من الواضح ان الزمن لا يغير في الادوار من شيء.. يتضح هذا من علاقة الحكومة بالصحافة.. ستظل الحكومة تتشدق بحق الصحافة والاعلام في الحريات وتسير في الاتجاه المعاكس لكل هذا كل الوقت..
نجد الحكومة تفتح الباب لاستمالة الصحافة والاعلام لتحقيق اهدافها وتمرير قوانينها وقراراتها المؤلمة القاسية.. تدعو الصحفيين والاعلاميين لتشرح وتسوق فشلها في مواجهة الاحداث والازمات وبعد ان تنال غرضها تسحب منها كل الصلاحيات فقط لانها تتعارض مع قراراتها أو تكشف عجزها.. حتي تصبح الصحافة تحت طلب الحكومة حين تحتاج اليها.
شريف اسماعيل رئيس الوزراء يتشدق بحق الصحافة والاعلام في المراقبة.. ويؤكد علي استقلالها في بيان الحكومة امام مجلس النواب.. وفي الخفاء يجهض قانونها الذي أرتضته جميع الجهات الممثلة للصحافة والاعلام علي مدار أكثر من عام واصلوا الليل بالنهار ليتوافقوا علي قانون يعبر عن طبيعة مهنتهم ويحمي حقوق الشعب والعاملين بهذه المهنة.. قانون يواجه كل محاولات الحكومة في فرض قانون يحمي مصالحها وحدها تنقض فيه علي أصول المؤسسات الصحفية بالبيع والاستحواذ بحجة سداد ديون تراكمت علي مدار عشرات السنين.. قانون يجرد المؤسسات من جميع حقوقها ويحرم الشعب من حقه في المعرفة والتنوير.. باعتبار ان هذه المؤسسات مملوكة لها لتحمي مصالحها.. وفي نفس الوقت هي غير مسئولة عنها والوقوف بجوارها في تطوير مؤسساتها لتحقيق رسالتها السامية، بانها صحافة الشعب.
تجد علي مدار الشهور السابقة وزيرة التضامن الاجتماعي ترسل خطابات التهديد لرؤساء مجالس ادارات الصحف القومية لسداد ديون بالية أو الحبس.. والاكثر من ذلك تعرض الحصول علي أصول هذه المؤسسات ومبانيها الاثرية مقابل ديونهم..
نفس لعبة القط والفأر تلعبها الحكومة ناسية أو متناسية الزمن الذي تلعب فيه.. غير مدركة لحجم بل لهول الجرم الذي ترتكبه..
تجد النية مبيتة منذ ايام حكومة محلب حين اعلن ان اللجنة الوطنية لاعداد التشريعات الصحفية والاعلامية تأخرت في اصدار قانونها.. وان اللجنة الحكومية وضعت قانونها.. وبعد ما وجد الجميع يثور اضطر إلي التراجع وانتظار القانون الذي يتوافق عليه الجميع ليتم تقديمه بالفعل للحكومة.. والتوافق عليه مع حكومة محلب.. ليكون جاهزاً للعرض علي البرلمان.
ثم تأتي حكومة جديدة- شريف اسماعيل- ليعلن فيها المستشار مجدي العجاتي وزير مجلس النواب والشئون القانونية في اول مؤتمر صحفي بمجلس الوزراء انه لا يوجد قانون موحد للصحافة والاعلام.. وان ما ورد مجرد افكار.. لنعود إلي نقطة الصفر.. ومع كل لقاء لرئيس الوزراء يؤكد ان القانون يعرض قريبا جدا علي مجلس الوزراء، أي قانون يا رئيس الوزراء!!.. حتي انكشفت الامور باعداد قانون مغاير.. الحكومة تتلاعب وتمنح المهلة بعد المهلة علي وعد بلقاء وتشكيل لجان مع واضعي القانون الحقيقي، وتمر الشهور ليخرج علينا المستشار العجاتي بتصريح سبقه فيه رئيس وزرائه بأن الجماعة الصحفية لم تتفق علي قانون وان لجنة وزارة العدل- الحكومية.. تعكف حاليا علي صياغة مشروع قانون الصحافة والاعلام الجديد والانتهاء منه قريبا.
ورغم نفي العجاتي لهذه التصريحات.. واتخاذ الحكومة خطوات نحو إصدار القانون.. وعقد اجتماعات دورية مع أعضاء مجلس نقابة الصحفيين وممثلين عن لجنة الـ50.. وإعلان نقيب الصحفيين أن مجلس الوزراء سوف يستعرض مشروع القانون في جلسته الأربعاء القادم لإحالته للبرلمان.. إلا أنني أشك في ذلك.. ولا أثق في كلام الحكومة.. لأن النوايا تفضحها زلات اللسان.. وقد سبق وأن حظرت من تلاعب الحكومة بتشكيل لجان وعقد جلسات.. وقد صدق حدسي.. وأتمني ألا يصدق هذه المرة.. خاصة وأن في وزارة التخطيط لجنة تراجع أصول المؤسسات القومية وماسبيرو منذ حكومة محلب الذي أعلن أن المؤسسات غنية.. كل ما يشغل الحكومات علي مدار السنين الحصول علي اصول هذه المؤسسات.
الحكومة لا تتعلم الدرس ولن تتعلم.. فمنذ عام ١٩٩٥ حاولت اصدار قانون حبس الصحفيين وبعدها جاء التعديل ليظل الحبس والغرامة في انتظار عفو الرئيس في اللحظات الاخيرة.. وبذلك نظل رهن العقوبة او تدخل الرئيس.
الجماعة الصحفية التي اسقطت قانون الحبس بالاعتصام في النقابة وعقد الجمعيات العمومية اقوي من الحكومة ومن وزرائها وألاعيبهم التي لا تتوقف ولا تبغي الصالح العام..
ما نواجهه الآن من نية صريحة واضحة لتصفية المؤسسات القومية والقضاء علي حرية الصحفيين والنيل من حقوق الشعب في المعرفة والثقافة والتنوير . هي نية اغتيال الصحافة.. وتحتاج وقفة جادة وقوية تحتاج التكاتف والاستعداد للنضال من أجل الكرامة والحرية