وكان التعليم المفتوح فرصة لإلحاق أبناء الأساتذة وأصحاب النفوذ بكليات وتحويلهم للتعليم النظامي بعد سنة بما يضر بمبدأ تكافؤ الفرص

أتمني ألا يكون ما أعلنه الدكتور أشرف الشيحي وزير التعليم العالي من الانتهاء من وضع رؤية جديدة لنظام التعليم المفتوح مجرد عملية ترقيع للقانون الذي كان ينظمه بعد أن ثبت أن هذا النوع غير الشرعي من أنواع الدراسة لا يغني ولا يسمن من جوع وكان حقا اطلاق اسم سييء السمعة عليه أبلغ تعبير عنه.
فهذا النوع من أنواع التعليم تسبب علي مدي سنوات في إخراج نوعيات من الخريجين يبحثون فقط عن شهادة تحسين أوضاعهم وخلق نوعا من عدم تكافؤ الفرص حيث ساوي بين من تخرج في التعليم النظامي بالجامعات وخريجيه في ظلم كبير.
وإذا كان الوزير قد أعلن أن تصوراً جديداً قد تم وضعه لتلك النوعية من التعليم وأنه سيتم الاعلان عنه خلال اسبوعين فان الأمر يحتاج إلي وقفة خاصة أن الوزير أكد للزميل رفعت فياض مدير تحرير أخبار اليوم أن المجلس الأعلي للجامعات وافق علي ذلك.
الوقفة في أن يتم طرح ما سيكون عليه ذلك النظام الجديد أمام الرأي العام للحوار المجتمعي لتقدير الصورة الكاملة حتي لا نقع في براثن تجربة مريرة كتلك التي تسببت فيها صورة التعليم المفتوح، تعليم كان هدفه فقط جمع الأموال وتحصيلها ثم توزيعها مع الأسف علي الأساتذة بدءاً من رئيس الجامعة مروراً بطابور طويل حتي تصل إلي الدكتور المحاضر الذي يصله جزء من الباقي أما عن الجودة والتعليم فحدث ولا حرج، شيء لا وجود له فالطلبة أنفسهم لا يهتمون بالتحصيل لأنهم حددوا أمام أعينهم هدفاً واحداً وهو الحصول علي الشهادة فقط.. والأساتذة في أغلبهم مع الأسف يعرفون ذلك ورأيت بعضهم يحددون لدارسيهم الأسئلة والإجابات في منهج مهتريء ويا ويل الأستاذ الذي يخرج عن ذلك المفهوم ليراعي ضميره بصورة جيدة.
الوزير قال بوضوح أن الصورة الجديدة ستتضمن أن يكون هذا النوع من التعليم أقرب للتعليم المهني وسيقتصر علي التخصصات الأدبية لا يصلح لكليات - كما كان - للزراعة أو الإعلام التي تحتاج لمعامل وورش وقال أيضاً أن حضور الدارس الفعلي ضروري وهو ما كشف النظام الملغي عن أن ٩٠٪ من دارسيه لا يهمهم ذلك الحضور إلا في ٣ أو ٤ محاضرات لمعرفة أين ستكون الأسئلة.
أنا مع أن يكون التعليم في الصورة الجديدة مؤهلاً لدراسات أكاديمية معادلة وليس لإعطاء شهادات تعادل الليسانس أو البكالوريوس، فمن يريد أن يحصل علي شهادة جامعية عليه أن يحقق ذلك من خلال نظام الانتساب.
الوزير في الحقيقة علي ما يبدو وضع يده بدقة علي الداء ولكن الصورة تحتاج إلي مشرط جراح وليس إلي مجرد مسكنات واتوقع حربا شرسة عليه يقودها أصحاب المصالح وما أكثرهم ممن كانوا يستفيدون من التعليم المفتوح لأنها كانت كلها مكاسب خاصة فيما يتعلق ببيع الكتب أو التنافس علي من يحصل علي النصيب الأكبر في المحاضرات.
عزيزي الدكتور أشرف الشيحي وزير التعليم العالي لدي بصيص من التفاؤل في أن تعيد للجامعة الأصلية شكلها ودورها مع قانون جديد ولدي أمل أن يتم اصلاح ما خربه التعليم المفتوح علي مدي سنوات جعلت من جامعاتنا اضحوكة علي مستوي العالم ففقدت مقاعدها الوثيرة وخرجت من كل التصنيفات.
نحتاج لقانون يعيد الهيبة للجامعات المصرية، نريد قانونا يحترم الخبرات ولا يفرط فيها ونحتاج إلي ضوابط شديدة حازمة تجعل الدراسة في الجامعة لها القدسية، لقانون يحل المشاكل ويؤدي إلي جودة حقيقية.. وأعجبني في تصريحاتك أنك أعلنت الاستفادة من كل من سبقوك علي مدي السنوات العشر.
سيدي الوزير قبل هذا وذاك نحتاج إلي تثبيت سياسة التعليم الجامعي بعد إعادة تصحيح المسار وهذا دورك.