الإخوان
نهايات مزرية لـ«الإخوان» سوس الأوطان
السبت، 18 سبتمبر 2021 - 11:20 ص
حسن حافظ
سقط القناع عن جماعة الإخوان ولفظتها الشعوب بعد تسعة عقود حملت فيها الخراب والدم والتكفير والرغبة المجنونة فى الوصول إلى الحكم.. تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي، مؤخراً عن تأثير انتشار فكر الجماعة الإرهابية فى تشويه عقل ووعى المصريين منذ ظهور الجماعة التى حاولت احتكار الحديث باسم الدين، وتشويه خصومها بالخروج عن الإسلام، وهى حيلة فاشلة انكشفت خلال العقد الأخير، فحصدت الجماعة ما زرعت إذ لفظتها الشعوب، فجاء حديث السيسى متواكباً مع خسارة الإخوان للانتخابات فى المغرب بصورة قاسية ومذلة، ليتأكد مع الأيام أن الشعوب العربية التى بدأت تستعيد الوعى أخذت فى لفظ جرثومة الإخوان.
الرئيس السيسى قال فى كلمته على هامش الجلسة النقاشية احقوق الإنسان.. الحاضر والمستقبلب، ضمن فعاليات إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان: إن هناك عنصرا ابقاله 90 سنة تقريبا قاعد ينخر فى عضم وجسم الدولة المصريةب، فى إشارة واضحة لجماعة االإخوانب الإرهابية، وأن الجماعات التى تنخر فى الدولة موجودة ولا تتوقف وشكلت ثقافة التشكيك وعدم الثقة، ليفتح ملف ما جرته جماعة االإخوانب من تخريب متعمد للرأى العام وكيف عملت على تشويه الوعى، عبر نشر الأكاذيب وثقافة تقوم على كراهية كل ما هو مصرى ووطنى من أجل تربية أعضاء التنظيم على الولاء للجماعة، وأن الإخوان فوق الجميع، وهى ثقافة انتشرت فى المجتمع المصرى بفضل الدعاية السوداء للجماعة وتراجع الحكومات فى لحظات تاريخية عدة عن خيار المواجهة مع هذا الفكر المعوج.
حديث السيسى بنى على تاريخ أسود لجماعة الغدر التى عاشت على كراهية كل ما هو مصرى منذ نشأتها عام 1928، فقد تأسست على يد حسن البنا بغرض وحيد هو إعادة الخلافة التى كان يظن أنها من أصول الدين ولا بقاء للإسلام بدونها، وهو هنا يبنى رؤيته عن خلط واضح بين نظام سياسى يخضع للمتغير الإنسانى وبين الدين الثابت، فمشروع البنا كان فى منبته منقطع الصلة بقضايا الاستقلال والدستور والتحديث التى شغلت القوى السياسية المصرية وقتذاك وفى مقدمتها حزب االوفدب الليبرالى وأكثر الأحزاب شعبية، بل إن حسن البنا سعى للقضاء على الحركة الوطنية عبر التعاون مع المحتل البريطانى من أجل ضرب الحركة الوطنية من الخلف، وهى حقيقة موثقة فى الأرشيف البريطانى كما كشفها المؤرخ الإنجليزى مارك كورتيس فى كتابه االتاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليينب، والمؤرخ المصرى رءوف عباس حامد فى دراسته االإخوان المسلمون والإنجليزب.
ومارست الجماعة الخائنة هواية نشر ثقافة التشكيك فى القيادة الوطنية، بداية من حزب االوفدب، ثم فى حكومة جمال عبد الناصر بعد ثورة 23 يوليو 1952، وذلك بعدما فشلت الجماعة فى السيطرة على الثورة لحسابها، فبدأت فى تفعيل سياسة الخيانة، فبدأت فى التواصل مع الإنجليز مجددا من أجل إفشال مفاوضات الجلاء عن مصر على أمل التحالف مع لندن فى القضاء على نظام عبد الناصر الوطنى، ما تجلى بوضوح فى محاولة اغتيال عبد الناصر فى أكتوبر 1954، وتكرر الموقف فى السبعينيات ولكن بتفاصيل مختلفة، إذ تحالفت الجماعة مع الرئيس الأسبق أنور السادات لتصفية الميراث الناصرى، لذا لم تشارك الجماعة فى انتفاضة الخبز يناير 1977، لكن عندما لفظها السادات ردت بتهييج الإسلاميين الخارجين من تحت عباءة الجماعة ضده، فكان مشهد اغتياله فى أكتوبر 1981، ويد الإخوان تضغط على الزناد، بل إن الجماعة رفضت فى البداية المشاركة فى ثورة يناير 2011، وأعلنت الاصطفاف خلف نظام مبارك فى البداية، لكنها غيرت رأيها عندما وجدت أن النظام يتهاوى فسارعت بركوب المد الثورى.
وخلال تاريخ الجماعة لم تنتج إلا حنظل التكفير وكراهية الآخر والرغبة المجنونة فى قمع أى مخالف، والشهوة التى تعمى للوصول إلى الحكم، فنجد إمام الإرهابيين سيد قطب، يضع خططه من أجل تفجير القناطر الخيرية لإغراق دلتا مصر، ونسف مطار القاهرة الدولى، بهدف إرباك عبد الناصر، وإعطاء الإخوان الفرصة للقفز على السلطة، وبلغ جنون العظمة مبلغه بسيد قطب أن رأى فى نفسه الإسلام، فقال فى الاعترافات بعد القبض عليه إنه ممثل الإسلام وأن الحكومة تريد القضاء على الإسلام عبر القضاء عليه! ليعبر عن تفكير الجماعة وطبيعة الأفكار التى تبثها فى المجتمع، فأنصار الجماعة يعتبرون أن االإخوانب هم من أدخلوا المصريين فى الإسلام، وأن مصر قبلهم لم تكن تعرف إلا قشور الإسلام، وهذا الفكر الذى يعبد الذات انتشر بين أنصار الجماعة، فخرجت من رحمها العديد من الجماعات التكفيرية التى ترى فى نفسها الصورة الوحيدة الصحيحة للإسلام، أمثال صالح سرية وشكرى مصطفى وأيمن الظواهرى وغيرهم الكثير من تجار الدم وادعياء التدين.
ويقوم فكر الإخوان المنحرف على السمع والطاعة والولاء للجماعة على حساب مصر، لذا ليس غريبا أن يقول مرشد الجماعة السابق مهدى عاكف اطظ فى مصرب، ويهدد قيادات الجماعة بحرق مصر وأهلها إذا لم تستجب السلطة لمطالبهم، فالإخوان لا يعترفون بالوطن ولا يكرهون أكثر مما يذكرهم بمصريتهم، فهم أعداء كل ما هو مصرى، لأنهم يدركون فى ذات أنفسهم أن الشعب المصرى لم يتجاوب معهم بالشكل الذى يمكنهم من الاستحواذ على السلطة، كما أن المصريين لم ينحازوا أبدا لجانب الإخوان فى أى صراع مع السلطة، وهنا تظهر واحدة من تجليات عبقرية الشعب المصرى، الذى يدرك حقيقة هذه الجماعة التى تتستر بالدين وهو منها براء من أجل الوصول إلى السلطة.
ونجد شهادة معاصرة لمحاولات الإخوان الفجة لتعميم الكراهية ضد كل مؤسسات الدولة، فى تصريحات الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، إذ قال خلال لقاء مع الإعلامى حمدى رزق: إنه لمكانة الأزهر الشريف بين جميع المسلمين فى مختلف بقاع الأرض، حاولت جماعةُ الإخوان أن تسيطر على الأزهر، ولكنها فشلت، بل تعاقب كبار العلماء جيلًا بعد جيل على لفظ هذه الجماعة، فشخصية أبناء الأزهر لا تعرف الكراهية والإقصاء ولا التكفير، مشيرًا إلى أن بقاء الإخوان لسنوات كان سيتسبب فى انقسامات وحرب أهلية.
وعن شهادته على عصر الإخوان قال: إنهم فى عام حكمهم حاولوا السيطرة على كل مؤسسات الدولة، وبذلوا باستماتة محاولاتهم لإقصاء غير الإخوان، ولكنهم فشلوا بفضل الله وبفضل عنايته لمصر، هذا البلد الطيب المبارك، وهو حفظ دائم منذ الأزل وحتى قيام الساعة إن شاء الله، وهذا ما أكده عامة العلماء الكبار على مر العصور.
الخبر الجيد أن جماعة االإخوانب باتت مكشوفة ليس فى مصر وحدها بل فى العالم العربى كله، ما ظهر بوضوح بعدما خسروا السلطة فى تونس ثم مؤخرا فى المغرب، حيث منى حزب االعدالة والتنميةب المغربى بهزيمة ساحقة ومذلة فى الانتخابات الأخيرة وفقد الأغلبية وتراجع من 128 مقعدا إلى 12 فقط، لتستكمل الجماعة خسائرها السريعة فى المنطقة، والتى بدأت بثورة 30 يونيو 2013، والتى انطلق منها ما يمكن وصفه بالنموذج المصرى فى دحر الجماعة والذى قلدته مختلف الشعوب العربية.
من جهته، قال الشيخ نبيل نعيم، خبير الحركات الإسلامية ومؤسس تنظيم الجهاد السابق، لـاآخرساعةب: إن الأمور وصلت إلى نهايتها مع الإخوان، وتابع: ارفع الإسلاميون شعارات كونت لديهم صورة ما فى الشارع العربى، لذا كان الناخب يأمل فيهم خيرا لحل مشاكله وأوضاعه السيئة، لذا يجرب الإتيان بالإخوان على أمل أن يكونوا أفضل من الأنظمة القائمة، لكن التجربة العملية فى السنوات الأخيرة والتى شهدت صعودها للسلطة فى أكثر من بلد عربى، أدت لانكشافها ورأى فيها المواطن العربى نموذجا أسوأ من الأنظمة السابقةب.
وتابع نعيم: االإخوان يعتبرون الدولة غنيمة، فتبدأ عملية الاستحواذ على كل مناصب الدولة لصالح أعضاء التنظيم، والعمل على نهب مواردها، لا تقديم مشروعات على الأرض لمعالجة المشاكل القائمة، لذا تم لفظهم فى مصر من قبل والآن فى المغربب.
من جهته قال صبرة القاسمى، مؤسس الجبهة الوسطية والخبير فى شئون الحركات الإسلامية: إن ما يحدث مع جماعة االإخوانب فى العالم العربى طبيعي، لأن السنوات الأخيرة كونت وعيا عاما عند الشعوب العربية ضد هذه الجماعة، كونهم يحملون شعارات بلا أى مضمون سياسى أو اجتماعى أو اقتصادى، وأن غرضهم الوحيد هو السلطة، والبقاء فيها حتى لو اصطدموا مع الرغبة الشعبية بعد ذلك، لذا تنامى شعور فقدان الثقة فيها. وتوقع القاسمى أن يدخل تنظيم االإخوانب بعد خسائره فى مصر والسودان والمغرب وتونس مرحلة التيه السياسى، تستمر لثلاثة عقود على الأقل إن لم تنته قريبا.
الكلمات الدالة
الاخبار المرتبطة