المستثمر يريد إجراءات واضحة مثل الشمس مهما كانت تكلفتها تطبق علي الجميع دون وسطاء وبلا عمولات تزيد تكلفة المشروع

فجأة تحركت عقارب ساعة الاستثمار التي أصابها العطب وعقدت اجتماعات هنا وهناك وعلي كل شكل ولون استعدادا لزيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر والقمة التاريخية المرتقبة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك سلمان.. هكذا دائما نتحرك وفق أجندة المناسبات، أي بالبركة وليس وفق خطط مدروسة البرامج والتوقيتات والأهم من ذلك الأهداف فهناك علم قديم حديث لم يتبدل ولن يتحول عنوانه «اقتصايات الحركة».
خلية نحل تجري استعدادا للزيارة التي لا شك أنها ستكون تاريخية علي كافة المستويات السياسية والاقتصادية خاصة أنها الزيارة الرسمية الأولي للملك سلمان لمصر وتأتي في ظل تحديات محلية وإقليمية ودولية كلها تؤكد ضرورة بل وإلحاحية تدعيم ركائز محور القاهرة - الرياض.
ولا شك أن الجانب الاقتصادي سيشغل جانبا مهما من مباحثات السيسي - سلمان والوفود المشاركة والجانب الأكبر سيكون لتعزيز الاستثمار المشترك سواء في شكل توسعات في المشاريع القائمة أو الدخول في مشروعات جديدة.. فالاستثمار في أبسط صوره أموال تأتي للبلد فتوجد قيمة مضافة لاقتصادها وتخلق فرص عمل بما ينعكس في النهاية في شكل تحسين لمستوي المعيشة وفي الوقت نفسه أرباح للمستثمرين، فلا يوجد مستثمر يستمرئ الخسارة أو يصر علي الاستمرار فيها وإلا يكون لديه لبس بين مفهومي الاستثمار والاستهتار.
الجانب الأهم في معادلة الاستثمار أنه لن يأتي من أجل الصداقة وحدها أو الأخوة أو حتي انعكاس للعلاقات السياسية المتميزة لكنه سيأتي بحثا عن الربح المشروع ولابد أن ندرك ذلك وعلينا بشكل عام التعامل مع المستثمر علي أنه صانع للتنمية أو علي الأقل مشارك فيها وليس حرامي أتوبيسات.
جلسات مطولة جمعتني بحكم عملي مع مستثمرين من كافة دول العالم حتي أبناء جلدتنا من القارة الأفريقية وكان هناك اتفاق عام لا يحتمل التأويل وهو أن الفساد أبرز وأهم المعوقات أمام الاستثمار.
المستثمر يريد إجراءات واضحة مثل الشمس مهما كانت تكلفتها تطبق علي الجميع دون وسطاء وبلا عمولات تزيد تكلفة المشروع بل وتضرب دراسات الجدوي الاقتصاية الخاصة به في مقتل.. فعندما يلجأ المستثمر أو يضطر صاغرا لدفع رشوة أو عمولة لتخليص إجراءاته فلن يكون ذلك في صالح البلد ولا الاستثمار ولا حتي في صالح سمعة البلد المضيف للاستثمار بشكل عام.. المستثمر يريد الحرية في تحويل أرباحه للخارج دون إحم ولا دستور ولا حجج بنقص المتاح من العملات الأجنبية فهذا حقه ولا جدال فيه.. يريد طرقا واضحة لحسم نزاعاته وهذا أمر طبيعي وأقل من العادي.. يريد أيضا الاحترام لتعاقداته فليس ذنب المستثمر أنه تقدم لشراء شركة معروضة بجنيه وقيمتها الحقيقية تعادل مائة.
في هذا السياق حسنا فعلت داليا خورشيد وزيرة الاستثمار بتشكيل فريق عمل لبحث مشاكل المستثمرين السعوديين في مصر والعمل علي سرعة حلها.. والسؤال الآن ليس للوزيرة التي لم يمض علي تسلمها لمنصبها الوزاري سوي أيام.. أليس كان من الأشيك والأجدي أن تأتي هذه الخطوة مبكرا وألا تبدو مرتبطة فقط بزيارة الملك سلمان.. ثم لماذا يقتصر عمل هذا الفريق الذي سمعنا عنه قبل ذلك وفي ظل العديد من الوزراء السابقين مرات ومرات علي الاستثمار السعودي فقط، أليست هناك مشاكل لمستثمرين آخرين محليين أو عرب أو أجانب لذا أتطلع لأن تتوسع وزيرة الاستثمار في فرق العمل التي تتولي هذه المهمة الصعبة الشاقة فمشاكل الاستثمار عندنا بلا حدود وهذا ليس مجال التوسع في حصرها.. نعلم جميعا أن الاستثمار السعودي في مصر هو الأكبر عربيا والثاني عالميا وهناك آفاق كبيرة لتعزيزه في الفترة القادمة خاصة مع وجود توجه سعودي - وفق وكالة بلومبرج العالمية للأنباء - لزيادة رأسمال صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلي تريليوني دولار بما يخلق وبلا شك فرصا هائلة للاستثمار في مصر من خلال مشاريع محور قناة السويس وتنمية منطقة شرق بور سعيد وسيناء وغيرها من بقاع مصر المليئة بفرص الاستثمار الواعدة.
علينا العمل من الآن وليس غدا لجذب أكبر قدر من الاستثمارات شريطة أن نعلي مبدأ المصالح المشتركة والذي أصبح واقعيا وعمليا المبدأ الوحيد المعترف به في عالم الاستثمار بينما إعداد مشروعات بدراسات جدوي جيدة تلبي احتياجات الاقتصاد المحلي والمجتمع والمستثمر معا.. علينا أن نودع للأبد وبلا عودة مبدأ طلب الاستثمار من أجل «عيون بهية».