يجب أن يكون ما يصدر عن الحكومة مقاسا بميزان الذهب وأن تكون بياناتها مباشرة تقول الحقيقة ولكن قبل ذلك عليها أن تختار الوقت والظرف المناسب

صحيح الفضائيات ومذيعو السبوبة عليها زودوها حبتين ثلاثة حول قضية جزيرتي صنافير وتيران اشعلوها نارا وولعوا في مصر حريقة واتهموا القيادات والحكومة بالخيانة والعمالة وبيع أرض مصر والتفريط في التراب الوطني وكلها بعد التحقيق والتمحيص صارت أكاذيب بعد أن اتضح أن السعودية تمتلكها بالوثائق والبراهين والمواثيق وترسيمات الحدود السابقة.
ولكن من الغريب حقا هو ذلك السكوت وتلك البيانات الغامضة التي أصدرتها الحكومة حول القضية والتي لم تقدم الردود القوية التي تبرر بها ما حدث وكأنها أسرار تصدرها في الظلام وتصدر لنا الاحساس أنها خائفة من المواجهة في قضية لا تستحق كل تلك الضجة عليها وأعتقد أن موقف الحكومة هذا هو الذي خلق تلك البلبلة الكبري فموضوع كهذا لا يصح أن يصحو الناس عليه ليفاجأوا أن ما كانت كتبنا ووسائل إعلامنا تقوله حول الجزيرتين من أنهما مصريتن قد صارتا سعوديتين فجأة وبدون سابق إنذار وهو ما كان يجب التمهيد له خاصة أن عمليات ترسيم الحدود بين الدولتين وقبل توقيع مذكرة التفاهم الأخيرة كانت تتولاها لجان واصلت عملها علي مدي سنوات سابقة عديدة قبل اعداد المذكرة التي علي ما أعتقد كان اختيار توقيتها أثناء زيارة جلالة الملك سلمان خادم الحرمين الشريفين لمصر غير مناسب، فقد جاءت تلك المعارضات وتضارب الآراء وحملة الفضائيات لتفسد في رأيي جزءا من فرحة الشعبين المصري والسعودي بالزيارة التاريخية لجلالة الملك وحجم الانجازات التي شهدتها خاصة في مجالات التعاون المشترك في كل المجالات.
علاقة مصر والسعودية هي علاقة أبدية لا تؤثر فيها «المنغصات» التي يسوقها مروجو الاشاعات عبر الفضائيات ولكن يجب أن تكون لدينا رؤية إعلامية واعية من جانب الحكومة في مسائل التعامل المشترك بيننا وبينهم حتي لا يسيء أحد لتلك العلاقات واعتقد انه كان سوء ادارة حكومية للأزمة .
الجزيرتان سعوديتان هذا ما يمكن للمسئولين ودارسي التاريخ ومؤرخيه والدبلوماسيين وللوثائق الدولية والعربية أن تثبته وتؤيده وتقره ولكن كان يجب أن نمهد لذلك بالشرح وإظهار ما يثبت هذا الكلام لان اجيالا منذ ثورة يوليو لا تعرف عنهما شيئا وللأسف بعض التزوير الذي شهدته كتب التاريخ في مدارسنا وما تقدمه للطلبة هو الذي يخلق تلك المواقف السخيفة فتلك الكتب والمناهج قدمت لابنائنا تاريخا يجب أن نعيد النظر فيه ومن الصعب الآن أن نقنعهم بعكس ما تربوا عليه وحفظوه حتي ولو كان كاذبا.
الحقيقة مواقف عديدة وقضايا شائكة تركت الحكومة الباب فيها مفتوحا للقيل والقال ولم تكن ردودها شافية لكل الاسئلة بل واحرجتنا ببياناتها سواء في موضوع قضية ريجيني أو موضوع الدولار وأخيرا في موضوع الجزيرتين.
ما أحوجنا إلي توحيد صورة الاعلام المصري الذي صار فرقا واشياعا يقدم مصلحته الشخصية علي مصلحة الوطن يقطعون أوصاله بلا رحمة يتهمون الناس بالخيانة والعمالة مع أن منهم من يخون الوطن ويطعنه في ظهره ويخرج علينا لابسا ثوب البراءة وهو ألد الأعداء لمصر.
إذا لم يكن من يتحدث إعلاميا باسم الحكومة أو من يتحدث إعلاميا باسم مصر علي قدر المسئولية فلنبحث عن آخرين لديهم القدرة علي ذلك وهناك من يمكنهم القيام بالمهمة ولنا في الدروس السالفة الكثير خاصة في حرب ١٩٧٣ والتمهيد لها وخطة الخداع الاستراتيجي.
الحكومة مطالبة أن تكون علي إدراك تام ووعي بما يدور حولنا وبإدراك أن هناك من يتصيدون لنا ويحولون كل شيء لمصلحتهم.