إحدى سمات القادة العظام على مر التاريخ هو التفكير العميق فيما يمكن أن تجره عليهم الأحداث من أزمات، وبناء على التفكير العميق يخططون لحالات الأزمات التى يمكن أن تعرقل مسيرة ما يتم إنجازه كخطط، فلا شيء يترك للصدفة ولا شيء يمر دون ملاحظته ودراسته دراسة جيدة، وعندما يسير شيء على غير ما تم إعداده فإنهم مستعدون دائما للتحرك له سريعا بالخطط البديلة والسريعة لأنهم قد فكروا من قبل تفكيرا عميقا فى الأمر وما يحتمل أن يجره عليهم من أزمات متوقعة وغير متوقعة.
وكل قائد عظيم على مر التاريخ أدرك أن الأزمات هى الوضع الطبيعى لمسيرته فلا قيادة بلا أزمات، حتى أن أحد القادة العظام قال: «عجبت لحلم مر بى نائما دون أزمات»، والقيادة فى علم السياسة وإدارة الأزمات تعد بحد ذاتها أزمة، والاستمرار فيها أزمة مستمرة، ولا سبيل لمواجهة الأزمات سوى بالتعامل الواعى والسريع، الوعى بأسبابها بالدراسة الجيدة من كل جوانبها والتعامل السريع نحو فضها بالتعامل مع أسبابها ويمكن أن تحمله من خلفيات يمكن أن تظل معلقة.
وفى علم إدارة الأزمات هناك ما يسمى بفكر مكافحة الحرائق ويقصد به التعامل مع الأزمات المندلعة، أى غير المتوقعة، وأحد أهم طرق التعامل مع الأزمات غير المتوقعة هى التعامل بفكر «توقع الأزمة»، ويكون التساؤل بسيطا فى فكر توقع الأزمة ، ما الذى يمكن أن يحدث بشكل خطأ، وما الذى قد نفعله لو حدث هذا الأمر الخطأ؟
وحتى نكون أكثر تحديدا يكون التساؤل الذى لابد ألا يفلت منا « ما أسوأ شيء من الممكن أن يحدث فى الشهور الثلاثة أو الستة ، أو التسعة أو السنة المقبلة؟ وما الأزمات التى من المحتمل أن تحدث؟!. القيادة تعنى الاستعداد دائما لما يمكن ألَّا يحدث، فكل شىء يمكن أن يحدث، وبلا غضب أو تهور ولا فقدان للتوازن، والتعامل الجيد والسريع لفض احتقان الأزمات، فدائما لا وقت للانتظار لأن الأزمات لا تنتظر أحدا.