هجوم فيينا
هجوم فيينا


دراسة هامة تكشف شبكة الإخوان فى النمسا وأوروبا

أخبار الحوادث

الأحد، 19 سبتمبر 2021 - 02:59 م

مى‭ ‬السيد‭ ‬

‭..‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬أحد،‭ ‬وحقيقة‭ ‬لا‭ ‬ينكرها‭ ‬عاقل،‭ ‬أن‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬الإرهابية،‭ ‬هى‭ ‬الأكثر‭ ‬نفوذًا‭ ‬بين‭ ‬كافة‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭  ‬ليس‭ ‬لكونها‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬الأقدم‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬التنظيمات‭ ‬،‭ ‬ولكن‭ ‬بسبب‭ ‬النظام‭ ‬والأسلوب‭ ‬المعقد‭ ‬الذى‭ ‬تتبعه‭ ‬كافة‭ ‬أفرع‭ ‬الحركة‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬بلدان‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬جعل‭ ‬استئصالها‭ ‬أمنيًا‭ ‬أمرًا‭ ‬مستعصيًا،‭ ‬بدون‭ ‬الاستئصال‭ ‬الفكرى‭ ‬أولا،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬مفصلة‭ ‬عن‭ ‬نشأة‭ ‬الجماعة‭ ‬وتطورها‭ ‬وكيفية‭ ‬توغلها‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬الغربى‭ ‬للمفكر‭ ‬والكاتب‭ ‬الإيطالى‭ ‬لورينزو‭ ‬فيدينو‭ ‬الخبير‭ ‬فى‭ ‬الإسلاموية‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬الشمالية؛‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬تلك‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬أسلوب‭ ‬الجماعة‭ ‬يعتمد‭ ‬فى‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬–‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمجتمعات‭ ‬الغربية‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬الأسلمة‭ ‬التدريجية‭ ‬للمجتمع‭ ‬المتواجدة‭ ‬فيه،‭ ‬لكى‭ ‬تشكل‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬مجتمعًا‭ ‬إخوانيًا‭ ‬يحكم‭ ‬كافة‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭ ‬الخاصة‭ ‬والعامة‭ ‬لأعضائها،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تشكل‭ ‬كيانًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬طبقا‭ ‬للنظام‭ ‬الشامل‭ ‬والكامل‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم‭.‬

يشرح‭ ‬‮«‬فيدينو‮»‬‭ ‬فى‭ ‬دراسته‭ ‬كيفية‭ ‬هذه‭ ‬السيطرة‭ ‬الإخوانية‭ ‬ففى‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬تتوطن‭ ‬فيه‭ ‬هذه‭ ‬الحركة،‭ ‬تؤسس‭ ‬نقاباتها‭ ‬الخاصة‭ ‬وجمعياتها‭ ‬الطلابية‭ ‬وأطبائها‭ ‬وعمالها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬المصرفية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬يصعب‭ ‬بعدها‭ ‬على‭ ‬البلد‭ ‬المضيف‭ ‬التخلص‭ ‬منهم،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحوا‭ ‬جزءًا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬كيان‭ ‬المجتمع،‭ ‬الذى‭ ‬يحمل‭ ‬أعضاؤه‭ ‬جنسية‭ ‬البلد‭ ‬المضيف‭.‬

إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نتخذ‭ ‬بلدًا‭ ‬أوروبيًا‭ ‬كمثال‭ ‬لتنفيذ‭ ‬سياسات‭ ‬الجماعة‭ ‬التى‭ ‬تبدأ‭ ‬بالتخفى‭ ‬ثم‭ ‬التوغل‭ ‬لتصل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬السيطرة‭.. ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬النمسا‭ ‬هى‭ ‬البلد‭ ‬الوحيد‭ ‬تقريبًا‭ ‬الذى‭ ‬تمكن‭ ‬الإخوان‭ ‬من‭ ‬تطبيق‭ ‬أجندتهم‭ ‬حرفيًا‭ ‬فيها،‭ ‬وأصبحوا‭ ‬فاعلين‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬ويمتلكون‭ ‬منظمات‭ ‬وجمعيات‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬بالغ،‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الحكومى‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬امتد‭ ‬تأثيره‭ ‬ونفوذه‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبى‭.‬

وبينت‭ ‬الدراسة‭ ‬أنه‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1960‭ ‬ظهرت‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬فى‭ ‬النمسا،‭ ‬حيث‭ ‬نمت‭ ‬شبكاتهم‭ ‬وتطورت،‭ ‬وتكيفت‭ ‬تكتيكاتهم‭ ‬وتغيرت‭ ‬أولوياتهم‭..‬‭ ‬لقد‭ ‬أنتجوا‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬التابعة‭ ‬،‭ ‬والتى‭ ‬يلعب‭ ‬بعضها‭ ‬أدوارًا‭ ‬مركزية‭ ‬فى‭ ‬تطور‭ ‬الإسلام‭ ‬النمساوى‭. ‬وكان‭ ‬لهم‭ ‬دور‭ ‬أساسى‭ ‬فى‭ ‬نمو‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬النمسا‭.‬

وحتى‭ ‬نتعرف‭ ‬على‭ ‬كيفية‭ ‬توغلهم‭ ‬وتمكنهم‭ ‬تقريبا‭ ‬من‭ ‬النمسا،‭ ‬وكما‭ ‬تقول‭ ‬الدراسة؛‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإخوان‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭ ‬يتكونون‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬فئات،‭ ‬ويختلف‭ ‬ارتباطهم‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬الأم،‭ ‬حيث‭ ‬الفئة‭ ‬الأولى‭ ‬وتسمى‭ ‬‮«‬‭ ‬البيور‭ ‬برزر‮»‬‭ ‬وهى‭ ‬أعضاء‭ ‬الإخوان‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الذين‭ ‬هاجروا‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭ ‬وتوطنوا‭ ‬فيها،‭ ‬أما‭ ‬الفئة‭ ‬الثانية‭ ‬فهم‭ ‬أفراد‭ ‬تربطهم‭ ‬علاقات‭ ‬شخصية‭ ‬قوية‭ ‬بالإخوان‭ ‬ولكنهم‭ ‬يعملون‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬بمعزل‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬هيكل‭ ‬إخوانى،‭ ‬والفئة‭ ‬الثالثة‭ ‬وهى‭ ‬منظمات‭ ‬متأثرة‭ ‬بأفكار‭ ‬الإخوان‭ ‬أسسها‭ ‬أفراد‭ ‬مع‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬وقريبة‭ ‬جدا‭ ‬ايديولوجيا‭ ‬من‭ ‬الحركة‭ ‬الإخوانية،‭ ‬ولكن‭ ‬تنظيميًا‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬تشابه‭ ‬بينهم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

وكشفت‭ ‬الدراسة‭ ‬عن‭ ‬مفاجأة‭ ‬صادمة،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الفئات‭ ‬الثلاثة‭ ‬متواجدة‭ ‬تقريبًا‭ ‬فى‭ ‬النمسا‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬شبكة‭ ‬متطورة‭ ‬من‭ ‬الكيانات،‭ ‬والجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬والأكاديميات‭ ‬التعليمية‭ ‬والشركات،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬سلطة‭ ‬شبه‭ ‬موازية‭ ‬داخل‭ ‬الدولة،‭ ‬بفضل‭ ‬حصولهم‭ ‬على‭ ‬موارد‭ ‬كبيرة‭ ‬ومهارات‭ ‬تنظيمية،‭ ‬ليصبحوا‭ ‬محاورين‭ ‬متميزين‭ ‬للنخب‭ ‬الغربية‭ ‬داخل‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإسلامية‭ ‬الغربية‭.‬

ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬أصبح‭ ‬هناك‭ ‬منظمات‭ ‬نمساوية‭ ‬مرتبطة‭ ‬ببيئة‭ ‬الجماعة،‭ ‬هدفها‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الكيانات‭ ‬على‭ ‬أهداف‭ ‬ثابتة،‭ ‬ووصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬أصوات‭ ‬عديدة‭ ‬وكثيرة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمع‭ ‬السياسى‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الجماعة‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تجنب‭ ‬التطرف،‭ ‬وفى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬النجاح‭ ‬الانتخابى‭.‬

وبعد‭ ‬الأحداث‭ ‬الكبيرة‭ ‬الإرهابية‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ ‬كشفت‭ ‬الدراسة‭ ‬عن‭ ‬حدوث‭  ‬تناقض‭ ‬هائل‭ ‬بين‭ ‬أوساط‭ ‬السياسيين‭ ‬النمساويين‭ ‬للإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬وأيضا‭ ‬ممثلى‭ ‬الدولة،‭ ‬فمن‭ ‬ناحية‭ ‬هناك‭ ‬أصوات‭ ‬انتقادية‭ ‬للجماعة‭ ‬داخل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والأوساط‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬كما‭ ‬وصفت‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬النمساوية‭ ‬علنًا‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان؛‭ ‬بأنها‭ ‬تشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬لهم‭ ‬وللتماسك‭ ‬الاجتماعى‭ ‬للمجتمع‭ ‬النمساوى‭. ‬

فجوة‭ ‬أخرى‭ ‬سلطت‭ ‬دراسة‭ ‬المفكر‭ ‬والكاتب‭ ‬الإيطالى‭ ‬لورينزو‭ ‬فيدينو‭ ‬الضوء‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬المؤسسات‭ ‬وبعضها؛‭ ‬وهي‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات،‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬وكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬فى‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬يتم‭ ‬إطلاق‭ ‬يديها‭ ‬حول‭ ‬التنظيمات‭ ‬أو‭ ‬المجموعات‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ .. ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬فى‭ ‬النمسا‭ ‬يوجد‭ ‬تفويض‭ ‬واسع‭ ‬نسبيا‭ ‬للمخابرات‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بالنظر‭ ‬فى‭ ‬ملف‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬وشركاتها‭ ‬الفرعية‭ ‬المحلية،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬بنفس‭ ‬مفهوم‭ ‬نظرائها‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬أوروبا،‭ ‬ففى‭ ‬النمسا‭ ‬لا‭ ‬تشارك‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬معرفتها‭ ‬بالأوضاع‭ ‬مع‭ ‬الحكومات‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬طلب‭ ‬منها‭ ‬ذلك،‭ ‬وفى‭ ‬المقابل‭ ‬لا‭ ‬يكلف‭ ‬المسئولون‭ ‬الحكوميون‭ ‬عناء‭ ‬الاتصال‭ ‬بالاستخبارات‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تقييمهم،‭ ‬كما‭ ‬إن‭ ‬التباطؤ‭ ‬البيروقراطى،‭ ‬والعقبات‭ ‬القضائية،‭ ‬والمنافسات‭ ‬داخل‭ ‬الحكومة‭ ‬تسهم‭ ‬أيضا‭ ‬فى‭ ‬مشاكل‭ ‬هائلة‭ ‬فى‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭.‬

مخادعون

وحول‭ ‬ذلك‭ ‬يقول‭ ‬بهجت‭ ‬العبيدى‭ ‬الكاتب‭ ‬المصرى‭ ‬المقيم‭ ‬بالنمسا‭ -‬مؤسس‭ ‬الاتحاد‭ ‬العالمى‭ ‬للمواطن‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬الخارج‭- ‬أن‭ ‬الإخوان‭ ‬استطاعوا‭ ‬أن‭ ‬يخدعوا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدنى‭ ‬فى‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬هذا‭ ‬الذى‭ ‬أخذ‭ ‬فى‭ ‬الانكشاف‭ ‬بعد‭ ‬الضربة‭ ‬القوية‭ ‬التى‭ ‬وجهها‭ ‬الشعب‭ ‬المصرى‭ ‬وقيادته‭ ‬الحكيمة‭ ‬المتمثلة‭ ‬فى‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسى،‭ ‬حينما‭ ‬واجه‭ ‬الحرب‭ ‬القذرة‭ ‬التى‭ ‬شنتها‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬على‭ ‬مصر‭ ‬وشعبها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬وقيادتها،‭ ‬هنا‭ ‬استيقظت‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬للخطورة‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تواجهها‭.‬

وأضاف‭ ‬بهجت‭ ‬العبيدى؛‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التى‭ ‬كان‭ ‬تنشط‭ ‬فيها‭ ‬جماعات‭ ‬الإخوان‭ ‬بشكل‭ ‬ملفت،‭ ‬بل‭ ‬واتخذت‭ ‬منها‭ ‬مكانًا‭ ‬لتمركزها‭ ‬كانت‭ ‬دولة‭ ‬النمسا‭ ‬التى‭ ‬تعتبر‭ ‬مدينة‭ ‬جراتس‭ ‬عاصمة‭ ‬مقاطعة‭ ‬شتايرمارك‭ ‬المقر‭ ‬الرئيسى‭ ‬لجماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬ليس‭ ‬بالنمسا‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬فى‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تداول‭ ‬أنباء‭ ‬عن‭ ‬نقل‭ ‬المقر‭ ‬الرئيسى‭ ‬للجماعة‭ ‬من‭ ‬لندن‭ ‬إليها‭.‬

وذكر‭ ‬بهجت‭ ‬العبيدى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أسبابا‭ ‬جعلت‭ ‬جراتس‭ ‬بالنمسا‭ ‬مركزًا‭ ‬لنشاط‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬منها؛‭ ‬الوجود‭ ‬التاريخى‭ ‬للإخوان‭ ‬بها‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬يمتد‭ ‬لعشرات‭ ‬السنوات‭ ‬استطاعت‭ ‬خلالها‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬من‭ ‬تكوين‭ ‬كوادر‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬متعددة‭ ‬تقيم‭ ‬فى‭ ‬البلاد،‭ ‬إضافة‭ ‬للقوانين‭ ‬النمساوية‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تسمح‭ ‬لهم‭ ‬بالتمدد‭ ‬وإقامة‭ ‬النشاطات‭ ‬المختلفة‭ ‬التى‭ ‬تجند‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الأتباع،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تسللهم‭ ‬إلى‭ ‬العملية‭ ‬التعليمية،‭ ‬وقدرتهم‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬لهم‭ ‬بإقامة‭ ‬المساجد‭ ‬التى‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬تعليمى‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬جذب‭ ‬المسلمين‭ ‬الراغبين‭ ‬فى‭ ‬تعلم‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامى‭ ‬واللغة‭ ‬العربية،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬قانونى‭ ‬يسمح‭ ‬به‭ ‬الدستور‭ ‬النمساوى‭ ‬والقوانين‭ ‬النمساوية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لشبكة‭ ‬العلاقات‭ ‬التى‭ ‬نسجتها‭ ‬الجماعة‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬بالإضافة‭ ‬لدفعهم‭ ‬ببعض‭ ‬المرشحين‭ ‬فى‭ ‬الأحزاب‭ ‬المختلفة‭.‬

ولمواجهة‭ ‬خطورة‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وفى‭ ‬مقدمتها‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬اتخذت‭ ‬النمسا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬سن‭ ‬قانون‭ ‬جديد‭ ‬الإخوانى‭ ‬ليحل‭ ‬محل‭ ‬القانون‭ ‬القديم‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أقره‭ ‬الإمبراطور‭ ‬النمساوى‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬‮١٩١٢‬‭ ‬والذى‭ ‬ساوى‭ ‬بين‭ ‬المسلمين‭ ‬وبين‭ ‬أتباع‭ ‬الطوائف‭ ‬الدينية‭ ‬الأخرى‭ ‬فى‭ ‬مملكة‭ ‬الدانوب‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مؤسسة‭ ‬للمسلمين‭ ‬تعمل‭ ‬كمظلة‭ ‬لهم‭.‬

حيث‭ ‬منع‭ ‬القانون‭ ‬الجديد‭ ‬الدعم‭ ‬المالى‭ ‬للمنظمات‭ ‬والمساجد‭ ‬والجمعيات‭ ‬الإسلامية‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬كما‭ ‬منع‭ ‬استقدام‭ ‬الأئمة‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬النمسا،‭ ‬حيث‭ ‬اشترط‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬الأئمة‭ ‬تعليمهم‭ ‬فى‭ ‬المؤسسات‭ ‬النمساوية،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك،‭ ‬فى‭ ‬رأينا،‭ ‬هو‭ ‬بداية‭ ‬تجفيف‭ ‬منابع‭ ‬الإرهاب‭ ‬وبداية‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬انتشار‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬بالنمسا‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬حظر‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وفى‭ ‬مقدمتها‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬فى‭ ‬حربها‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬الذى‭ ‬ذاقت‭ ‬ويلاته‭ ‬النمسا،‭ ‬فى‭ ‬العام‭ ‬الماضى‭ ‬حينما‭ ‬تعرضت‭ ‬فيينا‭ ‬لضرب‭ ‬إرهابية‭ ‬أذهلت‭ ‬الشعب‭ ‬النمساوى‭ ‬المسالم‭.‬

كما‭ ‬تم‭ ‬إقرار‭ ‬قانون‭ ‬جديد‭ ‬يستهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬النمساوية‭ ‬لحظر‭ ‬أنشطة‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الإخوان،‭ ‬وكانت‭ ‬الحكومة‭ ‬النمساوية‭ ‬قد‭ ‬نشرت‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭ ‬‮«‬الخريطة‭ ‬الوطنية‭ ‬للإسلام‮»‬‭ ‬التى‭ ‬تحدد‭ ‬أسماء‭ ‬ومواقع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬600‭ ‬مسجد‭ ‬ومؤسسة‭ ‬وجمعية‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مسئولين‭ ‬وروابطهم‭ ‬المحتملة،‭ ‬والتى‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬إعدادها‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬جامعة‭ ‬فيينا‭ ‬ومركز‭ ‬توثيق‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسى‭.‬

جماعة‭ ‬محظورة

ومن‭ ‬ناحيته‭ ‬أكد‭ ‬محمود‭ ‬الأسيوطى‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الاتحاد‭ ‬العام‭ ‬للمصريين‭ ‬فى‭ ‬النمسا؛‭ ‬أن‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬جماعة‭ ‬محظورة‭ ‬فى‭ ‬النمسا‭ ‬بقرار‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬وأصبحت‭ ‬غير‭ ‬متواجدة‭ ‬نهائيا‭ ‬ككيان،‭ ‬وهم‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬يروجون‭ ‬لرواية‭ ‬تخلق‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬للتطرف،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدامها‭ ‬للضحية‭ ‬وتبرير‭ ‬العنف‭.‬

وتابع‭ ‬الأسيوطى؛‭ ‬‮«‬قبل‭ ‬حظر‭ ‬الاخوان‭ ‬وداخل‭ ‬الدوائر‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والسياسة‭ ‬الأوروبية‭ ‬والنمساوية،‭ ‬كانت‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬تتبع‭ ‬أسلوبًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬الخلاف‭ ‬والسياسة،‭ ‬وتجلس‭ ‬تلك‭ ‬الدوائر‭ ‬خلال‭ ‬أوقات‭ ‬النقاشات‭ ‬الحادة‭ ‬حول‭ ‬التطرف‭ ‬والهجرة‭ ‬الجماعية‭ ‬واندماج‭ ‬الإسلام‭ ‬فى‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬ومعرفة‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تشكل‭ ‬الجماعة‭ ‬تهديدًا‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬ولكن‭ ‬كانوا‭ ‬دائمًا‭ ‬بدون‭ ‬قرار‭.. ‬هذا‭ ‬الارتباك‭ ‬الذى‭ ‬يحدث‭ ‬فى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬سياسات‭ ‬متضاربة،‭.. ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬فهم‭ ‬طبيعة‭ ‬الأمور‭ ‬تم‭ ‬حظر‭ ‬الجماعة‭ ‬ومحاصرة‭ ‬كياناتها‭.‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة