" أواخر عام 72 ونحن في السنة الثانية بكلية الإعلام جامعة القاهرة اختار أستاذنا الكاتب الكبير الراحل جلال الحمامصي أربعة من أسرة دار "أخبار اليوم" للإشراف علينا وهم سامي جوهر وسعيد إسماعيل وصلاح قبضايا ومحمد عبدالحميد.. منذ سنوات طويلة رحل سامي جوهر.. ومنذ 4 سنوات تقريبا رحل سعيد إسماعيل ولحق به منذ عامين صلاح قبضايا وبقي محمد عبدالحميد مدير تحرير آخر ساعة السابق الذي حرص علي التواصل مع عدد كبير من تلاميذه وأنا من بينهم.. ورغم ابتعاده عن ممارسة العمل الصحفي لكنه حرص علي استثمار خبرته في تأليف عدة كتب ستظل تحمل اسمه وتؤكد أن عطاء الصحفي لا يتوقف أبدا إلا بتوقف دقات قلبه.. منذ أيام رحل عنا أستاذنا محمد عبدالحميد.. توقف عطاؤه وجف قلمه لكن ذكراه والخبرات التي نقلها إلينا ستظل شاهدة علي ما قدمه للدفعات الأولي من خريجي كلية الإعلام.. رحم الله محمد عبدالحميد وأسكنه فسيح جناته.
لم تكن وفاة محمد عبدالحميد هي حالة الوفاة الوحيدة في أسرة دار "أخبار اليوم" الأسبوع الماضي فقد توفيت أيضا الكاتبة د.سونيا دبوس مدير تحرير "أخبار اليوم" سابقا بعد صراع مع المرض.. تفوقت د.سونيا دبوس كصحفية وأستاذة للإعلام بالجامعة الأمريكية وأدت واجبها علي أكمل وجه ولا نملك الآن إلا أن نطلب لها الرحمة والمغفرة.