للفنان: حسين بيكار
للفنان: حسين بيكار


النيل فيضان الحكايات

أحمد أبو خنيجر يكتب : حابى اللى نازل م السما

أخبار الأدب

الأحد، 19 سبتمبر 2021 - 10:20 ص

أحمد‭ ‬أبو‭ ‬خنيجر

سفرك‭ ‬طويل‭ ‬ولا‭ ‬الخطو‭ ‬تساهيل،‭ ‬ولا‭ ‬زعردة‭ ‬الجروف‭ ‬ونس،‭ ‬نخلة‭ ‬وضلة‭ ‬وجبل،‭ ‬وأرض‭ ‬عشاقة‭ ‬وولد‭ ‬عشاقين‭ ‬وبنات‭ ‬تلاعب‭ ‬الهوى‭ ‬أدوار،‭ ‬وأنا‭ ‬دورى‭ ‬من‭ ‬فوق‭ ‬الجبل‭ ‬طالل،‭ ‬وحاضن‭ ‬نسمة‭ ‬البراح‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬الخضار،‭ ‬كرامة‭ ‬ودم‭ ‬سايل‭ ‬وقربان‭ ‬من‭ ‬بشر،‭ ‬وطياب‭ ‬العصارى‭ ‬دوا،‭ ‬وبعد‭ ‬العشا‭ ‬غداء،‭ ‬فيا‭ ‬خل‭ ‬أوقف‭ ‬هنا‭ ‬واشرب‭ ‬بيدك‭ ‬ولا‭ ‬الكنكة‭ ‬فوق‭ ‬اللديا،‭ ‬وخلى‭ ‬الونس‭ ‬مناولة،‭ ‬وما‭ ‬بين‭ ‬الخلان‭ ‬تسقط‭ ‬الكلفة،‭ ‬والبحر‭ ‬شاهد‭ ‬وشريك‭ ‬وعند‭ ‬اللزوم‭ ‬حكم‭ ‬وجلاد،‭ ‬بحرك‭ ‬هو‭ ‬بحرى،‭ ‬والغشيم‭ ‬قال‭ ‬نهر،‭ ‬تقبل‭ ‬ولا‭ ‬تبحر،‭ ‬كاسح‭ ‬أيا‭ ‬عم‭ ‬ولا‭ ‬منجر،‭ ‬ولا‭ ‬القلوع‭ ‬طفطفة‭ ‬ومرسال،‭ ‬والبر‭ ‬سند‭ ‬الغشيم‭ ‬لو‭ ‬عام‭ ‬أو‭ ‬هام،‭ ‬يدوب‭ ‬على‭ ‬الحد،‭ ‬وما‭ ‬يقدر‭ ‬على‭ ‬نزول‭ ‬البحر‭ ‬إلا‭ ‬أبو‭ ‬قلب‭ ‬عشَّاق‭.‬

متحدر‭ ‬من‭ ‬الأزل‭ ‬صوب‭ ‬الأزل،‭ ‬كأنما‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬مهبطه‭ ‬والبشر‭ ‬صنيعه،‭ ‬وقد‭ ‬رأيته‭ ‬هناك‭ ‬على‭ ‬دولابه‭ ‬يشكل‭ ‬من‭ ‬الطين‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬الطير‭ ‬فيكون‭ ‬طيرا،‭ ‬يشكل‭ ‬من‭ ‬الطين‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬الحيوان‭ ‬فيصير‭ ‬حيوانا،‭ ‬و‭ ‬يعجن‭ ‬من‭ ‬الطين‭ ‬بشرا‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬والأطفال‭ ‬والعجائز‭ ‬فيصبحون‭ ‬بشر‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬ونبتها،‭ ‬رأيته‭ ‬هناك‭ ‬على‭ ‬جزيرته‭ ‬يفاضل‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الطين‭ ‬والرمل،‭ ‬فيخلط‭ ‬ماء‭ ‬بتراب‭ ‬الأرض‭ ‬مباركا‭ ‬بلمسة‭ "‬رع‭" ‬وحابى‭ ‬السمين‭ ‬بأثدائه‭ ‬يقرب‭ ‬بهدوء،‭ ‬و‭"‬خنوم‭" ‬يساوى‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬بشر‭ ‬وطير‭ ‬وحيوان،‭ ‬ويمرر‭ ‬هواء‭ ‬فى‭ ‬مجمرة‭ ‬الشمس،‭ ‬فتقوم‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬أقدامها‭ ‬نابضة‭ ‬بالجرى‭ ‬والعرق،‭ ‬فيهتف‭ "‬حابى‭" ‬بهدوء‭ ‬الحكمة‭ ‬الرخيم‭ ‬وهو‭ ‬يشير‭ ‬للحياة‭: ‬لى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬نصيب‭ ‬وقدر‭.‬

شريك‭ ‬وشاهد‭ ‬م‭ ‬الحياة‭ ‬للممات،‭ ‬أقرب‭ ‬من‭ ‬خطفة‭ ‬رجلك‭ ‬يا‭ ‬خل‭ ‬حتى‭ ‬الجزاير،‭ ‬فى‭ ‬الغنا‭ ‬الموال‭ ‬سماوى،‭ ‬ودق‭ ‬الكف‭ ‬فوق‭ ‬الجرف‭ ‬غيه،‭ ‬وجرون‭ ‬مفرودة‭ ‬بين‭ ‬الجبال،‭ ‬وشال‭ ‬بالروايح‭ ‬مهفهف‭ ‬فوق‭ ‬العمة،‭ ‬والعصا‭ ‬ميزان‭ ‬ومخايلة،‭ ‬أدى‭ ‬العجب،‭ ‬والأعجب‭ ‬ضحكة‭ ‬النهر‭ ‬بين‭ ‬الشطوط،‭ ‬وخطوط‭ ‬فى‭ ‬الأرض،‭ ‬ولا‭ ‬خطوط‭ ‬على‭ ‬الكف،‭ ‬اتعلم‭ ‬واقرا‭ ‬الهوى‭ ‬بالشين،‭ ‬السين‭ ‬عيب،‭ ‬والقسم‭ ‬فوق‭ ‬الجبين،‭ ‬خطوط‭ ‬وعيون‭ ‬ولعب‭ ‬المراكب‭ ‬وعوم‭ ‬فى‭ ‬الفجارى،‭ ‬قاصد‭ ‬نومة‭ ‬البحر،‭ ‬ولا‭ ‬قاصد‭ ‬الفتاح،‭ ‬يا‭ ‬نسيم‭ ‬طايب‭ ‬والهوى‭ ‬بالشين،‭ ‬تجلى‭ ‬وسكر‭ ‬فى‭ ‬حضرة‭ ‬المحبوب،‭ ‬غنى‭ ‬يا‭ ‬ولد‭ ‬وخلى‭ ‬الموال‭ ‬سماوى،‭ ‬إن‭ ‬كنت‭ ‬ناوى،‭ ‬ولا‭ ‬العشق‭ ‬مش‭ ‬بالنية،‭ ‬خمّر‭ ‬ورص‭ ‬من‭ ‬تانى‭ ‬واخطف‭ ‬القول‭ ‬ربانى،‭ ‬دا‭ ‬العشق‭ ‬ربانى،‭ ‬أنا‭ ‬اللى‭ ‬قلت‭ ‬الهوى‭ ‬سماوى‭.‬

بحر‭ ‬وجبل‭ ‬وشريط‭ ‬ضيق‭ ‬يحمل‭ ‬من‭ ‬البراح‭ ‬وسع‭ ‬الكون،‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الصخر‭ ‬قدت‭ ‬بيوت‭ ‬المعابد‭ ‬والكنائس‭ ‬والمساجد،‭ ‬وارتفعت‭ ‬فوق‭ ‬بسط‭ ‬الأرض‭ ‬أهرامات‭ ‬ومسلات‭ ‬وأبراج‭ ‬ومآذن،‭ ‬وتطاول‭ ‬نخيل‭ ‬بالظل‭ ‬والبلح‭ ‬وربط‭ ‬الهوى‭ ‬بين‭ ‬جريده،‭ ‬وشبرين‭ ‬خضار‭ ‬ساوت‭ ‬فدادين‭ ‬بالرضا‭ ‬والقناعة‭ ‬وحسب‭ ‬التقاويم‭ ‬وتقتير‭ ‬الزمن‭ ‬لحكمة‭ ‬مصفاة‭ ‬قطرتها‭ ‬الخبرة‭ ‬وطول‭ ‬التجارب،‭ ‬وعيل‭ ‬يجرب‭ ‬رجفة‭ ‬الرجولة‭ ‬الأولى‭ ‬أمام‭ ‬سيده‭: ‬النيل‭. ‬يشهده‭ ‬بذرة‭ ‬الرجولة‭ ‬التى‭ ‬رميت‭ ‬قلفتها‭ ‬حين‭ ‬الطهارة‭ ‬متوسطة‭ ‬رغيف‭ ‬العيش‭ ‬الشمسى،‭ ‬كأنما‭ ‬لحم‭ "‬رع‭" ‬لإله‭ ‬الخصوبة‭ "‬حابى‭"‬،‭ ‬وبنت‭ ‬جافى‭ ‬النيل‭ ‬خطوها‭ ‬إذ‭ ‬أدركتها‭ ‬الدورة،‭ ‬فاستحيت‭ ‬أن‭ ‬تعلمه‭ ‬ببلوغها،‭ ‬وفى‭ ‬الثانية‭ ‬تذكرت‭ ‬القسم‭ ‬القديم‭: ‬بأنى‭ ‬لم‭ ‬ألوث‭ ‬النيل‭. ‬فى‭ ‬محكمة‭ ‬أوزير‭ ‬الأبدية،‭ ‬لكنهما‭ ‬سيشهدانه‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬على‭ ‬العقد‭ ‬المقدس،‭ ‬حين‭ ‬الزواج،‭ ‬والغناء‭ ‬الدائر‭ ‬حولهما‭: ‬شاهد‭ ‬يا‭ ‬أبو‭ ‬العيون‭ ‬جنة‭.‬

رأيته‭ ‬هادرا‭ ‬غادرا،‭ ‬خطاف‭ ‬الأحبة،‭ ‬يا‭ ‬نيل‭ ‬ما‭ ‬أتعسك‭ ‬من‭ ‬نيل،‭ ‬لما‭ ‬تدور‭ ‬خطوتك‭ ‬ويهد‭ ‬التعب‭ ‬مشاورك،‭ ‬فتدور‭ ‬ع‭ ‬البشر‭ ‬تاخد‭ ‬ضحيتك،‭ ‬قلتَ‭: ‬لى‭ ‬نصيب‭ ‬وقدر‭. ‬ف‭ ‬ليه‭ ‬تترصد‭ ‬الفتيان‭ ‬والعذارى‭ ‬الأبكار،‭ ‬خطوتك‭ ‬فى‭ ‬الغدر‭ ‬مرذولة،‭ ‬غنيت‭ ‬فى‭ ‬جزايرك‭ ‬ولا‭ ‬بكيت‭ ‬من‭ ‬جرايرك،‭ ‬ما‭ ‬أخبثك،‭ ‬ذريعتك‭ ‬الغفلة‭ ‬ولا‭ ‬شهوة‭ ‬الروح‭ ‬أشد،‭ ‬يا‭ ‬فايت‭ ‬بين‭ ‬البلاد‭ ‬خلى‭ ‬الخطاوى‭ ‬بشويش،‭ ‬بالوجه‭ ‬البشوش‭ ‬بشويش،‭ ‬البشر‭ ‬أضعف‭ ‬م‭ ‬الحزن‭ ‬لما‭ ‬تكون‭ ‬سببه،‭ ‬ونخلة‭ ‬الحزن‭ ‬بالجذور‭ ‬ضاربة،‭ ‬والحنين‭ ‬بشويش،‭ ‬فلا‭ ‬تفجع‭ ‬البلاد‭ ‬بنقص‭ ‬أو‭ ‬نحر‭ ‬أو‭ ‬غرق،‭ ‬وهات‭ ‬الطمى‭ ‬صافى،‭ ‬كما‭ ‬صفو‭ ‬البلاد‭ ‬وقت‭ ‬الحصاد،‭ ‬ومركب‭ ‬بالدلع‭ ‬ملاوعة،‭ ‬تلاعب‭ ‬الريح‭ ‬والطياب‭ ‬خيال،‭ ‬فلا‭ ‬تشندل‭ ‬قلوعها‭ ‬،‭ ‬وخلى‭ ‬القلوع‭ ‬مفرودة‭ ‬ع‭ ‬الخير،‭ ‬باب‭ ‬وبيت‭ ‬وخلا‭ ‬واسع،‭ ‬وباط‭ ‬النيل‭ ‬نسمة‭ ‬العجب‭ ‬يا‭ ‬أبو‭ ‬العجايب‭.‬

شريك‭ ‬أساسى‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭ ‬التى‭ ‬نبتت‭ ‬على‭ ‬ضفافه،‭ ‬شراكة‭ ‬القلم‭ ‬والورق،‭ ‬وكتابة‭ ‬ما‭ ‬بعدت‭ ‬عن‭ ‬مداد‭ ‬مياهه‭ ‬وحكاياته،‭ ‬هو‭ ‬الحضور‭ ‬الدائم‭ ‬والقائم،‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬القتل‭ ‬هو‭ ‬ستر‭ ‬الفضائح‭ ‬والجرائم‭ ‬والتكتم‭ ‬العميق،‭ ‬لكنه‭ ‬بوابة‭ ‬السحر‭ ‬المفتوحة‭ ‬على‭ ‬جنان‭ ‬الخيال،‭ ‬زرقته‭ ‬تلك،‭ ‬تغضن‭ ‬سطح‭ ‬الحرير،‭ ‬حرير‭ ‬الماء‭ ‬عند‭ ‬مداعبة‭ ‬النسيم،‭ ‬أو‭ ‬طيش‭ ‬ذراع‭ ‬طفل‭ ‬تتهجى‭ ‬مبادئ‭ ‬العوم‭ ‬وشهوة‭ ‬العد،‭ ‬وألعاب‭ ‬صغيرة‭ ‬وسنارة‭ ‬مطعومة‭ ‬بالعجين‭ ‬والديدان‭ ‬لسمك‭ ‬يأتى‭ ‬طائعا‭ ‬لرزق‭ ‬يستر‭ ‬بطونا‭ ‬وأبدانا،‭ ‬هو‭ ‬الواحد‭ ‬المفرد‭ ‬للجميع،‭ ‬هو‭ ‬الجمع‭ ‬حين‭ ‬التفرد‭ ‬وغناء‭ ‬التغزل‭ ‬لفتى‭ ‬خجول‭ ‬كنى‭ ‬عن‭ ‬الحبيب‭ ‬حتى‭ ‬أدركته‭ ‬الجرأة‭ ‬فهتف‭ ‬بالسر‭ ‬خاليا‭ ‬وهو‭ ‬يعد‭ ‬على‭ ‬راكية‭ ‬الحطب‭ ‬شاياً‭ ‬مدخناً،‭ ‬مخروطاً‭ ‬ومطبوخاً‭ ‬بمعلمة‭ ‬سيجارة‭ ‬مبللة‭ ‬تهب‭ ‬أنفاسها‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الجمر‭ ‬رأسا،‭ ‬فما‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬شيخ‭ ‬الجبل‭ ‬فى‭ ‬قبته‭ ‬وشموخ‭ ‬مقامه‭ ‬أن‭ ‬نزل‭ ‬إلى‭ ‬بره،‭ ‬وفرط‭ ‬شاش‭ ‬عمامته‭ ‬فوق‭ ‬ماء‭ ‬النهر‭ ‬الذى‭ ‬ابتسم‭ ‬تواطؤا‭ ‬وتفهما‭ ‬ليعبر‭ ‬الشيخ‭ ‬فى‭ ‬ظلمة‭ ‬ليلة‭ ‬عاصفة،‭ ‬فخفف‭ ‬النهر‭ ‬هياج‭ ‬موجه‭ ‬سامحا‭ ‬للشيخ‭ ‬أن‭ ‬يأتى‭ ‬بالغريب‭ ‬الملهوف‭ ‬فى‭ ‬البر‭ ‬الثانى‭ ‬لما‭ ‬حاشه‭ ‬الليل‭ ‬والموج‭ ‬فلجأ‭ ‬للنداء‭: ‬ياااااا‭ ‬معداوى‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة