آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

عودة الاعتبار للقوة الناعمة

آمال عثمان

الجمعة، 24 سبتمبر 2021 - 08:58 م

الملايين العديدة التى يتقاضاها بعض الفنانين، ظلمت الشريحة الأكبر والغالبية العظمى منهم، وخلقت مشاعر متضاربة لدى الكثيرين، فليس كل الفنانين يستحوذون على أرصدة ضخمة فى البنوك، ويمتلكون الفيلات والقصور، أو يتسابقون على شراء أسطول سيارات من الرولزرويس واللامبورجينى والكاديلاك، ويلقون بآلاف الدولارات فى حمامات السباحة!! 
لكنها قلة قليلة من الدخلاء أشباه الفنانين وأنصاف المبدعين، أبتُلى بهم الوسط الفنى فى غفلة من الزمن، خلال ظروف ما أنزل الله بها من سلطان، أولئك الذين أساءوا بتصرفاتهم لأهل الفن، وأفسدوا أفكار ومفاهيم وقيم أجيال من الشباب، إنما المبدعون الحقيقيون -وما أكثرهم- ظلوا على مدى التاريخ يرسمون ملامح الوطن وهويته، ويشكلون وعى الجماهير، ويرسخون قيم المجتمع، ويرتقون بالإبداع والفكر والثقافة، ويتقدمون صفوف التنوير والتطوير والحداثة، هؤلاء الذين منحونا السعادة والبهجة والمتعة، وشكلوا خط الدفاع الأول عن الوطن، وساندوه فى كل المعارك، واستنفروا المشاعر والروح الوطنية فى كل المحن والأزمات، وجعلوا من مصر منارة للفن والإبداع.
ومع ذلك رأينا منهم من ينهى حياته يتسول قوت يومه، ومن يبيع ملابسه وأثاث منزله ليجد ثمن العلاج والدواء، ومن لم يملك ثمن الكفن ليوارى بداخله الثرى، وشاهدنا نهايات مأساوية لفنانين ومبدعين كانت نجوميتهم تملأ سماء الفن العربى، ونجوماً قدموا أعمالاً هزيلة لا تليق بمكانتهم وتاريخهم ليتكسبوا رزقهم!! وبعيداً عن الأزمات الصحية المفاجئة وأمراض الشيخوخة، كيف يعيش فنان بمعاش شهرى 500 جنيه؟! هل تتصورون يا سادة أن أكبر معاش يتقاضاه الفنان حالياً من نقابته 650 جنيهاً شهرياً؟! وهل تصدقون أن مشاركة النقابات الفنية فى ثمن الدواء لا تتعدى 600 جنيه؟! ناهيك عن الفنانين أصحاب المهن الحرة الذين ليس لهم تأمين صحى أو معاش!!
إننى ما زلت أتذكر حين ذهبت لإجراء حديث مع الفنانة الكبيرة فاطمة رشدي- سارة برنار الشرق- حينما كانت تعيش فى بنسيون بمنطقة الفجالة، شعرتُ يومها بغصة تعتصر قلبى من هول ما رأيت، ولم أتمالك دموعى، ولا أنسى الظروف المأساوية التى تابعتها عن قرب، وأنهت حياة سندريلا الشاشة النجمة سعاد حسنى التى عاشت رحلة علاج فى الغربة، ورفضت عروضاً مالية من أمراء وشيوخ ورؤساء، وأصرّت ألا تحصل على أى أموال سوى من بلدها.
لذا سعدت كثيراً بتوجيهات الرئيس السيسى لتطوير منظومة دعم وحماية الفنانين والمبدعين، وشمولهم ببرامج الحماية التأمينية والرعاية الاجتماعية ضد مخاطر الشيخوخة والعجز، وتحسين معاشات أعضاء النقابات الفنية والتشكيلية، لتوفير سبل المعيشة الكريمة لهم ولأسرهم، من خلال إصلاح تشريعى يعمل على توفير مصادر تمويل جديدة للنقابات، ويصحح أوضاعاً سائدة فى ظل قانون 1978، وأعتبر ذلك بمثابة رد اعتبار للقوة الناعمة، واستعادة حقوق مشروعة لفنانى مصر ومبدعيها ومثقفيها.

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة