ياسر رزق
ياسر رزق


أستأذنكم .. لا تحاضرونا فى حقوق الإنسان..!

ياسر رزق

السبت، 18 سبتمبر 2021 - 06:24 م

 

نريد أشياء كثيرة ننقلها من التجربة الأمريكية ونستفيد بها فى بلدنا، لكن ليس من بينها حقوق الإنسان، فالسجل الأمريكى مفزع ويندى له جبين الإنسانية

لولا أننى أعى تماما قصد الرئيس السيسى حينما وصف مجمع السجون الجديد المتطور الذى سيتم افتتاحه خلال أسابيع بأنه أقيم على غرار السجون الأمريكية، لكنت شعرت بالقلق على مستقبل حقوق السجناء فى مصر..!

 


مقصد الرئيس بالقطع هو المبنى وليس المعنى.


مبنى حديث مجهز بكل وسائل الإعاشة والرعاية الطبية، لأن الغرض كما أوضح الرئيس هو ألا يعاقب السجين مرتين، مرة بالعقوبة ومرة بسوء المعاملة داخل السجن.


فالذى أعرفه ـ ويعرفه كثيرون غيرى ـ  عن السجون الأمريكية خمسة نماذج.


ـ معتقل «جوانتانامو» فى القاعدة الأمريكية المنتزعة من الجزيرة الكوبية، والذى يودع فيه المتهمون والمشتبه فيهم من جنسيات شتى، من دون محاكمة لمدة سنوات طويلة، ويتعرضون داخله لألوان من التعذيب مما لم تره عين وما لم يجر على قلب شيطان..!

 


ـ سجن «أبو غريب» فى العراق، الذى كانت تنتهك فيه إنسانية وأعراض المواطنين العزل الأبرياء بمعرفة ساديين من جنود ومجندات الجيش الأمريكى، وهو ما سجلته مقاطع فيديو وصور مروعة نشرت فى صحف العالم.


ـ سجن «الكاتراز» الرهيب، الذى أقيم فى الثلاثينيات من القرن الماضى، على جزيرة معزولة محصنة مغلقة على من فيها من محكوم عليهم ، كانوا يفضلون الكرسى الكهربائى أو الحقنة السامة، على البقاء فى جحيم السجن، الذى فاق معتقل «الباستيل» الفرنسى الشهير فى وحشيته، وظل «الكاتراز» رمزاً لانتهاك حقوق السجناء، حتى أغلق فى الستينيات، بعد أكثر من ١٧٠ عاماً على اقتحام الباستيل يوم ١٤ يوليو ١٧٨٩ الذى صار هو العيد القومى لفرنسا.


ثمة نموذجان آخران للسجون الأمريكية جسدتهما هوليوود، أولهما فى فيلم «الخلاص من شاوشانك» وهو من عيون السينما العالمية، ويروى فظائع الظلم وانتهاك الكرامة وذبح الإنسانية الذى استمر فى سجن بولاية «مين» حتى سنوات الستينيات. وثانيهما فيلم «القلعة» الذى قام ببطولته النجم الكبير «روبرت ريدفورد» وسرد وقائع معاصرة لتعذيب سجناء عسكريين أمريكيين على يد مأمور السجن الكولونيل السادي، لم يسلم منها جندى أو جنرال..!


< < <


نريد أشياء كثيرة ننقلها من التجربة الأمريكية ونستفيد بها فى بلدنا، لكن ليس من بينها حقوق الإنسان!


نحن مستعدون لتلقى دروس من الولايات المتحدة، فى العلم، والاقتصاد، والتصنيع، والزراعة المتطورة، وغيرها لكننا نستأذنهم فى ألا يلقوا علينا محاضرات فى حقوق الإنسان بالذات..!


نذكرهم فقط بأننا أول من وضع قانوناً لحماية حقوق الإنسان قبل ٥٣٠٠ عام، حينما كانت الولايات المتحدة من قبيل العدم..!


وندعوهم إلى قراءة تاريخهم الحديث جداً والمعاصر، والاطلاع على سجلهم الذى لا يمكن محوه فى شأن حقوق الإنسان فى أمريكا وفى العالم..!


< < <


لانرغب أبداً فى نقل التجارب الأمريكية فى مجال حقوق الإنسان على مدار تاريخ الولايات قبل أن تتحد، وحتى الآن.


فتلك التجارب مفزعة ومريرة، ويندى لها جبين الإنسانية.


لاسيما إزاء قيم المواطنة والمساواة ونبذ العنصرية والتمييز بين المواطنين وتجاه أبسط مبادئ القانون الدولى التى تحظر العدوان على الدول واغتيال قادتها وانتهاك سيادتها والتدخل فى شئونها ونهب ثرواتها وقتل المدنيين العزل.


لست أحاكم التاريخ الأمريكى فى إبادة الأمريكيين الأصليين «الهنود الحمر» بدعوى التوسع العمرانى، ولا فى خطف الأفارقة واستجلابهم عبيداً للسيد الأمريكى الأبيض، للعمل سخرة فى مزارع القطن وفى تعبيد الطرق ومد السكك الحديدية وإنشاء السدود، وكخدم أرقاء بلا حقوق فى المنازل.


ولست أحاكم بأثر رجعى سياسة الفصل العنصرى التى انتهجتها الولايات المتحدة بين البيض «القوقازيين» والسود «الزنوج والملونين على حد الوصف الأمريكى» حتى ٥٠ عاماً مضت، والتى مورست فى كل مكان بالجنوب الأمريكى فى المحال العامة والمواصلات وحتى دورات المياه.


الأكثر من ذلك أن السود لم يحصلوا على حقهم فى التصويت بالانتخابات المنصوص عليه فى التعديل الدستورى لعام ١٨٧٠، لما يقرب من قرن من الزمان فى معظم ولايات الجنوب، إلا حينما صدر قانون الحقوق المدنية فى عام ١٩٦٥، أى منذ ٥٦ عاماً فقط!


ولست أحاكم إدارة روزفلت عندما قامت إبان الحرب العالمية الثانية، بالقبض على الأمريكيين من أصل يابانى وأودعتهم السجون بلا محاكمة، واحتجزتهم فى معسكرات عزل، بعد إعلانها الحرب على  اليابان إثر هجوم «بيرل هاربور».


لكنى أدعو إلى التمعن فى سياسات تمييز منهجية معاصرة تجاه المسلمين الأمريكيين منذ أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ وحتى الآن وتجاه الأمريكيين الأفارقة على الدوام، لاسيما من جانب الشرطة الأمريكية التى تعامل المشتبه فيه الأسود  على أنه مذنب مدان دونما دليل أو تحقيق، وترديه قتيلاً بالرصاص فى قارعة الطريق، أو سحقاً تحت الأحذية الثقيلة مثلما شاهدنا فى أحداث كثيرة حتى شهور مضت، أدت الى إندلاع مصادمات فى مدن أمريكية رئيسية وظهور حركة «حياة السود مهمة» التى تعبر عن شرخ عميق فى مفهوم «المواطنة»..!


< < <


لن استطرد كثيرا فى جرائم الحرب الأمريكية التى ارتكبت ضد الدول والشعوب، تحديداً خلال أكثر من ٧٥ عاماً مضت.


فقط أذكر بأن الولايات المتحدة هى أول من استخدم القنبلة الذرية فى إبادة البشر، عندما ألقت قنبلتين ذريتين على هيروشيما يوم ٦ أغسطس ١٩٤٥ وعلى ناجازاكى بعدها بثلاثة أيام وقتلت وأحرقت وأصابت نحو مليون يابانى، ثم نجدها الآن تنصب نفسها قاضياً وجلاداً على من يسعى من الدول الأخرى لامتلاك هذا السلاح الفتاك، باستثناء إسرائيل طبعاً..!


ومارست الإدارات الأمريكية المتتابعة نهج الغزو والعدوان على كوريا وفيتنام وبنما وجرينادا واحتلت العراق وأفغانستان، وأعادت البلدين عقوداً طويلة إلى الوراء.


< < <


أعرف أن العلاقات المصرية الأمريكية استراتيجية، وأعلم أنها متشعبة وأن مصر استفادت من التعاون المشترك فى ميادين شتى على مدار 43 عاماً مضت، مثلما استفادت الولايات المتحدة وربما أكثر!


وأدرك أن مجافاة الولايات المتحدة مريرة، وأن صداقتها مكلفة، وأن عداوتها وهى القوة الأعظم ليست من شيم العقلاء..!


لكنى أدرك أيضاً أن المساعدات الأمريكية التى اقتطع منها مبلغ 130 مليون دولار، وجرى تقييد استخدام مبلغ 170 مليون دولار منها، إلا فى أغراض مكافحة الإرهاب، ليست زكاة مال ولا إحساناً أو صدقة، إنما هى جانب من منظومة تعاون فى مجال التسليح والتدريب تقدمه الولايات المتحدة، فى مقابل كثير تقدمه مصر فى مجالات تحقق مصلحة استراتيجية مشتركة، وكذلك فى ميادين أخرى لا غنى عنها للمصلحة الأمريكية..!


السبب المعلن لاقتطاع جزء وتقييد استخدام جزء من المساعدات البالغ إجماليها ١٫٣ مليار دولار، ادعاءات بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان فى مصر، وهى مزاعم تستند إلى روايات وأكاذيب من جانب لوبى إخوانى متحالف مع أعضاء بالكونجرس غالبيتهم من الديمقراطيين.


والمثير للسخرية أن يأتى الانتقاد لسجل مصر فى حقوق الإنسان من جانب جهات رسمية فى دولة هى صاحبة السجل الأكثر سواداً فى انتهاك حقوق الإنسان على مر التاريخ..!


أما المثير للاستغراب.. فهو أن يأتى قرار الإدارة الأمريكية بشأن المساعدات، غداة إعلان مصر عن استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، تستهدف تعزيز الحقوق الأساسية المتكاملة والشاملة للإنسان المصرى وتوسعة نطاقها فى كل المجالات، ومنها الحقوق والحريات السياسية.


عن المساعدات العسكرية، أرى - من وجهة نظرى المتواضعة- أن الاستغناء عنها لن يضلعنا، وأننا نستطيع الاستمرار فى بناء وتطوير قوة الدفاع والردع بها أو بدونها، وربما أقول إن المضار من خفضها أو حتى قطعها أكثر من مصر، هو الولايات المتحدة نفسها ومصانع السلاح الأمريكية، وأن خيارات مصر واسعة وقابلة للاتساع أكثر وأكثر..!


ولست أدرى بأى حق تنصب الولايات المتحدة نفسها قيما على الدول الأخرى فى مسألة حقوق الإنسان..!


بأى حق يظن أحد فى الولايات المتحدة، أو فى أى دولة غربية أخري، ممن احتلت بلادنا العربية والإفريقية، ونهبت ثرواتنا، وغرست الألغام فى أراضينا، أنه أحرص منا على حقوق الإنسان المصرى..؟!


< < <


لست أقول إن حقوق الإنسان عندنا مصانة على الوجه الأكمل، ولست أقول إن حالتها عندنا هى النموذج الأمثل لدول العالم.


لكنى على يقين من أننا نسير على الطريق الصحيح بخطوات متسارعة، وعلى ثقة من أن مصر فى عهد رئيسها الحالي، سوف تقدم هذا النموذج.
فلدينا رؤية متكاملة لكفالة حقوق الإنسان المصري، تفتقر إليها دول أخرى أكثر تقدماً منا، ولم تجابه حروباً مثلنا، ولا مخططات ومؤامرات خارجية أو تهديدات داخلية كالتى واجهناها.


لقد قطعنا أشواطاً واسعة فى سبيل ضمان حق الإنسان المصرى فى الحياة والعيش بأمان، وهو الحق الأول لأى إنسان، وفى سبيل كفالة حقه فى العمل والسكن الملائم، وفى الرعاية الصحية وتطوير التعليم،  والعدالة الاجتماعية ومد مظلة الحماية للفئات الأقل حظاً، وكذلك الحق فى الحياة الكريمة عبر مشروع تطوير الريف المصرى.


استطعنا أن نكفل للمواطن المصرى حقه فى وطن ناهض ودولة قوية مدنية حديثة تسير قدماً على طريق التقدم.


وفى مسار الحقوق السياسية، استرد الشعب بنفسه حقه فى اختيار نظامه الحاكم الوطنى وحماية هويته الوطنية فى ثورة 30 يونيو، وانتخب رئيسه مرتين فى انتخابات ديمقراطية حرة شفافة، بأغلبية كاسحة، لم يقدح فى نزاهتها منافس ولا جهات مراقبة دولية، بينما رأينا فى دول كبرى اتهامات تطعن بالتزوير فى نتيجة انتخاباتها الرئاسية.


< < <


نحن على الطريق الصحيح الذى اخترناه بإرادتنا، ويبادر بانتهاجه قائدنا.


ولست أغالى إذا توقعت ثمة تعديلات على قانون الاجراءات الجنائية بشأن مسألة الحبس الاحتياطي، وثمة انفراجة قادمة لتوسيع المجال العام وتشجيع التعددية وتعزيز حرية الرأى والتعبير.


القيادة السياسية، هى أول الداعمين لحقوق المواطنة، ومنع التمييز وتمكين المرأة والشباب، ولعلنا نرى مزيداً من الإجراءات فى هذا السياق.


وإذا كانت هناك شكاوى من ممارسات تتعلق بحق المواطنة، أو ملاحظات فى مسألة المساواة بين المواطنين، فهى ليست نهجاً سائداً لدى شعب عريق، ولا سياسة نظام وطني، بل يجرى التصدى لها، ويتم معالجتها بالقانون، وبأدوات التوعية.


أما جرائم التعذيب، فهى مدانة بالدستور والقانون وبالطبيعة الأصيلة للشعب المصرى، الذى يجافيها أياً كانت طبيعة الجريمة، وحرص أن ينص فى دستوره على أنها لا تسقط بالتقادم، والمتابعة المنصفة للمحاكمات فى هذه الجرائم، تؤكد أنها فردية وليست ممنهجة، وأن مرتكبها ينال أقصى عقوبة.


قد يرى البعض، أن توسعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للمواطن المصري، سبقت تعزيز بعض جوانب الحقوق السياسية، وهذا يبدو صحيحاً، لكنه يغفل الظروف التى تعرضت لها مصر والأشبه بالحرب على مدار العقد الماضي، وقد حان الوقت لتوسعة هذه الحقوق، بعدما توارى خطر الإرهاب واستتب الأمن.


< < <


يحق للإدارة الأمريكية أن ترى ما تراه فى شأن المساعدات العسكرية، لكن ليس من حقها أن تقرنها بمسألة حقوق الإنسان، التى يستشعر الرأى العام المصرى أنها ستار  يخفى أغراضاً أخرى!


لها إذا شاءت أن تخفض المساعدات، أو أن تبقى عليها أو تلغيها، لكن هذا لن يدفعنا لأن نبطيء خطانا أو أن نزيد من إيقاعها تجاه تعزيز حقوق الإنسان المصري.


فلسنا نسير بإشارات من أحد، ولا نحدد سياساتنا بخطوط يرسمها غيرنا.

 

سن القلم 

 

الخميس المقبل، تحل الذكرى ٩٨ لميلاد «الأستاذ».

 


قطعة من قلبى فارقتنى، وقبس من روحى انطفأ، حين ارتحل منذ ٥ سنوات و ٦ أشهر.


قلمه شدنى إليه بعنف منذ تعلمت القراءة، أبهرنى أسلوبه، وأسرتنى أفكاره، وكنت أراه دوماً بوصلة بها اهتدى وجيلى، وما سبقنا وتلانا من أجيال، لا سيما حينما تتلبد الأجواء وتغم الرؤية.


صارحته بهذا منذ التقيته لأول مرة فى مكتبه قبل ٢٢ عاماً مضت، ورد علىّ بابتسامته الوضاءة الساحرة، قائلاً بتواضع: «تظلمون أنفسكم، إذا لم تجدوا أنتم بوصلتكم».


 منذ قرابة ١٢ عاماً، توثقت علاقتى بـ «الأستاذ» عندما تلقيت منه مكالمة ثناء على «الأخبار» ودعوة كريمة للقاء بمكتبه.


من يومها.. لم أفارقه يوماً باتصال، وأسبوعاً بلقاء فى مكتبه أو منزله أو بيته الريفى فى برقاش أو الصيفى فى الساحل الشمالى.


عشت معه عن قرب أيام ثورة يناير، وأجريت معه أول حوار صحفى عن زلزال الثورة ومقدماته وتوابعه، وكان للحوار أصداء هائلة فى حلقاته الثلاث، خاصة تنبؤه بصعود الإخوان إلى السطة، حينما قال: إن مبارك جعل من الإخوان نقيضاً، ومن ثم صاروا هم البديل..!


فى أيام مرحلة الانتقال الأولى وفى عام حكم الإخوان، كانت بصيرة «الأستاذ» تهدئ من روعى وغيرى، وكانت تستشرف أن حكم هؤلاء إلى زوال أقرب مما يتوقع الناس وعلى غير ما تظن الجماعة.


فى مكتب «الأستاذ».. كان يفد كل من تتصورون ولا تتصورون، من ساسة بارزين وقادة عسكريين كبار ومثقفين وشباب غاضب، وأزعم أن جانباً مما جرى فى ثورة ٣٠ يونيو، كان يحمل بصمات فكر ورؤى «الأستاذ».


ينام « الأستاذ» مبكراً، يذهب إلى مخدعه فى التاسعة مساءً، لكنى فوجئت باتصال منه فى الحادية عشرة ليلاً فى أحد أيام شهر مارس ٢٠١٣، يسألنى عن مقال لى قرأه فى عدد «المصرى اليوم» الصادر فى اليوم التالى، وكان بعنوان «متى ينزل الجيش؟»، ودعانى إلى لقائه فى الصباح الباكر لنتحاور أكثر.


وفى مكتبه، أخذ يسألنى عن مبرراتى، وقال لى: ألا ترى أنك تتعجل؟ شرحت أسانيدى فى رأيى وكنت أظن أنه يخالفنى، وعندما انتهيت،. قال لى: اتفق معك تماماً..!


بعد الثورة، كان «الأستاذ» يرى وكنت معه متحمساً، أنه لا بديل عن ترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسى للرئاسة، كان يقول إنه مرشح الضرورة الوطنية وكنت أقول إنه رجل الأقدار.


كنت أعرف مدى توثق العلاقة بين «الأستاذ» والقائد العام، منذ الأسابيع الأولى لقيام ثورة يناير، وأعلم قدر الإعزاز المتبادل بينهما.


وزادت الصلة توطداً بين «الأستاذ» المفكر الحكيم سديد الرأى والرئيس عبدالفتاح السيسى صاحب الرؤية والمشروع الوطنى، على مدار السنوات التالية وحتى رحيل «الأستاذ».


قبيل أيام من رحيل «الأستاذ»، التقيته لآخر مرة، ودار حوار بيننا أشبه بالوصية، وكأنه كان يستبصر أحداثاً آتية، وآمالاً تعلق بها وآن لها أن تتحقق، وأود لو كان أمتد به العمر ليراها ويلمسها.


أكبح قلمى من جموح الاسترسال، وسرد وقائع ومواقف وتفاصيل يضيق بها المجال، عن ذلك الرجل والإنسان، السياسى والمفكر، الصحفى والمبدع محمد حسنين هيكل، وربما يحين أوان السرد والاسترسال فى موضع غير مقال.


كم أفتقد دفء اللقاء، ومتعة الإصغاء، وحلاوة النبرة، ونفاذ النظرة، وإضاءة الفكرة، وسلامة الرؤية، وسداد الرأى.
أفتقد بشدة شخصية ساحرة آسرة، وإنساناً لم أعرف له نظيراً.


لكن كلما شعرت بالوحشة، لا تضن علىّ الذاكرة بشذرات من أحاديث وإيماءات وإشارات، معها أظل أردد: «يعيش الأستاذ هيكل»

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة