فجأة استيقظ العالم علي زلزال كبير يهز جدران نظم وبلدان، ويوجه أصابع الاتهام إلي رؤساء دول لا يزالون يحكمون ورؤساء سابقين ورؤساء وزارات حاليين وسابقين ونجوم كرة قدم، وشخصيات عامة معروفة في أكثر من مائتي دولة حول العالم. التهمة الموجهة إليهم هي التهرب الضريبي بالبحث عن «ملاذات ضريبية آمنة» عن طريق تهريب أموالهم إلي الخارج وتأسيس شركات عابرة للقارت في بنما.
القصة كلها بدأت بتسريبات نشرها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين ومقره واشنطن حول 11 مليون وثيقة زوده بها مصدر مجهول. والوثائق تم تسريبها من شركة «موساك فونسيكا» للمحاماة ومقرها بنما، واحتوت علي بيانات مالية لأكثر من 214 ألف شركة في ما وراء البحار، في أكثر من مائتي دولة حول العالم.
أسماء عديدة منها حمد بن خليفة آل ثان وأياد علاوي رئيس وزراء العراق السابق والرئيس بشار الأسد وفلاديمير بوتين. كذلك ورد اسم لاعب الكرة الشهير: ليونيل ميسي.
القصة تم اكتشافها عندما تم اختراق نظام الأمان لقاعدة البيانات في مكتب المحاماة البنمي، وهذا ما دفع رامون فونيسكا أحد مؤسسي الشركة إلي التنديد بهذا الفعل، وقال إن هذه الوثائق صحيحة، لكن ما حدث يمثل «جناية» لأن الخصوصية حق أساسي من حقوق الإنسان، لكنها تتآكل أكثر وأكثر في عالمنا اليوم، كذلك نفي ارتكاب شركته لأي مخالفة.
الوثائق التي وصفها مدير الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين جيرار رايليه بأنها «أكبر لطمة تلقتها المؤسسات العابرة للحدود في العالم، نظرا للنطاق الواسع للوثائق المسربة» نجحت في خلق ارتباك دولي غير مسبوق، وأعلنت أكثر من دولة إجراء تحقيقات فورية حول ما يخصها من تلك الوثائق، ومنها فرنسا، كذلك تظاهر آلاف الإيسلنديين مطالبين باستقالة رئيس الحكومة ديفيد سيجموندور الذي ورد اسمه في الوثائق.
أما الرئيس بوتين فقد قال المتحدث الرسمي له إن التقارير الإعلامية التي تزعم وجود صلات بين الرئيس ومعاملات خارجية بمليارات الدولارات تهدف إلي تشويه سمعة «زعيم الكرملين» قبل الانتخابات الروسية. الهدف الرئيسي وراء تلك المعلومات المضللة هو رئيسنا خاصة في سياق الانتخابات البرلمانية المقبلة.
ورد كذلك اسم علاء مبارك الابن الأكبر للرئيس الأسبق حسني مبارك ضمن تلك الوثائق. والسؤال الآن : هل تلعب الصحافة الاستقصائية الآن دورا مخابراتيا لكشف الأسرار العميقة التي لم يستطع أحد الوصول إليها من قبل ؟
وهل يصبح هذا النوع من التحقيقات المعمقة، التي تصل إلي المخبوء والمسكوت عنه بداية لعصر جديد في السياسة، والصحافة. عصر لم يعد ممكنا فيه التلاعب بمقدرات الشعوب بسائر الحيل القديمة ؟
وهل تكون أمريكا واللوبي اليهودي المسيطر علي الإعلام بها هي مفتاح اللغز في وثائق بنما ؟