رجائى عطية
رجائى عطية


مدارات

لماذا سقط حكم الإخوان وضاع الأمل إلى الأبد ؟

رجائي عطية

الجمعة، 24 سبتمبر 2021 - 06:52 م

ما قبل يناير 2011، كان الإخوان فى حالة صعود، عددًا وانتشارًا، وتعاطفًا من البعض، ويبدو لى مما حدث بعد ذلك من تداعيات، أن الإخوان لم يفهموا أسباب الصعود الذى كان، فانقبلوا عليه وصولاً إلى ما أملوا أنه سيكون . صعود حركة الإخوان سلفًا، من أسبابه أنهم نشدوا خدمة الناس فى سعيهم لنشر الدعوة والانتشار، ولم يعادوهم كما عادوا الأنظمة، وتعددت وسائل هذا الاقتراب لها ما بين توزيع السلع التموينية والخدمات، وأنشطة المستوصفات، والاقتصار « ظاهرًا » على الدعوة، وإخفاء ما تعلق بالتطلعات إلى الحكم، وتاه بين البعض سبب العداوة التى بينهم وبين الأنظمة، هل سياستهم هى التى تستعدى الأنظمة أم أن الأنظمة هى التى تستهدفهم كما يقولون . ولم يهدأ الإخوان عن محاولة إقناع الناس بأن كل حوادث التفجير والاغتيالات مفتراة عليهم، وأنهم منها أبرياء، ووجدوا أحيانًا من يصدق أن حادث المنشية مدبر للإطاحة بهم، وبذل الإخوان جهودًا خاصة لترميم ما يؤخذ عليهم، كيما يحسنوا صورتهم فى عيون وقلوب الناس .
كل ذلك غاب عن الإخوان حين تطلعوا للوثوب إلى الحكم فى يناير 2011، وغاب عنهم أكثر فى سعيهم الحثيث لإقصاء الآخرين من على مسرح الانتفاضة التى قام بها الشباب وعمت البلاد، اعتراضًا على الحكم الذى كان ! ولم ينج من هذا الإقصاء حتى أصحاب الانتفاضة ليخلو للإخوان الجو على مسرح الأحداث، وتنعدم المنافسة لهم على الحكم الذى أخذ عليهم كل رغابهم وتفكيرهم وتدبيرهم .
ومن هنا بدأ التباعد يزداد بينهم وبين الناس .
وزاد هذا التباعد حين وصلوا إلى سدة الحكم بعد مناورات يطول فيها الحديث وتناولتها سلفًا بالتفصيل فى موضع آخر أما ازدياد التباعد، فكان سببه الأساسى الانحياز الواضح الصارخ انحياز حكم الإخوان للأهل والعشيرة، وهو انحياز لازمه ممارسات جمعت بين إقصاء الأغيار أو محاولة هذا الإقصاء، وتقريب الأشياع من الأهل والعشيرة، ولم يقم حكمهم بإخفاء هذا، فإذا بقاتلى الرئيس أنور السادات يدعون إلى احتفالية حرب أكتوبر وهو صانعها وبطلها، ويظهرون أمام الناس فى المهرجان الكبير بالاستاد، بينما جرى تجاهل أسرة الرئيس الشهيد، وتابع الناس محاولات هدم القضاء بإصرار ووسائل ومشاريع متعددة لأخونته، وكأن قضاة مصر من الكفار ما داموا من غير الأهل والعشيرة، ولم يخلق هذا تباعدًا بينهم وبين القضاة فقط، بل مع جميع المصريين، وقرروا ذات السياسة فى ضرب الصحافة وأخونتها فى مشاهد مؤسفة، فضلاً عن المحاولات المحمومة لهدم المحكمة الدستورية العليا بعد محاصرتها وفشل محاولات إلزامها بالحكم بما يرومونه تغطيةً للأخطاء الفادحة فى قرارات ما أنزل الله بها من سلطان، إلى غير ذلك مما ابتعد به الإخوان عن الناس الذين كانوا يتقربون إليهم واعتمدوا عليهم بالأمس .
ثم كانت الخطيئة الكبرى فى موقفهم إزاء انتفاضة أربعة وثلاثين مليون مصرى خرجوا فى 30 يونيو 2013 ليقولوا « لا » لحكم الإخوان، فإذا بالإخوان يعادون الشعب المصرى بأكمله، ويتورطون فى اغتيالات استهدفت بسطاء الناس والنساء والأطفال إلى كبارهم والمسئولين وكبار الحكم، وتدمير للمرافق العامة ومصادر ثروة وحياة الوطن، وإشعال الحرائق، وإقامة الحواجز أمام انسياب السلع المهمة، لاسيما البترول، إلى غير ذلك من النسف والتدمير، وإهلاك الزرع والضرع وهدم أبراج الكهرباء فى ربوع مصر، حتى تسبب قطع الكهرباء فى وفاة أطفال بالحضانات فى المستشفيات التى انقطع عنها التيار لم يعد العدو هو أنظمة الحكم، فهم وثبوا إلى الحكم، وإنما صار العدو هو الشعب ذاته، كل الشعب، والناس ترى وتفهم وتتصابر، حتى لم يعد فى قوس الصبر منزع، وهم يرون فيما يجرى اعتناق الإخوان لمبدأ لم يعد خافيًا عن الناس : إما أن نحكمكم أو نقتلكم! هنالك خسر الإخوان الجلد والسقط، لم يخسرو الحكم فقط، ولكن لم يعد لهم أى أمل فى استرداد الحكم، ولو بعد ألف عام !

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة