أصبح لدينا قدرة هائلة علي استيعاب الفشل أكبر بكثير من قدرتنا علي استيعاب النجاح، عن حادث اختطاف الطائرة المصرية أتحدث، فور وقوع الاختطاف كانت هناك أكثر من منظومة تتحرك بسرعة شديدة وفق خطط مدروسة ومعدة مسبقا لمواجهة مثل هذه الأزمات.
في مقابل ذلك كانت هناك حالة من السخرية غير المبررة علي صفحات التواصل الاجتماعي، ولا أدري السبب في هذه السخرية، هل نسخر من وطننا وقت الأزمات ؟ أم نسخر من ركاب آمنين وضعهم القدر في الطائرة ؟ أم نسخر من أنفسنا بدون سبب واضح ؟ المهم كان هو الوضع في مصر، صباح يوم الحادث، وكل وسائل الإعلام تتهافت علي أي خبر، فكان من الطبيعي وهو أمر وارد أن تكون هناك أخبار غير مدققة وسط هذه الأحداث.
إلا أن هذا الحادث كشف أكثر من أمر مهم يجب التمعن فيها، أولها علي الإطلاق قدرة الدولة ممثلة في أجهزتها المختلفة في مواجهة مثل هذه الأحداث، والتعامل الحرفي والعلمي والأمني علي أعلي مستوي، وهو ما كان محل إشادة دولية بما اتخذته مصر من إجراءات منذ لحظة وقوع الخطف حتي استقبال الركاب المختطفين علي أرض مطار القاهرة.
والأمر الثاني المهم هو تعامل وزير الطيران شريف فتحي مع الحدث، هو رجل مدرب علي هذه الأحداث وكيفية التعامل مع الإعلام وما يمكن أن يقال وما لا يقال ويكون معروفا لديه، وهو ما درسه في الخارج وطبقه في أول حادث يواجهه، ونجح في أن يلفت إليه الأنظار بثباته وفطنته وسرعة بديهته والاهم ثباته الإنفعالي وهي مؤهلات أعتقد أنها ستصل به إلي مستويات أعلي قريبا، الأمر الثالث هو نجاح الخطة التي تم وضعها منذ بداية الأزمة وهي تحرير الرهائن والقبض علي المختطف وعودة الطائرة، والأمور الثلاثة تحققت وبسرعة أكثر مما يتصور أحد، لأن هناك خبراء في قنوات أجنبية أفاضوا بأن الأزمة أمامها أيام كثيرة لتنتهي، ولكن رجال مصر كان لهم رأي آخر، سطروه دوليا دون ضجة أو تهليل.
وبعد انتهاء الأزمة ظهرت بعض القنوات الأجنبية لتستخف بما تحقق علي أساس أن المختطف لم يكن بالخطورة التي تهدد سلامة الركاب والطائرة، وهو استخفاف بعد حل الأزمة، لأنه لا يوجد فرد يمكنه أن يقيس مدي خطورة المختطف من عدمه وسط هذه الأحداث، لأن المفترض أن يكون التعامل بجدية وبحذر تام ودون تقليل من شأن المختطف حتي يتم التحرير الكامل للرهائن ثم بعد ذلك تعامل كيفما شئت مع المختطف، ولكن هناك من يحاول أن يتربص بكل ما هو إيجابي ويحدث في مصر، والغريب أن هناك من في الداخل من يتلقف هذه الاستخفافات ويتحدث بها ويعتبرها الواقع، ألم أقل لكم في البداية إننا أصبحنا لدينا قدرة كبيرة علي استيعاب الفشل أكبر بكثير من قدرتنا علي استيعاب النجاح.