أحمد عطية صالح
أحمد عطية صالح


ملتقي الكبار

سقوط جماعات الإسلام السياسى

اللواء الإسلامي

الجمعة، 24 سبتمبر 2021 - 03:01 م

أحمد عطية صالح يكتب:

فى الأسبوع الماضى نشرت اللواء الإسلامى دراسة مهمة  أعدتها د.عقيلة دبيشى مدير المركز الفرنسى للدراسات والأبحاث السياسية وأستاذ الفلسفة السياسية فى جامعة باريس.. وأعدها للنشر على صفحات الجريدة  الزميل الأستاذ محمد العيله، جاء فيها أن الإخوان فشلوا بامتياز فى كل شىء.. وأن الإسلام السياسى فشل فى أن يقدم نفسه كبديل مقنع للشعوب العربية ولم ينشىء مشروعا سياسيا أو أن تكون له قيادة فعالة ومحبوبة من قبل الشعوب.. بل دخل فى خلافات مع الأحزاب الأخرى ومؤسسات الدولة من أجل البقاء فى السلطة.


واليوم تنشر اللواء الإسلامى رؤية جديدة حول فشل جماعات الإسلام السياسي ونقدم خلاصة تحليلات قدمها عدد من الباحثين فى الإسلام السياسى حول فشلهم.


بعد 93 عاما على تأسيس جماعة الإخوان عام 1928 و10 سنوات على صعودهم للحكم بعد الربيع العربي.. تأكد لكل الشعوب العربية أنهم لا يحملون إلا شعارات فقط مثل الإسلام هو الحل.. والتى عند اختبارها على أرض ضاعت إسلاميتها وفقدت بعدها الأخلاق وتبين لكل الشعوب مدى الانتهازية التى يتميز بها هؤلاء القائمين على الإسلام السياسى وظهر لهم أنهم وظفوا الدين لخدمة أجندات سياسية لا تخدم أوطانهم.. ولخدمة مصالح وأهداف شخصية لا تخدم إلا مصالحهم فقط.


لقد تأكدت الشعوب العربية.. بعد صعود جماعات الإسلام السياسى للحكم أن شعاراتهم لم تغنى فقيرا.. ولم تطعم جائعا.. أو تشفى مريضا.. بل أن دولة كبيرة مثل تونس أوشكت على الإفلاس بسبب مناورات رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشى وأن دولة كبيرة مثل المغرب كادت أن تفقد هويتها الوطنية بسبب مناورات حزب العدالة والتنمية المغربي.. وأن الإخوان أضاعوا العراق وسوريا واليمن.
هكذا تأكد لكل وطنى عاشق لوطنه.. أن جماعات الإسلام السياسى لم تقدم لأوطانها سوى الدمار والخراب.

ضربة قاضية
لقد مثلت هزيمة حزب العدالة والتنمية فى المغرب ضربة قاضية لمشروع الإسلامى السياسى فى المنطقة العربية كلها.
إن حجم الهزيمة التى جعلت الحزب الحاكم لدورتين يسقط فى ذيل القوائم بعد حصوله على 12 صوتا وهو ما يمثل عشر ما حصل عليه فى الانتخابات السابقة عام 2016 حيث حصل يومها على 120 صوتا.. يظهر أن موجة الإسلام السياسى التى حكمت فى فترة ما بعد الربيع العربى فشلت تماما ولا تمتلك أكثر من الشعارات والعزف فقط على الوتر الديني.
لقد تحمس الناخب فى البلاد العربية فى السنوات العشر الأخيرة لحكم الإسلاميين فى أكثر من بلد على أمل أن يكونوا مخلصين لله ولرسوله. ويراعوا الله فى أعمالهم.. ولكن الناخب اكتشف أن هؤلاء الإسلاميين لم يمتلكوا أفكارا ولا بدائل.. وأن آخر ما يشغلهم هو خدمة الناس وتحسين أوضاعهم.. وأنهم أى الإسلاميون تخلوا عن المعارك الحقيقية فى الشارع.. وانشغلوا بلغو الكلام وغرقوا فى التفسيرات للنصوص الدينية.. وأن قيادات هذه الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ظلوا مترددين وصامتين أمام أغلب القضايا الجوهرية.. وتركوا الناخبين بل الشعوب كلها تحت وطأة الفقر والإفلاس.

هزيمة مهينة
 وفى مقال للباحث التونسى الحبيب الأسود فى جريدة العرب الدولية يقول «.. إن الهزيمة التى منى بها الإخوان فى المغرب ليست كبيرة ومدوية فقط.. وإنما هى مزلة ومهينة أيضا وفوق ذلك فهى لا تقبل التشكيك.. فهناك إجماع على النزاهة التى تمت يوم 8 سبتمبر الماضي.. وعلى أن النتائج كانت منسجمة تماما مع توجيهات الشارع الذى لم يعد يشعر بأى تعاطف مع حزب العدالة والتنمية بعد أن جربه 10 سنوات تأكد له فيها أن الأحزاب الإسلامية غير مؤهلة للحكم ولا للإصلاح وأن شعاراتهم لا تغنى الفقير ولا تعالج المريض ولا توفر وظيفة لعاطل.. وأن كل شعاراتهم لا تخدم إلا أجندتهم هم فقط.


ويضيف الباحث التونسى قائلا: لقد أطاح المصريون فى ثورة شعبية رائعة بحكم الإخوان فى 30 يونيو.. ولكن مجرد فقط وقوف الجيش المصرى العظيم مع الشعب ضد إرهابهم كانت كافية للانطلاق فى نشر الأكاذيب والشائعات حول إطاحة المصريين بهم.. وحول ثورتهم الشعبية الرائعة ورفض المتعاطفين مع الإخوان الانتباه لحقيقة هامة جدا كانت واضحة للعيان مفادها: أن الشعب المصرى هو الذى بادر بإنهاء حكم المرشد فإحساسه العميق بمفهوم الدولة وسيادتها ومدنيتها ورموزها ومؤسساتها ووحدة مجتمعها واستقلالية قرارها وهويتها الثقافية والحضارية اصطدم بمفاهيم إخوانية متناقضة تماما لذلك.. وكان يمكن أن تؤدى بمصر الحضارة إلى التشتت والانقسام والصراع الأهلى وتضعها على موقع التبعية لمشروع عابر بمنطق الجماعة المتقدمة عن مجتمعها والتى ترى قوتها فى ضعف مجتمعها ونجاحها فى فشله ووحدتها فى انقسامه.

السقوط الكبير
 بعد عام 2014 فشل الإخوان فى ليبيا فى الانتخابات البرلمانية فكان أول ما قاموا به هو الانقلاب على الديمقراطية وعلى النتائج ودفع البلاد نحو حرب أهلية من خلال منظومة فجر ليبيا لتدخل البلاد فى مرحلة الانقسام السياسى الذى أدى لتشكيل حكومة فى الشرق مقابل حكومة فى طرابلس.. ثم تعيش بعدها ليبيا تحت حكم المليشيات المسلحة.


> وفى 19 ديسمبر عام 2018.. أعلن الشعب السودانى انتفاضة ضد حكم نظام عمر البشير والتى انتهت بالإطاحة به فى 11 إبريل 2019 لتكون صفعة قوية وجديدة للإسلام السياسى فى المنطقة كلها وللنظام الذى حكم 30 عاما وكان مصدرا لإلهام الإخوان. وفجأة إنهار بشكل تراجيدى تماما بعد أن ترك السودان على حافة الانهيار وعلى وضعها على قائمة الدول الراعية للإرهاب بل ومطالبة المحكمة الدولية بتسليم البشير نفسه لها لمحاكمته.


شعارات فقط
وتوالت هزائم الإخوان فى موريتانيا والأردن والجزائر والكويت فى الانتخاب التى جرت هناك.
كل هذا يؤكد أن جماعات الإسلام السياسى وفى مقدمتها جماعة الإخوان فقدت رصيدها فى دغدغة مشاعر الشعوب بشعارات الإصلاح ومكافحة الفساد.. وهى شعارات سرعان ما أثبتت زيفها حيث تبين للناس وللشعوب فى دول الربيع العربي.. أن الأحزاب الدينية لا تقل فسادا عن غيرها بل هى تتفوق أيضا بانغلاقها على كياناتها المنعزلة عن المجتمع.. واقتصار عملها على مصالح أفرادها فقط دون النظر لمصالح شعوبها.
والأهم من كل هذا  كما يقول  الحبيب الأسود  إن الشعوب اكتشفت أن الإخوان غير صالحين للحكم ولا مصلحين للأوضاع.


أسوأ رجل فى العالم
 كشف استطلاع للرأى العام فى تونس أن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشى هو الأسوأ فى نظر التونسيين. بل وبلغ غضب التونسيين مداه.. بعد رؤيتهم فشل النهضة على مدى 10 سنوات فى إدارة شئون البلاد.. وهو ما أدى فى النهاية إلى خروجهم لتأييد الخطوات التى اتخذها الرئيس التونسى قيس سعيد والتى انتهت إلى تجميد البرلمان والنواب وحل الحكومة.
 ويتساءل خبراء الإسلام السياسى الآن فى كل البلاد العربية: إذا كان الحزبان الإسلاميان فى تونس والمغرب واللذان يمتلكان قيادات برجماتية ذات بريق مثل راشد الغنوشى وعبدالله بنكيران قد خسرا اللعبة وتراجع نفوذهما مما تفعل باقى الحركات الإسلامية والتى تتسم بنفس الصفات وتحمل نفس الأفكار والتى كلها خرجت من عباءة مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا.. فكيف تستمر وهى تحمل أفكارهم التقليدية المتزمتة!
> والآن تعيش جماعات الإسلام السياسى فى الجزائر حالة من الفوضى والانقسامات والتى أدت إلى تهميشها.. وفى ظل غياب الأفكار الجادة والرؤية التنموية وتقديم الحلول للمجتمع الجزائرى تحول الصراع بين  الأحزاب والحركات الإسلامية.. أو ذات المرجعية الإسلامية إلى معركة دائمة بين القيادات.

تأثير ضعيف
 أما فى المشرق العربى فقد أصبح تأثير الإخوان المسلمين محدودا بل وعديم التأثير بعد تصنيفهم جماعة إرهابية فى السعودية والإمارات وتراجع دورهم المجتمعى بعد معركة الشعوب بطبيعتهم كتيار انتهازى ووصولى يضعون مصالحهم الشخصية فوق مصالح شعوبهم مثلما هو الحال فى إخوان اليمن الذين يضعون قدما فى السعودية والأخرى مع جماعة الحوثى الموالية لإيران.


وفى العراق فشل الإخوان ممثلين فى الحزب الإسلامى فى الحفاظ على دور قيادى فى نظام الحكم الذى شاركوا فى تأسيسه بعد الغزو الأمريكى يدفع بهم نحو هامش التراجع والاكتفاء وصولا إلى المرحلة الحالية حيث يواجهون الاضمحلال والذوبان فى ماكينة الحكم التى يهيمن عليها القوى الشيعية ذات الصلات القوية بإيران ويعود التراجع فى دور الإخوان فى العراق لعدة أسباب يتعلق بعضها بسياسات الحزب الذى يمثلهم وسلوكيات قياداته ويتعلق البعض الآخر بالمناخ العام السائد فى البلاد.


وتبدأ مشكلة الإخوان فى العراق بين هوية الحزب ذاته والذى تتردد قياداته حتى الان فى الاعتراف بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين وتبعيته لتنظيهم الدولى وتتولى اشكاليات الإخوان مع سياسات قيادات الحزب الذين دأبوا منذ خروجهم للعمل السياسى عام 2003 على إمساك العصا من الوسط ومهادنة جميع الأطراف حتى  لو كانوا خصوما ومنافسين عملا بمبدأ التبعية وتطبيقا لأسلوب التمكين الذين يعتبرون من صميم جماعة الإخوان.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة