المشكلة الكبري التي تواجه برامج التوك شو أن المذيع يخلع رداء الحيادية في مناقشة القضايا ويتحول الي حكيم زمانه، خاصة إذا كانت القضية تمس الدولة

منذ ظهور برامج «التوك شو» علي شاشات التليفزيون المصري والفضائيات الخاصة.. لم تتغير وجوه مقدميها.. يتنقلون من قناة لأخري حسب اللي يدفع أكثر.. بعيدا عن المهنية.. بل من الممكن أن يغير عقيدته السياسية من أجل ذلك.. لدرجة أن الكثير منهم يعتبر البرنامج ملكا له.. يحكي.. ويتكلم.. ويبدي رأيه كيفما شاء.. وكلما حلت بالوطن مشكلة أو قضية، تصدي هؤلاء لها وأصبحوا بقدرة قادر خبراء في حلها، بدءا من مشكلة سد النهضة وانتهاء بجزيرتي تيران وصنافير.. الكل يدلي برأيه، سواء مؤيدا أو معارضا حسب توجه القناة وسياسة صاحبها.. بل هناك من يشعلل الأحداث ويصور للمشاهدين أن الوطن علي حافة الخطر وأنه يتنازل عن أجزاء من أرضه وحقه في نهر النيل.. ومن خلال هؤلاء تعرفنا علي كثير ممن يطلقون علي أنفسهم خبراء، فهذا خبير أمني.. وهذا استراتيجي وذاك إعلامي أو عسكري، ولا أدري من أطلق عليهم هذه المسميات.. بل إن البعض من هؤلاء يخرج من قناة لأخري في نفس اليوم ليتحدث عن نفس المشكلة، وكأن مصر أفلست ولم تعد تنجب.. هذه الوجوه سيطرت علي الإعلام المصري، وأصبحت تحركه حسب اتجاهها، ويقضون علي كل من يحاول أن يزاحمهم بسبب سيطرتهم علي سوق الإعلانات الذي ينتقل معهم من قناة لأخري.. وهل من المعقول أن يكون الكثير منهم صحفيا وإذاعيا وتليفزيونيا في نفس الوقت ويقدم برنامجا إذاعيا صباحيا وتليفزيونيا مسائيا وفي الوسط صحفيا؟!!.. وانضم إليهم الكثير من اللاعبين الذين اعتزلوا كرة القدم وبعد فشلهم في التدريب تحولوا إلي إعلاميين... وكل هؤلاء يعتمدون علي فريق الإعداد الذي يستمد أفكاره وأخباره من خلال الفيس بوك.. سواء كان خطأ أم صوابا يبحثون عن الإثارة بعيدا عن الموضوعية.. فهل كليات الإعلام التي انتشرت في كل مكان فشلت في تخريج أجيال جديدة تنافس الأجيال التي عفا عليها الزمن؟!!.. وهل التليفزيون المصري عجز عن صنع نجوم جديدة لبرامج التوك شو بدلا من النجوم التي تم حرقها في الكثير من البرامج؟!!.. فعبد انتهاء برنامج البيت بيتك في التليفزيون المصري، تفرق مقدموه الي القنوات الخاصة وسيطروا عليها، وعندما أراد أن يعيد البرنامج باسم آخر، فشل في صنع مذيعين جدد فلجأ إلي القدامي.
والمشكلة الكبري التي تواجه برامج التوك شو أن المذيع يخلع رداء الحيادية في مناقشة القضايا ويتحول الي حكيم زمانه، خاصة إذا كانت القضية تمس الدولة، يتحول إلي أسد يفترس كل ما يعترض آراءه..يقطع في أركان الدولة وأن كل من فيها فاسد.. لا يهمهم مصلحة البلاد.. بل يهمهم مصلحة «سيده» صاحب القناة الذي يدفع لهم الملايين سنويا.. وتناسوا جميعا كيف كان مرتبهم وهم يعملون في صحفهم.. ولكن بعد أن أصبحوا نجوم توك شو تحولوا الي أصحاب ملايين، يسكنون القصور والفلل.. أمثال هؤلاء سبب رئيسي في حالة الانهيار التي يمر بها الإعلام المصري الآن.. إنهم سبب الفتنة التي تدمر المجتمع.. وللأسف منهم من يحاول هدم ثوابت الدين، سواء باستضافتهم مدعي الإبداع أو كارهي الإسلام.. يناقشون قضايا عفا عليها الزمن.. يثيرون مشاكل تثير الفتنة في المجتمع.. أنا لا أستثني أحدا، بل جميعهم أصحاب مصالح يدافعون عنها باستماتة، لأنهم لو توقفوا ستعود عجلة الحياة للوراء وستمنع عنهم الملايين التي تدخل جيوبهم سنويا.
الختام: حسرتي علي كل زملكاوي.. وهو يشاهد فريقه وقد تحول الي عجزة يقودهم مدرب فاشل أتي به من لا يعرف الفرق بين كرة القدم وكرة اليد.. وهل تلعب علي ظهر الجمال أم في ملعب كرة قدم!!