كلما تراءي للحكومة اتخاذ قرار أيا كان تجد نفسها وقعت في فخ صنعته بيدها لغياب الرؤية التي تسبق اتخاذ القرار

لا أدري لماذا تغيب الحقائق وتكون معلومة للبعض دون الآخر.. فمشهد الجزيرتين تيران وصنافير أخذ من اللغو أكثر من الحقيقة والأمر بسيط للغاية فتاريخ الجزيرتين كان أولي به أن يتم وضعه في كتب التاريخ التي تدرس لأولادنا في المدارس بأنهما تحت الإدارة المصرية وهما ملك للسعودية لأسباب إقليمية وأمنية وحروب بين مصر وإسرائيل بدأت منذ عام ٤٨ واستمرت حتي عام ١٩٧٣.
لكن للأسف الحكومات المتوالية لم تهتم بالأمر وتركته علي عواهنه حتي جاء يوم الفصل وحدث ما حدث من لغو وتشابك بالألفاظ ووقفات احتجاجية واختلاف النخبة والمثقفين فيما بينهم ما بين مؤيد ومعارض لقرار الحكومة.
الطريق المستقيم حكوماتنا توظفه وفق اتجاهاتها فتارة تقذفه ناحية اليمين وتارة أخري جهة اليسار وهذا ما سبب البلبلة بين الناس حتي الآن وأصبحت الحقيقة عصية علي المعرفة طالما أن هناك خرائط تاريخية وأحداثا تمت في المنطقة منذ بداية القرن العشرين طمست جانب الحقيقة ولم تحافظ عليه وتركته للأيام والظروف.
ماحدث نموذج لقضايا عديدة يحولها غياب الرؤية الحكومية لفخ كبير.. فكل الحكومات أعلنت علي مدار تاريخها ضرورة الاكتفاء الذاتي من زراعة القمح وكل حكومة تأخذ خطوة في هذا الاتجاه ثم تأتي حكومة أخري تؤخر قدما فنظل نستورد ما نحتاجه من القمح من دول العالم وترتفع فاتورة الاستيراد ويتحمل المواطن وحده عبء لقمة العيش.
هذا يحدث أيضا مع ملف تطوير التعليم والقضاء علي الدروس الخصوصية.. فحتي الآن لم يتم وضع أسس التطوير وكم من المؤتمرات التي عقدت تحت رعاية رؤساء الدولة المصرية علي مدار تاريخها من أجل هذا الأمر والنتيجة صفر لدرجة أننا خرجنا نبحث عن نظم التعليم في الدول النائية والتي ظروفها ونشأتها تختلف عنا. حقا لقد فقدنا بوصلة التخطيط والتفكير والبحث في أنفسنا وفي كيفية استخلاص التجارب مثلما فعل العالم وفق ظروفه. وإضافة ما يفيده من تجارب العالم.
نغمة القضاء علي الدروس الخصوصية تتردد كل عام وكل شهر وكل يوم وكل دقيقة بأن الدولة في طريقها لاستئصال هذا الوباء اللعين سواء بمجموعات التقوية أو بحملات التفتيش علي المراكز التعليمية وفي النهاية استمرت الدروس بل أن أوائل الثانوية العامة أجمعوا علي أن الدروس الخصوصية هي رقم واحد في تفوقهم مما أدي إلي استنزاف موارد الدولة والأسرة علي السواء.
غياب الرؤية عن التخطيط الحكومي هو سبب الأزمات التي تقع فيها الحكومات وسبب عدم ثقة المواطن فيها فإذا أضفنا غياب المعلومة ومدي مصداقيتها بما يؤكدها ويثبتها يجعل الحكومة في واد والناس في واد آخر وهذا ما حدث إزاء هذه الأحداث وليس ارتفاع سعر الدولار ببعيد فالناس علمت من تجاربها مع الحكومة انها لا تقدم روشتة اقتصادية عن سعر الصرف ولكنها تفقد الموارد النقدية أمام السوق الموازية التي تضارب علي الدولار فلا تجد الحكومة حلا سوي رفع السعر في البنوك أملا في جذب العملات الأجنبية من المواطنين ولكن هيهات فالسوق لا تعرف سوي من يدفع أكثر.
لا تلوموا الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ولوموا أنفسكم أنتم من صنعتم عدم الثقة فيكم وأنتم من صنعتم عدم إيمان الناس بأنكم تعرفون التخطيط الجيد الذي يخرج الناس من عنق الزجاجة وهو ما أدي بالرئيس إلي التأكيد علي الحكومة والأجهزة الوطنية بالقوات المسلحة بالحفاظ علي سعر السلع مهما ارتفع سعر الدولار لأنه سيرتفع مرات أخري لأن حكومتنا تتحرك بعقلية رد الفعل.