أمينة هانم عاشت فى قصر الدوبارة عقب عودتها لمصر
أمينة هانم عاشت فى قصر الدوبارة عقب عودتها لمصر


حكاية الرجل الغامض إلهامى باشا «3»

غرق فى البوسفور.. وابنته أصبحت السيدة الأولى

إيهاب الحضري

السبت، 18 سبتمبر 2021 - 09:03 م

غادر إلهامى مصر، وترك الوالى سعيد باشا متورّطا أمام ديّانة طالبوه بسداد التزامات الشاب الهارب، الذى عاش فى الأستانة وتزوّج ابنة السلطان العثمانى عبد المجيد. حياته هناك تظل غامضة، تصلح أن تكون محورا لعمل درامى يستعين بالخيال، كى يملأ فجوات أحداث أخفاها الواقع، وانتهت بموته فجأة غرقا فى مضيق البسفور، وعمره لا يتجاوز أربعة وعشرين عاما. ما حدث هناك يطرح أسئلة تحتاج إلى بحث مستفيض للإجابة عنها، غير أنه قبل وفاته أنجب طفلة أصبحت فيما بعد السيدة الأولى فى مصر. إنها أمينة إلهامى التى عادت للبلاد، وأقامت فى قصر الدوبارة بحى جاردن سيتي، واختارها الخديو إسماعيل لتكون زوجة لابنه توفيق.

يبدو الحديث عنها أكثر سهولة، فقد جعلها الزواج فى بؤرة الأضواء، بدءا من حفل مبهر معروف باسم «أفراح الأنجال»، شهد عقد قران أربعة من أبناء وبنات إسماعيل دُفعة واحدة، وسط مظاهر بذخ مبالغ فيها. كان عمرها نحو خمسة عشر عاما فقط، وفى مطلع العشرينيات من عمرها تم عزل إسماعيل وتولى توفيق الحُكم، فازداد تألق المرأة المعروفة بطيبتها، ثم أصبحت سيدة الحريم بعد وفاة أم توفيق وجدته. اشتهرت أمينة إلهامى بأعمالها الخيرية ولقّبها الناس بـ«أم المحسنين»، وسعتْ لإحياء ذكرى والدها بتأسيس أكثر من مدرسة حملت اسم «الإلهامية»، أنشأتها من مصروف شخصى خصصه لها الخديو. وفجأة توفى الزوج فحزنت عليه ورفضت ارتداء المجوهرات بعد رحيله، واستمر حضورها فى وجدان المواطنين بعد تولى ابنها عباس حلمى الثانى الحكم، ومواصلتها مسيرة أعمالها الخيرية.
العثور على معلومات عن أمينة هانم إلهامى أكثر سهولة بكثير، من محاولات اكتشاف تفاصيل حياة والدها. حضورها واضح حتى على مواقع الإنترنت، غير أن هناك معلومة متداولة تحتاج إلى وقفة، بعد أن ألّفها أحدهم وتناقلها الكثيرون رغم أنها خاطئة، وتتعلق بقصر الدوبارة الذى شيّده والدها وسكنت فيه قبل زواجها، واعتقد البعض أن المندوب السامى البريطانى سكنه فيما بعد، لهذا أطلق الوطنيون عليه اسم قصر الدوبارة من باب السُخرية، على اعتبار أن ساكنه يُحرّك حُكّام مصر بخيوط تُشبه ما يجرى مع عرائس الماريونيت! تفسير يبدو منطقيا لكنه غير صحيح. عندما قرأتُه تذكرتُ كتابا قديما، وعدتُ لأبحث عنه حتى وجدتُه. إنه «حريم محمد على باشا»، الذى كتبته البريطانية صوفيا بول فى النصف الأول من القرن التاسع عشر. حمل أحد فصوله عنوان «وليمة بقصر الدوبارة»، وخصصتْه لتفاصيل زيارة قامت بها للقصر فى سبتمبر 1843، وذكرتْ أنه المقر الرئيسى لنساء الباشا، وأنه بيت فخم يقع غرب القاهرة على الشاطىء الشرقى للنيل، وصفت الكاتبة الإنجليزية القصر باستفاضة، وقالت إنه: «يستحق فعلا أن يكون ملاذهن المُفضّل». حدث هذا قبل فرض الحماية البريطانية على مصر بسنوات طويلة، وهو ما ينفى التبرير المتداول الذى يربطه بالمندوب السامي. كما اعتقد البعض خطأ أن قصر إلهامى هو نفسه الذى تشغله إحدى المدارس حاليا.
فى كتابها «قصور مصر» أوضحت الكاتبة سهير عبد الحميد أن هناك ثلاثة قصور حملتْ هذا الاسم، وأشارت بوضوح إلى أن المندوب السامى لم يسكن فى قصر إلهامى باشا، الذى تم هدمه عام 1900، وأوضحتْ أن المدرسة الحالية أقيمت فى قصر شيّدته الأميرة شويكار، الزوجة الأولى للملك فؤاد، وقد بيع فى وقت لاحق ليوسف بك وعلى بك لهيطة، واعتبارا من عام 1944 بدأ استخدامه كمدرسة لرياض الأطفال.
الأخطاء واردة، فعندما تغيب الحقائق تنفتح أبواب الخيال!

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة