قبل أن يبدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي لقاءه مع عدد من فئات الشعب المصري الأربعاء الماضي، لفت نظري من يتصدرون المشهد بجانب الرئيس في هذا اللقاء المهم، علي يمينه رئيس الحكومة وبجانبه وزير الخارجية وعلي يساره وزير الدفاع وبجانبه رئيس المخابرات العامة وبعده أستاذ القانون الدولي الدكتور مفيد شهاب، عناصر الدولة جميعها جالسين بجانب الرئيس وهم جميعا علي قلب رجل واحد حول القضية الأهم التي شغلت الرأي العام المصري في بداية الأسبوع الماضي وهي عودة جزيرتي تيران وصنافير للسيادة السعودية، هؤلاء الجالسون اجتمعوا ١٣ مرة علي مدار الأشهر الماضية، بحثوا ونقبوا وسألوا الجميع ومعهم أجهزة الدولة المختلفة، ليبحثوا عن وثيقة واحدة، فقط واحدة تثبت أن الجزيرتين مصريتان، وفشلوا ولم يجدوا إلا وثائق تؤكد أحقية السعودية في السيادة علي الجزيرتين، واستمرت اجتماعاتهم حتي وصول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لمصر لعلهم يجدون ما يبحثون عنه ولكن لم يفلحوا، فكان القرار بأحقية السعودية في الجزيرتين.
منظومة الحق التي يطالب بها الجميع، مبنية علي الشجاعة في المطالبة بحقوقك، وعلي التوازي تكون الشجاعة في الاعتراف بحقوق الآخرين وإعطائهم هذا الحق، تلك هي منظومة الحق التي يتبناها الذين حصلوا علي توكيل من الوطنية وباقي الناس هم في صفوف الخونة وبدون ضمير، استعلاء وطني هدفه في الأساس استنزاف ممنهج للشرعية التي تحكم مصر الآن خاصة وأنه باقٍ علي مدة الرئيس السيسي في منصبه ٧٩٥ يوما، فكان دائما وأبدا هناك تشكيك في الأداء والإنجاز الذي يحدث، هناك كثيرون يحاولون استغلال الأمر لتحقيق هدف أكبر هو النيل من الشرعية في مصر، تلك هي القضية ببساطة، وبوضوح، هناك نوايا طيبة وغيرة وطنية مستحبة ولكن للقليل وكثيرون لم يكن هدفهم وطني أو غيره علي مصر وإنما هو التصعيد ضد رأس الدولة، والتشكيك في الأداء والانجاز ذلك يصبح هدفا رئيسا لتصدير الإحباط للمواطن وعدم الرضا ثم تأتي مرحلة الرغبة في التغيير وهي المرحلة التي يريدون الوصول إليها، وما حدث هو بروفة لأحداث مماثلة قادمة كثيرة، هم يرسمون الخطط ويدفعون أنصارهم لتنفيذها ونحن نساعدهم دون أن ندري سواء علي مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت جزءا من تشكيل الرأي العام في مصر أو من خلال عملياتهم التي يقومون بها سواء كانت إرهابية أو اقتصادية أو اجتماعية، المهم هو التشكيك في كل أركان الدولة ليصلوا لهدفهم ومرادهم.
ويلعب الإعلام دورا مهما في هذه المرحلة، ليس فقط لتنوير المجتمع وكشف الحقائق وإنما لنقل الحقيقة كاملة للمجتمع وعدم الاعتماد علي الشائعات والمصالح الخاصة، فلو تعامل مقدمو البرامج وخاصة في القنوات الخاصة مع الدولة كما يتعاملون مع أصحاب هذه القنوات لارتاحوا وارتاح الشعب، ولكن هذا لا يحدث فالقنوات الخاصة أصبحت للأسف دولة داخل الدولة وكأنهم يعيشون في مملكة خاصة، خاصة في ظل غياب قانون ينظم العملية الإعلامية حيث ننفرد عن سائر دول العالم أننا الدولة الوحيدة التي ليس لها قانون ينظم الإعلام فيها، وهي سبب الكارثة الإعلامية التي نعيشها الآن ونحيا بداخلها، في دوامة لن تنتهي ولن تنتهي إلا لو احتكمنا لضمائرنا التي أصبحت غائبة وستظل الأيام القادمة خير دليل علي ما ذكرت.