نهر النيل
نهر النيل


هشام أصلان يكتب : مع النهر.. أول كل الأشياء

أخبار الأدب

الأحد، 19 سبتمبر 2021 - 10:57 ص

 

هشام‭ ‬أصلان

النيل‭ ‬صديق‭ ‬مشوار‭ ‬يومي‭ ‬لمسافة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬العمر‭. ‬سنوات‭ ‬كثيرة‭ ‬يبدأ‭ ‬الصباح‭ ‬بالخروج‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬إمبابة‭ ‬الموغل‭ ‬في‭ ‬الشعبية،‭ ‬حواري‭ ‬ثم‭ ‬شوارع‭ ‬جانبية‭ ‬ورئيسية،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬وجه‭ ‬إمبابة‭ ‬المطل‭ ‬على‭ ‬الشاطئ،‭ ‬ودخول‭ ‬تدريجي‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الأعلى‭ ‬اجتماعيًا،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬حي‭ ‬العجوزة،‭ ‬حيث‭ ‬مدرسة‭ ‬شهيرة‭ ‬دخلتها‭ ‬طفلًا‭ ‬وخرجت‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬المراهقة‭. ‬تقطع‭ ‬السيارة‭ ‬الفولكس‭ ‬القديمة،‭ ‬يقودها‭ ‬أبي،‭ ‬الطريق‭. ‬على‭ ‬اليسار‭ ‬أشجار‭ ‬ضخمة‭ ‬ومشاتل‭. ‬وعلى‭ ‬اليمين،‭ ‬وبعدما‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬تركنا‭ ‬كوبري‭ ‬إمبابة‭ ‬بتصميمه‭ ‬المذهل،‭ ‬لن‭ ‬نفوّت‭ ‬أبدًا‭ ‬النظر‭ ‬ناحية‭ ‬مطعم‭ ‬‮«‬نعمة‮»‬‭ ‬لعله‭ ‬ليس‭ ‬مزدحمًا‭ ‬فنأخذ‭ ‬منه‭ ‬شيئًا،‭ ‬بجانبه‭ ‬أشهر‭ ‬نافذة‭ ‬منزل‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الثقافة‭ ‬المصرية‭. ‬‮«‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬ساكن‭ ‬هنا‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬أتذكر‭ ‬عدد‭ ‬المرات‭ ‬التي‭ ‬قالها‭ ‬أبي،‭ ‬لكنني‭ ‬أتذكر‭ ‬إنني‭ ‬منذ‭ ‬عرفت‭ ‬لم‭ ‬أفوت‭ ‬مرة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أنظر‭ ‬إلى‭ ‬النافذة‭ ‬لربما‭ ‬كان‭ ‬مطلًا‭ ‬يسقي‭ ‬الزرع‭ ‬الذي‭ ‬تراصت‭ ‬أصصه‭ ‬الصغيرة‭ ‬أسفل‭ ‬السور‭ ‬مباشرة‭. ‬للأسف‭ ‬رحل‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أراه‭ ‬مرة‭.‬

في‭ ‬أحد‭ ‬الصباحات،‭ ‬وكنا‭ ‬سمعنا‭ ‬أن‭ ‬شيريهان‭ ‬افتتحت‭ ‬محلًا‭ ‬لبيع‭ ‬الملابس،‭ ‬شاورت‭ ‬أمي‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬المحلات‭ ‬المكتوب‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬شريهان‭ ‬بالإنجليزية‮»‬،‭ ‬وأكدت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المحل‭ ‬الذي‭ ‬سمعنا‭ ‬به‭. ‬سألتها‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬تأكدها،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تعرف‭ ‬مثلًا‭ ‬أن‭ ‬الفنانة‭ ‬المشهورة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬حي‭ ‬العجوزة‭. ‬قالت‭ ‬أمي‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬أي‭ ‬معلومة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬لكنها‭ ‬متأكدة‭ ‬أن‭ ‬نوع‭ ‬الخط‭ ‬الذي‭ ‬كتبت‭ ‬به‭ ‬لافتة‭ ‬المحل‭ ‬يشبه‭ ‬ذوق‭ ‬شيريهان‭ ‬التي‭ ‬نعرفها‭.‬

وعلى‭ ‬النهر‭ ‬أخذت‭ ‬صورتي‭ ‬الأولى‭ ‬بالزي‭ ‬المدرسي،‭ ‬التقطها‭ ‬أبي‭ ‬بكاميرا‭ ‬ماركة‭ ‬‮«‬ياشكا‮»‬‭ ‬كان‭ ‬يحبها‭. ‬ضاعت‭ ‬من‭ ‬أخي‭ ‬الأصغر‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬رحلاته،‭ ‬وجلست‭ ‬على‭ ‬شاطئه‭ ‬مع‭ ‬أبي‭ ‬في‭ ‬المرة‭ ‬وحيدة‭ ‬شاهدته‭ ‬فيها‭ ‬يصطاد‭ ‬السمك‭ ‬بسنارة‭ ‬وعيت‭ ‬على‭ ‬الدنيا‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬وظلت‭ ‬حتى‭ ‬تركنا‭ ‬إمبابة‭. ‬كان‭ ‬يحب‭ ‬الصيد،‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬يعلم‭ ‬الصبر،‭ ‬وأنا،‭ ‬حتى‭ ‬وقت‭ ‬قريب،‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬بالضبط‭ ‬ميزة‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬الواحد‭ ‬الصبر‭. ‬كلما‭ ‬تذكرت‭ ‬وقائع‭ ‬اليوم‭ ‬يخيل‭ ‬إلي‭ ‬أن‭ ‬بعضها‭ ‬ليس‭ ‬حقيقيًا،‭ ‬وأن‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬خيال‭ ‬أتى‭ ‬إلى‭ ‬رأسي‭ ‬واستقر‭ ‬فيها‭ ‬كواقع‭. ‬يومها‭ ‬بدأ‭ ‬اليوم‭ ‬برحلة‭ ‬إلى‭ ‬حديقة‭ ‬الأورمان،‭ ‬كنت‭ ‬أنا‭ ‬وهو‭ ‬وحدنا،‭ ‬ولولا‭ ‬صعوبة‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬لكنت‭ ‬متأكدًا‭ ‬الآن‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يحفر‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬دود‭ ‬صغير‭ ‬يصلح‭ ‬طُعمًا‭ ‬للأسماك‭. ‬وفي‭ ‬طريق‭ ‬العودة‭ ‬ركن‭ ‬السيارة‭ ‬ونزلنا‭ ‬منحدر‭ ‬الشاطئ‭ ‬لمكان‭ ‬يصلح‭ ‬للجلوس،‭ ‬وراح‭ ‬يشبك‭ ‬الدودة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬السنارة‭ ‬ويلقي‭ ‬بخيطها‭ ‬في‭ ‬الماء‭ ‬وينتظر،‭ ‬ثم‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬سدادة‭ ‬خفيفة‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الخيط‭ ‬تظل‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬المياه،‭ ‬ويقول‭ ‬إن‭ ‬حركتها‭ ‬يمينًا‭ ‬أو‭ ‬يسارًا‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬شيئ،‭ ‬ولكن‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬الحركة‭ ‬لأسفل‭ ‬وأعلى‭ ‬فيعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬سمكة‭ ‬تشد‭ ‬الخيط‭ ‬محاولة‭ ‬أكل‭ ‬الطعم،‭ ‬ويسحب‭ ‬السنارة‭ ‬فيخرج‭ ‬الخيط‭ ‬وفي‭ ‬نهايته‭ ‬سمكة‭ ‬بالفعل‭. ‬كررها‭ ‬خمس‭ ‬مرات‭ ‬بخمس‭ ‬سمكات‭ ‬صغيرة‭ ‬لا‭ ‬أتذكر‭ ‬مصيرها‭.‬

وفي‭ ‬النهر‭ ‬تعلم‭ ‬أبي‭ ‬وأعمامي‭ ‬السباحة،‭ ‬كانوا‭ ‬يعبرون‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬الكيت‭ ‬كات،‭ ‬عند‭ ‬مدخل‭ ‬إمبابة،‭ ‬وبين‭ ‬الزمالك‭ ‬عائمين،‭ ‬وكان‭ ‬لديهم‭ ‬قناعة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬أبناء‭ ‬إمبابة‭ ‬يجيدون‭ ‬السباحة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭. ‬السباحة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬أسهل‭ ‬حيث‭ ‬كثافة‭ ‬الملح‭ ‬تساعد‭ ‬الجسد‭ ‬أن‭ ‬يطفو،‭ ‬بينما‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬عذبة،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬طميه‭ ‬الذي‭ ‬يزيد‭ ‬صعوبة‭ ‬السباحة‭.‬

استيقظنا‭ ‬مرة‭ ‬لنجد‭ ‬أغلب‭ ‬بيوت‭ ‬الكيت‭ ‬كات‭ ‬وقد‭ ‬توحدت‭ ‬باللون‭ ‬الأبيض‭. ‬قال‭ ‬أحدهم‭ ‬إن‭ ‬الحكومة‭ ‬تحاول‭ ‬تحسين‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬سكان‭ ‬حي‭ ‬الزمالك‭ ‬الأرستقراطي‭ ‬على‭ ‬الضفة‭ ‬الأخرى‭ ‬للنهر،‭ ‬وكي‭ ‬يطلون‭ ‬على‭ ‬مشهد‭ ‬جميل‭ ‬لبيوت‭ ‬الكيت‭ ‬كات،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يهم‭ ‬ما‭ ‬بداخل‭ ‬هذه‭ ‬البيوت،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تداريه‭ ‬وراءها‭ ‬من‭ ‬شوارع‭ ‬خلفية،‭ ‬وحياة‭. ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬لنا،‭ ‬أبناء‭ ‬إمبابة،‭ ‬شيء‭ ‬لطيف‭ ‬من‭ ‬حظ‭ ‬أهل‭ ‬الزمالك،‭ ‬حيث‭ ‬شارع‭ ‬أبو‭ ‬الفدا‭ ‬مساحة‭ ‬كبيرة‭ ‬لنزق‭ ‬مراهقتنا،‭ ‬مانحًا‭ ‬إيانا‭ ‬أول‭ ‬الفرص‭ ‬وأجملها‭ ‬للجلوس‭ ‬مع‭ ‬حبيبات‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬وفق‭ ‬أفضل‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الجلسات‭ ‬وأقلها‭ ‬تكلفة،‭ ‬فلا‭ ‬يحتاج‭ ‬الواحد‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يستقل‭ ‬معدية‭ ‬تعبر‭ ‬النيل‭ ‬بين‭ ‬الكيت‭ ‬كات‭ ‬والزمالك‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬دقيقة‭ ‬بعشرين‭ ‬قرشًا،‭ ‬ليجلس‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مساحة‭ ‬من‭ ‬سور‭ ‬الشاطئ،‭ ‬وجهه‭ ‬للمياه‭ ‬وظهره‭ ‬لعمارات‭ ‬الزمالك‭ ‬الفخمة،‭ ‬مستغرقًا‭ ‬مع‭ ‬شريكته‭ ‬في‭ ‬العواطف‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬صعوبات،‭ ‬ربما‭ ‬يمر،‭ ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬الأحوال،‭ ‬بائع‭ ‬ورد‭ ‬أو‭ ‬شاي،‭ ‬المسألة‭ ‬لن‭ ‬تتجاوز‭ ‬الخمسة‭ ‬جنيهات‭ ‬لقضاء‭ ‬جلسة‭ ‬هي‭ ‬أنسب‭ ‬ما‭ ‬يكون،‭ ‬موفرة‭ ‬للمرء‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬توفره‭ ‬أفخم‭ ‬الأماكن‭.‬

وأبناء‭ ‬إمبابة‭ ‬لم‭ ‬يقبلوا‭ ‬أن‭ ‬يسمى‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الجسور‭ ‬القريبة‭ ‬باسم‭ ‬حي‭ ‬آخر‭. ‬هنا‭ ‬فقط‭ ‬كوبري‭ ‬‮«‬إمبابة‮»‬‭ ‬الشهير،‭ ‬وهو‭ ‬أقرب‭ ‬للممر‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬الكوبري،‭ ‬يعبر‭ ‬النهر‭ ‬رابطًا‭ ‬بين‭ ‬حيي‭ ‬‮«‬روض‭ ‬الفرج‮»‬‭ ‬و»رملة‭ ‬بولاق‮»‬،‭ ‬وبين‭ ‬إمبابة‭. ‬يقولون‭ ‬أيضًا‭ ‬إنه‭ ‬ظل‭ ‬سنوات‭ ‬كثيرة‭ ‬الرابط‭ ‬الوحيد‭ ‬بين‭ ‬محافظات‭ ‬الوجه‭ ‬البحري‭ ‬وبين‭ ‬محافظات‭ ‬الصعيد،‭ ‬عبر‭ ‬قضبان‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية‭ ‬المارة‭ ‬في‭ ‬منتصفه‭. ‬له‭ ‬سقف‭ ‬معدني،‭ ‬فوقه‭ ‬دور‭ ‬ثان‭ ‬للمشاة،‭ ‬ومُحلّى‭ ‬بأنصاف‭ ‬دوائر‭ ‬كبيرة،‭ ‬يراها‭ ‬الناظر‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬أهلّة‭ ‬مرصوصة‭. ‬لم‭ ‬يُسمَ‭ ‬كوبري‭ ‬روض‭ ‬الفرج،‭ ‬ولا‭ ‬كوبري‭ ‬بولاق‭. ‬كان،‭ ‬ولا‭ ‬يزال،‭ ‬اسمه‭ ‬‮«‬كوبري‭ ‬إمبابة‮»‬‭. ‬وعندما‭ ‬جاءت‭ ‬مراهقتنا،‭ ‬كانت‭ ‬الحكومة‭ ‬شيدت‭ ‬جسرًا‭ ‬حديثًا‭ ‬موازيًا‭ ‬له،‭ ‬يؤدي‭ ‬نفس‭ ‬الغرض‭ ‬تقريبًا‭ ‬ولكن‭ ‬بتفريعات‭ ‬أكثر‭ ‬تذهب‭ ‬بك‭ ‬من‭ ‬إمبابة‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬محيطة‭ ‬بروض‭ ‬الفرج،‭ ‬وأطلقت‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬كوبري‭ ‬ساحل‭ ‬روض‭ ‬الفرج‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أبناء‭ ‬إمبابة‭ ‬لم‭ ‬يطلقوا‭ ‬عليه‭ ‬أبدًا‭ ‬سوى‭: ‬‮«‬الكوبري‭ ‬الجديد‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الكوبري‭ ‬نفسه‭ ‬الذي‭ ‬عبرت‭ ‬النيل‭ ‬فوقه‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬يسمح‭ ‬أبي‭ ‬وأمي‭ ‬لي‭ ‬بالخروج‭ ‬دونهما‭. ‬فقط‭ ‬أنا‭ ‬والأصدقاء‭ ‬وقليل‭ ‬من‭ ‬النقود‭ ‬تكفينا‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬النزهة‭ ‬على‭ ‬النيل‭.‬

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة