أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل 

مصر وليبيا.. القادم أفضل

أسامة عجاج

الثلاثاء، 21 سبتمبر 2021 - 05:07 م

يكشف التحرك المصري الذي شهدته فعاليات الأسبوع الماضي، من خلال زيارات قيادات ليبية الي القاهرة، رئيس الوزراء عبدالحميد دبيبه، أو المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، ومعه اللواء خليفة حفتر، أن مصر – وخلال الفترة الأخيرة - أصبحت اللاعب الرئيسي والأهم علي الساحة الليبية، رغم حجم المصالح المتصارعة، لعدد من الدول الإقليمية والدولية،  حقيقة الأمر أن الأشهر الماضية، خاصة بعد انتخاب الملتقي السياسي الليبي كلا من محمد المنفي، ليكون علي رأس المجلس الرئاسي، وعبدالحميد دبيبة لرئاسة الوزراء في فبراير الماضي، شهد تطورًا نوعيًا في العلاقات بين البلدين، وظهر من خلال زيارة الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء في نهاية أبريل الماضي إلى العاصمة طرابلس، يرافقه ١١ وزيرا وهى الأولى لمسئول مصري على هذا المستوى إلى العاصمة، دون أن تتغير الأسس والعناوين الرئيسية للموقف المصري من الملف الليبي، والتي اكد عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي أكثر من مرة  . 

ويمكن رصد مسارين تكشف تصدر مصر للمشهد الليبي من خلال التحركات الأخيرة، الأول: علي الصعيد البيني، وهو أحد الوجوه المضيئة لها، في ظل رغبة وسعي وتفاهم وخطوات لتعزيز العلاقات علي المستوي الاقتصادي، وقد تحقق خلال تلك الفترة من خلال الاتفاق علي انعقاد أعمال اللجنة العليا المشتركة علي مستوي رئيسي وزراء البلدين، بعد توقف منذ عام ٢٠٠٩  ،وأثمرت عن توقيع ١٣ اتفاقية بقيمة تصل الي حوالي ١٩ مليار دولار، أهم ما فيها انها تتعلق بتنفيذ مشروعات محددة، تقوم بها شركات مصرية في مجال البنية التحتية، وطرق كهرباء ومياه، علي ان يكون مصرف ليبيا المركزي مسؤولا عن عمليات تمويل تلك المشروعات، مع وضع آليات تواجد العمالة المصرية بشكل مكثف في ليبيا، وقد تم الإعلان عنه ،علي لسان وزير العمل الليبي عن بدء استقبال بلاده لمليون عامل مصري خلال شهر اكتوبر القادم، مع دعوة الجانب الليبي  للاستثمار في مصر، من خلال أدواتها ومنها المؤسسة الليبية للاستثمار وصندوق الإنماء، ويهمني في هذا الشأن، التأكيد علي ان هذه الاتفاقيات ملزمة لطرفيها، بغض النظر عن انتهاء مهمة حكومة الوحدة الوطنية في ديسمبر القادم .

المستوي الثاني : التعامل مع مصر (كوسيط نزيه ومقبول) من كل الفرقاء الليبين، لإنهاء العديد من الأزمات والعقبات، أمام مسيرة استقرار ليبيا، وإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية، ولعلنا هنا لا نكشف عن جديد ،ان هناك اجواء مشحونة تحكم العلاقة بين المجلس الرئاسي، ومجلس النواب، وبين الحكومة وخليفة حفتر، والذي لم يجمعه لقاء مباشر وعلني مع الدبيبة  حتي الآن، في ظل رغبة كل طرف بضرورة الاعتراف بالآخر، دبيبة يطلب إقرار حفتر بوجوده كوزير للدفاع ،بالإضافة الي منصبه كرئيس للوزراء، والآخر يسعي الي تأكيد اعتباره قائدا للجيش الوطني الليبي من الحكومة ، خاصة وأنه يصدر قرارات ترقيات وتنقلات بين القادة، دون الرجوع الي أي جهة،  ناهيك عن الخلافات بين الحكومة ومجلس النواب، والذي مازال يتحفظ علي تمرير الموازنة، ويسعي أعضاؤه الي سحب الثقة من الحكومة،  وهو ماحدث بالفعل اليوم بعد بأغلبية ٨٩ نائبًا من اصل ١١٣ هم من حضروا الجلسة ، مما يحد من سلطات رئيس الوزراء ويجعل حكومة تصريف أعمال دون ان يدري احد نهاية تلك الأزمة ،

ولعل المأزق الأكبر الذي ظهر خلال الأيام الماضية، هي القاعدة الدستورية التي سيتم عليها الانتخابات القادمة في ديسمبر القادم إذا تمت، مجلس النواب توافق -رغم تحفظ بعض أعضائه – على مشروع، وقد رفض المجلس الأعلى للدولة ذلك الأمر.

وأشار في بيانه ان الاتفاق السياسي ينص علي التوافق بين الطرفين، ولم يكتفي بذلك بل اصدر هو الآخر القاعدة الدستورية وقانون انتخابات مجلس الأمة بغرفتيه مجلس النواب والشيوخ، وحقيقة الأمر ان كل تلك المناكفات تعود الي وجود خلاف جذري حول دور خليفة حفتر. في المرحلة القادمة، باعتباره احد المرشحين المحتملين للرئاسة، قانون مجلس النواب يسمح له بالترشح علي ان يستقيل قبل الانتخابات بثلاثة اشهر، ويعود الي منصبه، إذا لم يفز بالرئاسة، بينما مشروع المجلس الأعلى يشترط لترشح العسكريين الاستقالة، قبل مرور عامين عن الانتخابات، ولعل أهمية خطوة الانتخابات، انها تنهي مرحلة (شرعية الأمر الواقع في ليبيا) بعد انتهاء ولاية كل الهيئات المنتخبة، ومنها بالطبع مجلس النواب منذ عام ٢٠١٦ .

ومن هنا يأتي أهمية الدور المصري في الوساطة بين كل أطراف الصراع، وكان هذا عنوان التحركات المصرية الأسبوع الماضي، في ضرورة الوصول الي ارضية مشتركة للوصول الي الانتخابات، وتصبح الكلمة للشعب الليبي وحقه في اختيار قادته للمستقبل، ومصر جاهزة للتعامل مع اختيارات الشعب الليبي. 
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة