إعلانات الكبسولة السحرية و«طقطقة» العظام لبيع الوهم
إعلانات الكبسولة السحرية و«طقطقة» العظام لبيع الوهم


تحت رعاية قنوات بير السلم

إعلانات الكبسولة السحرية و«طقطقة» العظام.. تبيع الوهم

ريزان العرباوي

الإثنين، 20 سبتمبر 2021 - 12:46 م

تحت شعارات إعلانية خادعة للعلاج الطبيعى والعلاج بالأعشاب أو السر فى الكبسولة السحرية للرشاقة والعضلات المفتولة, يتم صناعة الوهم من خيوط الضباب وآمال البسطاء للشفاء لبيع السراب لضحايا تبحث عن الأمل, وقبل أن تصطدم بقطار الحقيقة كانت قد وقعت فى فخ استغلال الشركات المعلنة أو من يدعى المهنة.. وما زلت واقعة “سمكرى البنى آدمين” تخيم على الأجواء, ذلك الشخص الذى تمكن من خداع الكثير ومنهم مشاهير فى الفن واستغلالهم للترويج له ولأسلوبه لعلاج العظام “بالطقطقة”, لتفتح  ملف ضبط المنظومة الإعلانية والإعلان عن الطرق العلاجية المختلفة والمنتجات الدوائية غير المرخصة من وزارة الصحة.

بعد سقوط عدد من الفنانين ضحية “لسمكرى البنى آدمين”والذى تم القبض عليه مؤخرا من قبل السلطات المصرية بتهمة تزوير هويته الشخصية وممارسة المهنة دون ترخيص, واستغلاله للمشاهير لتحقيق مكاسب مالية والترويج لأنفسهم خلال فديوهات معهم أثناء الجلسة العلاجية والتى تخطت مشاهدتها الملايين على مواقع التواصل الاجتماعى, فهل يعتبر الفنان جانياً وشريكا فى عملية الغش التجارى التى تتم من خلال إعلانات لمنتجات مجهولة المصدر والهوية وتقع تحت طائلة قانون الغش والتدليس؟. أم أنه مجنى عليه ومجرد أداة فى عملية خداع ممنهجة تم استغلاله من قبل الجهة المعلنة باعتباره وسيلة جذب وتأثير مباشر على المستهلك مما يشجع على التمدد فى ثقافة التناول دون استشارة طبية, وبالتالى تحقيق عائد مالى كبير سواء للجهة المعلنة أو القنوات الفضائية التى تسمح ببيع فترات زمنية لتلك الإعلانات دون التحقق من تطابق المنتج للمواصفات العالمية للمنتجات الدوائية أو المكملات الغذائية المصرح بها.
استنكر أمير كرارة وهو أحد ضحايا “سمكرى البنى آدمين” توجيه اللوم له أو للفنانين, لافتا إلى أن خضوع الفنانين للعلاج عنده لا يعنى تعمد الترويج له وزيادة شهرته, وبادر بالدفاع عنهم وتورط بعضهم فى تلك الدعاية المزيفة لنشاطه, وأكد خلال مداخلة هاتفية لأحد البرامج التلفزيونية ضرورة توجيه اللوم للمختصين فى هذا الأمر لتركه يعمل لمدة 3 سنوات دون التحقق من هويته, قائلا: ليس من المنطق أن أطلب إظهار كارنية النقابة من كل طبيب أذهب إليه كما أننى لم أشارك فى نشر أى فديو معه أو كتابة “بوست” عن التجربة.
وقبل استطلاع آراء خبراء الإعلام, كان هناك جملة من التساؤلات فرضت نفسها على المشهد حول أسباب تأخر الجهات المعنية فى كشف تلك المخالفات, ولماذا تأتى التحذيرات متأخرة؟, وكيف تتم عملية ضبط المنظومة فى ظل عصر السموات المفتوحة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى,

وما هى الشروط الواجب على القنوات الفضائية الالتزام بها عند مناقشة وتقديم برامج عن الطب أو الترويج للمنتجات العلاجية, وما هى العقوبة القانونية لمن يخالف أخلاقيات المهنة؟.


«جريمة»

يقول د. سامى عبد العزيز أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: “للأسف الشديد أصبحت الخدمة الطبية خدمة سوقية يروج لها من خلال الإعلانات وهو لا يتفق مع مواثيق شرف المهنة,

فهناك قوانين صارمة تمنع الإعلان عن أى دواء إلا بموجب موافقة من قبل هيئة الدواء المعتمدة لأى دولة فى العالم, لأننا بصدد الحديث عن قضية فى منتهى الخطورة تمس حياة المواطنين, وبعض الأدوية قد تحتوى على مواد تسبب الإدمان قد يلجأ إليها الشباب تحت وهم الرياضة والرشاقة والعضلات أو الحيوية المصطنعة ليقضى على حياته ومستقبل أسرة بأكملها, ومخالفة تلك القوانين بالترويج لأى دواء دون الحصول على تصريح من وزارة الصحة يعد جريمة يحاسب عليها القانون, ولكن للأسف الشديد أمام فوضى الإعلانات لبعض القنوات الخاصة وبعض البرامج التى تشترى وقت وتستغل تلك الفترة الزمنية بملؤها بما يضمن لها الحصول على العائد المادى المطلوب, تتلاشى كل المبادئ, فتستضيف أطباء غير مصرح لهم لتعلن وتناقش قضايا طبية بعلاجات خاطئة وهنا تقع المسئولية فى المقام الأول على عاتق صاحب القناة الذى سمح بعرض هذا المحتوى غير القانونى, فاستضافة الأطباء فى البرامج التلفزيونية يخضع لشروط معينة حتى ولو كان طبيبا متخصصا فى مجاله,

فيجب التأكد من صحة أوراقة التى تثبت عضويته واعتماده من نقابة الأطباء وحصوله على تصريح بالحديث الإعلامى, واختيار المواضيع التى تهم الناس وتناولها بشكل علمى وبناء على دراسات معتمدة, لأن الصحة قضية حساسة وخاصة مع انخفاض المستوى التعليمى لدى بعض الشرائح المجتمعية,

فهؤلاء الأطباء غير المتخصصين أو من يدعى المهنة للمتاجرة بأحلام البسطاء فى الشفاء ببيع الوهم والسراب وتوجيه المواطن لاستخدام أدوية تحت مسمى العلاج الطبيعى والعلاج بالأعشاب وما شابه ذلك قد يؤدى إلى وبال صحى عليه وبالتالى على المجتمع, لذلك يجب تطبيق العقوبات اللازمة ومحاسبة المدعين ووقف تلك الإعلانات أو البرامج التلفزيونية التى تساهم فى الترويج لهم وتوجيه انذار للقناة وإذا ما تكررالأمر يتم الإغلاق التام لها, نفس الأمر ينطبق على المواقع الإلكترونية بإغلاق الموقع وقد تصل للعقوبة الجنائية.
ويضيف قائلا: “قد تكون واقعة “سمكرى البنى آدمين” الذى اشتهر بعلاج العظام عن طريق “الطقطقة” جرس إنذار لضرورة الإلتفات إلى خطورة القضية وحتى لا تأتى التحذيرات الوزارية متأخرة لاكتشاف تلك المخالفات, فكم من شخص وقع فى فخ هؤلاء المدعين, وأيضا تفتح قضية مهمة وهى الجهل لدى بعض الفنانين الذين يبحثون عن الشهرة والترويج لأنفسهم ليصبحوا أداة فى يد المعلن، والجهة المنتجة مقابل المكسب المادى دون النظر إلى أهمية المنتج أو أضراره, وهنا يأتى دور النقابات الفنية لوقف هذه المهازل لأن تأثير الفنان مؤثر سريع جدا”


«قنوات بير السلم»


وفى نفس السياق أكدت د. منى الحديدى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام, ضرورة الإلتزام بقوانين تنظيم الإعلانات خاصة المنتجات الطبية حتى لا يتم تعريض حياة المواطن للخطر, وتقول: “للوقوف أمام هذا الغش التجارى والترويج لمثل هذه الأدوية والإعلانات التى قد تقع تحت طائلة قانون الغش والتدليس التجارى يجب الإلتزام بمواثيق الشرف الإعلامية فهى مسئولية مشتركة مع الجهة التى تنتج الإعلان والجهة التى تذيعه,

فلابد وأن تشمل المحاسبة والعقوبة القانونية كلا الطرفين, وتلك القوانين والمدونات الأخلاقية موجودة منذ زمن بعيد,

ولكن المشكلة فى المتابعة من الجهات المختصة والتحرك بعد إذاعة الإعلان أو شهرة من يدعى مهنة الطب,

وهى مسألة يجب تداركها قبل فوات الآوان, فبعد إذاعة الإعلان يكون الخارج عن القانون قد حقق الإستفادة المطلوبة ووقع الضرر على الناس،

وهو ما يسمى بسياسة رد الفعل, فلا بد وأن يكون المنع وتفعيل القوانين ومواثيق الشرف قبل وقوع المحظور لوقف الفوضى الإعلامية والإعلانية. أما بالنسبة للعقوبات, فالقانون قد حدد العقوبة التى تتراوح بين الحبس والغرامة حسب حجم المشكلة والضرر الناتج عنها.

وأعتبر أى تجاوزات تتم فى هذا النطاق بالرغم من وجود قوانين لضبط المنظومة فهو شكل من أشكال الفساد والمتاجرة بحياة البشر,

خاصة وأن أى دولة متحضرة تمنع الإعلان عن الأدوية بأى شكل من الأشكال لأنه ضد حقوق الإنسان.
وتتابع قائلة: “الشهرة الزائفة التى اكتسبها الشخص الذى أطلق على نفسه “سمكرى البنى آدمين” أنا أحمل مسئوليتها الكاملة لمن تردد عليه,

وخاصة الشخصيات العامة من الممثلين والرياضيين, وأعتبرها قلة وعى وثقافة لدى البعض وهم فى نظرى لا يستحقون لقب فنان فتحولوا من محرك للوعى إلى شريك فى عملية نصب لا تغتفر”.
ويضيف: “يجب على هؤلاء الفنانين وكذلك القنوات الفضائية تحرى الدقة فى المحتوى المعلن عنه والتأكد من صحة المعلومات الموجهة للناس وهوية أى شخص قبل ظهوره إعلاميا

ومدى استحقاقه لأى لقب لتجنب خداع الجمهور, كذلك يجب التنبه لقنوات بير السلم مجهولة الهوية الى تبث سمها وتهدد وعى وصحة الملايين بإعلاناتها المضللة,

وضرورة تفعيل دور المصنفات الفنية والأجهزة الرقابية للحد من انتشارها, فالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يختص بالقنوات التى تبث داخل مصر ويمتلك سلطة تطبيق العقوبات عليها من وقف أو غلق أو غرامات فى حالة الخروج عن أخلاقيات المهنة”.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة