جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

«أنجيلا» التى تودعنا!!

جلال عارف

السبت، 25 سبتمبر 2021 - 06:31 م

على مدى سنوات كانت أقوى امرأة فى العالم.. وعلى مدى ستة عشر عاماً قادت «أنجيلا ميركل» ألمانيا باقتدار وحكمة حتى قررت بنفسها أن وقت الرحيل قد حان واليوم تجرى الانتخابات العامة فى ألمانيا ويتحدد اسم المستشار الجديد «غالباً سيكون من الحزب الاشتراكى المنافس إذا لم تحدث مفاجأة» وستدير «أنجيلا ميركل» الحكم حتى يتم تشكيل الحكومة الجديدة ثم تطوى ألمانيا هذه الصفحة المضيئة التى عبرت فيها ألمانيا كل الأزمات تحت قيادة ميركل التى حققت الاستقرار والتقدم وأهلت ألمانيا لتكون القوة الحقيقية والمحرك الأساسى لقطار الوحدة الأوروبية. عالمة الفيزياء القادمة من ألمانيا الشرقية سابقاً كان عليها أن تستكمل مهام توحيد ألمانيا، وأن تنطلق بألمانيا الموحدة لتكون القوة الكبرى اقتصادياً، وأن تبدأ مسيرة تحويل هذه القوة الاقتصادية لنفوذ سياسى يتنامى، وأن تعبر الأزمات المتوالية «داخلياً وأوروبياً وعالمياً» بهدوء وحكمة وبسياسة براجماتية تبحث عن الحلول الوسط قدر الإمكان، لكنها لا تخشى المواجهة فى قضية تؤمن بعدالتها كما حدث فى استقبال مليون مهاجر فى أزمة 2015 رغم اعتراض اليمين المتطرف والزوابع السياسية التى ثارت فى وجهها. تنهى ميركل الآن مسيرتها فى حكم ألمانيا وهى تتمتع بكل الاحترام والتقدير حتى من الذين يخالفونها فى الكثير من مواقفها. تودع السياسة وتواصل حياتها الشخصية التى حرصت دائماً أن تظل بعيدة عن أبهة الحكم وأضوائه. حيث ظلت تعيش مع زوجها فى شقتهما وتستمتع بالذهاب للتسوق، وترد على من يسألها عن بساطة ملابسها بأنها اختيرت لتحكم لا لتكون عارضة أزياء! المقارنة الشائعة هى بين «ميركل» وبين المرأة الحديدية «تاتشر» التى حكمت بريطانيا فى مرحلة مهمة وأجرت تغييرات اساسية فى اقتصاد بريطانيا وسياستها، ودخلت معارك طاحنة ثم انتهى بها الامر بإسقاطها داخل حزبها (!!).. ميركل-على العكس-كانت تحاصر الأزمات وتحاول تجنب الصدام قدر الإمكان، وتحرص على الحلول الوسط، وتمارس أقصى القوة ولكن داخل قفاز حريرى لهذا صمدت، وأعتزلت بقرارها، وتخرج اليوم والكل يدرك أن ألمانيا ستفتقد قيادة لا تتكرر كثيراً، وأن أوربا سوف تفتقد داعماً اساسيا لوحدتها، وأن العالم يحتاج لحكمة «ميركل» وعليه أن يتدبر الطريق لتحقيق ذلك!!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة