عبدالله البقالى
عبدالله البقالى


حديث الاسبوع

١١ سبتمبر.. الرابحون والخاسرون

الأخبار

السبت، 18 سبتمبر 2021 - 07:15 م

 

بعد عشرين سنة من أحداث ١١ سبتمبر فى الولايات المتحدة الأمريكية يمكننا اليوم، وعقب كل هذه المدة، الحديث عن نتائج وتداعيات هذه الأحداث التى عرجت بالنظام العالمى الجديد نحو منعطفات كبيرة وحاسمة غيرت وجه العالم المعاصر .
من حيث الضحايا؛ فإن قتل ثلاثة آلاف من المواطنين الأمريكيين الأبرياء يوم 11 أيلول الأسود لم يكن غير بداية لمجازر رهيبة، خلفت ملايين القتلى الأبرياء (أكثر من مليونى قتيل فى سوريا والعراق وأفغانستان واليمن وليبيا وفى غيرها من مناطق العالم التى طالتها شرارة الإرهاب)، وملايين من الجرحى والمعطوبين الذين فقدوا أجزاء من أجسادهم لأنهم كانوا فى المكان الخطأ وفى التوقيت الخطأ. وملايين من اللاجئين من أطفال ونساء وشيوخ وحتى شباب، الذين هاجروا بحثاً عن مكان آمن، مخلفين وراءهم ماضيهم الذى قضوه فى أجواء الاستقرار والاطمئنان، وها هم اليوم يتكدسون فى ملاجئ تفتقد إلى أبسط شروط الحياة الإنسانية والكريمة، وينتظرون فتات المساعدات العالمية لينعموا بلقمة العيش المرة.
ليس هذا فحسب، بل الحصيلة المفزعة والمفجعة فى الوقت نفسه، تكشف عن الدمار الشامل الذى طال الحياة فى العديد من مناطق العالم، مدن دمرت بالكامل، ومعالم حضارية وإنسانية خربت، وتجهيزات أساسية دكت، وعادت عقارب الأوضاع فى العديد من مناطق العالم إلى الأزمان الغابرة، حيث كانت الفوضى والعنف والقوة هى العوامل الحاسمة فى استمرار الحياة.. أحداث أيلول الأسود زادت من منسوب ومعدلات العنصرية فى العالم بأسره، وتحول المواطن العربى والمسلم إلى مشروع إرهابي، إن لم يكن إرهابياً فعلاً.
بعيدًا عن هذا الرصد المؤلم لما خلفته أحداث أيلول الأسود، فإن النظر إليها من الجهة الثانية للعملة يكشف عن وجود جهات استفادت من هذه الأحداث الإرهابية الأليمة، ليس بصفة مباشرة، ولا بشكل يحملها مسئولية ما جرى، ولكن يمكن المجازفة بالقول بأن التداعيات العميقة جداً لتلك الأحداث تسببت فى حدوث رجة قوية فى النظام العالمى الجديد. ومن هنا لا يختلف اثنان على أن تركيز الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على التصدى للإرهاب، فسح المجال أمام قوى اقتصادية ناشئة وصاعدة لتزيد من وتيرة سرعة النمو والتطور، وأن هذه القوى لم يطلها الإرهاب، وهكذا قد تكون الصين مدينة لمسار الأحداث الإرهابية فى العالم ، لأنها أتاحت لها الاشتغال فى مجال التطور الصناعى والتجارى والفلاحى والرقمي، بيد أن منافسيها كانوا منشغلين بالتصدى للإرهاب والإرهابيين، وقد تكون روسيا من المستفيدين مما خلفته أحداث أيلول الأسود الرهيبة. فقبل الأحداث بسنوات قليلة كان الاتحاد السوفيتى يتفتت إلى أجزاء وأطراف فى إطار ما سمى آنذاك بـ(البروسترويكا)، لكن أحداث أيلول الأسود أخرجت روسيا من هذا المأزق، وسمحت لها بإعادة البناء واسترجاع دورها فى مسرح العلاقات الدولية كقوة مؤثرة وفاعلة. كما قد تكون دول أخرى نجحت فى التوظيف المشبوه لتداعيات أيلول الأسود، بأن أتاح لها ذلك فرض نفوذها فى امتدادها الإقليمى والجهوي، كما هو الشأن بالنسبة إلى إيران، التى تسللت من ثنايا التداعيات إلى مناطق نزاع أخرى فى مسعى للتحول إلى قوة مؤثرة. وهو الأمر نفسه الذى ينطبق على تركيا، وإن كان الأمر هنا بخاصيات وحسابات مختلفة، لكن أن تصمد تركيا الناشئة فى وجه المد الإرهابى فى العالم، هذا يكفى للقول باستفادتها مما جرى.
الأكثر إثارة فى تزامن الذكرى العشرين لأحداث أيلول الأسود مع مغادرة آخر جندى أمريكى لأفغانستان، أن يعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش الإرهابي) عن مسئولية تفجير مطار كابول فى نهاية غشت الماضى الذى خلف عشرات القتلى، وهكذا فإن سلالة الإرهاب المتحولة تضرب بقوة السلالة القديمة منه، لتعلن بذلك عن منعرج آخر وجديد فى مسار الإرهاب.
نقيب الصحفيين المغاربة

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة