محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب.. السياحة والفريضة الغائبة

محمد البهنساوي

السبت، 25 سبتمبر 2021 - 07:31 م

لا يختلف اثنان على الدعم الكبير والاهتمام الغير مسبوق الذي توليه الدولة حاليا بصناعة السياحة لتطويرها وتحديثها ، ضمن خطة الحكومة للنهوض بكل عناصر القوة الاقتصادية لمصر ، ولا يختلف اثنان على المجهود الذي يبذله الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار في ملفات عديدة وحل قضايا شائكة منذ سنوات وربما عقود ، بل نجح الرجل بامتياز في مواجهة التخوف الكبير الذي سيطر على الكثيرين ان يطفي ملف الآثار على الملفات السياحية بعد دمج الوزارتين نظرا لخبراته المتراكمة في الآثار مقارنة بحداثتها في السياحة ، لكن العناني فاجئ الجميع بادائه وتحركاته الغير مسبوقة لحل كما قلت مشاكل أكل عليها الزمان وشرب لسنوات وعقود ، ولعل أحدث الملفات المهمة التي تعمل عليها الوزارة والقطاع حاليا وضع استراتيجية إعلامية سياحية قوية تمهيدا لإطلاق حملة دعائية ترويجية دولية خلال أسابيع عن مصر بمختلف دول العالم ، يرتبط بتلك الاستراتيجية حملة ترويجية أخرى تنفذها الوزارة منذ أسابيع عن الاماكن السياحية بكافة المحافظات والاماكن الاثرية بمصر ، وبثت الوزارة ولازالت افلام متتابعة عن عدة محافظات.

 

كل تلك الجهود وغيرها بلا شك تضع أساسا قويا لإعادة بناء صناعة السياحة بما يتماشى مع مكانة مصر كأحد أهم المقاصد السياحية في العالم ، لكن هناك خطر يهدد تلك الجهود ويمنعها ان تؤتي أكلها وثمارها ان لم ننتبه له ونخطط لمعالجته ألا وهو الوعي السياحي لدى المصريين جميعا بكافة المحافظات طالما نسعى لترويجها وجذب سياحة دولية ومحلية لها ، ورغم اهمية هذا الامر الا اننا لم نسمع عن خطة لرفع الوعي السياحي إلا مرورا عابرا دون تفاصيل تبشر بوجود جهد متكامل وخطة محكمة للتوعية السياحية.

 

والحديث عن الوعي السياحي متشعب لكنه شرط أساسي وفريضة وطنية إذا كنا نرغب أن تكون مصر دولة سياحية حقيقية ، هذا الجهد لا يتوقف على الحكومة وحدها وإن كانت هي المسئول الاول عن إطلاقه ، لكن للقطاع الخاص السياحي دور أساسي في الدعم والمساندة ، بجانب كل مؤسسات الدولة بدء من المساجد والكنائس والاعلام مرورا بالمدارس والنوادي وانتهاء بالاسر في المنازل ، وإذا كنا نرفع شعار " السياحة صناعة امل " فإن التطبيق العملي لهذا الشعار مسئولية الجميع ، وسوف يتحقق عندما يدرك مجتمعنا أن السياحة صناعة امل لكل المصريين وليس للعاملين او المستثمرين بها فقط ، صناعة يرتبط بها ٧٠ صناعة أخرى كما أكدت الدراسات المختلفة ، صناعة نملك فيها مزايا ربانية ، وتنتشر مقوماتها في كل ربوع مصر ، وحتي يعم خيرها الجميع نحتاج ان نكون مجتمعا يعي اولا اهمية السياحة ، ويؤمن ثانيا أن حسن معاملة السائح الاساس حتي يعم خيرها ، وهذا لن يتحقق إلا بالبدء فورا دون تأجيل إطلاق حملة توعية سياحية شاملة تدشنها الحكومة ممثلة في وزارة السياحة وتشارك فيها وتساندها كما قلت كل مؤسسات الدولة.

 

الفئات اللصيقة

 

وإذا استعرضنا المستهدفين بالحملة نجد في مقدمتهم الفئات اللصيقة بالسائح والمتعاملين معه ، بدء من المطارات التي يجب ان تنتهي فيها كل أوجه معاناة السائح من طول انتظار وصعوبة في التفتيش واختفاء تام لكل محاولات استغلاله سواء من بعض العاملين بالمطارات او سيارات الاجرة الغير مختصة بنقل السائحين والتي تعمل بعيدا عن اعين الاجهزة المسئولة ، مع تسهيل اجراءات الدخول والخروج وانهاء الإجراءات والقضاء على محاولات حتي مندوبي شركات السياحة بالمطارات استغلال السائح بعلم بل وربما تخطيط من مسئولي الشركة ، نعم هناك تطوير وتحديث بالمطارات لكن يجب ان ندرك ان المطار هو الانطباع الأول والأخير عن بلدنا لكل زائريها وتحتاج الفئات السابقة لرقابة حتي لا تفسد خطط التطوير بالمطارات.

 

تليها العمالة الفندقية وهي العنصر الأهم في معاملة السائح وتوعيتها مسئولية أصحاب المنتجعات قبل الدولة وما يحتاجه هذا من جهد كبير للتدريب على حسن المعاملة وأيضا تقديم خدمة عالية الجودة ، والعمالة الأخرى المتعاملة مباشرة مع السائحين في البازارات والمطاعم ومراكز الغوص والسفارى والمحلات بالفنادق والمناطق الأثرية وغيرهما ، كل تلك الفئات تحتاج اولا لحملة مدروسة لتوعيتهم بحسن المعاملة وعدم الاستغلال ، وثانيا لنظام مراقبة صارم مدعوم بقوانين وعقوبات مشددة لكل من يخالف او يسئ لمصر ، وهذا الدور الرقابي مسئولية وزارة السياحة والجهات المعاونة لها.

 

مجتمع سياحي

 

وحتي تكون مصر بلدا سياحيا بمعني الكلمة لابد ان تكون اولا مجتمعا سياحيا ، فلا معنى ان ننشر افلام ترويجية عن محافظات مصر دون أن نعلم الأهالي بتلك المناطق أهمية السياحة لبلدنا ، ونتسائل حول أهمية الترويج السياحي والبعض يبث سمومه بحرمة السياحة بل والاثار ايضا وتبرير مضايقة السائحين ، وهنا تبرز الأهمية الكبرى لمؤسسات الدولة خاصة الدينية منها لتبرز حرص المسلمين الأوائل على حماية آثار مصر جميعا ، وتعاليم الأديان وفي مقدمتها الإسلام والمسيحية بحسن معاملة الضيوف ، الامر مهم ويحتاج منهجا دينيا في خطب الجمعة وصلاة الأحد بالكنائس والبرامج الدينية المختلفة لتغيير المفاهيم الخاطئة في هذا الأمر والحث على حماية كنوزنا وحسن معاملة ضيوفنا.

 

نصل إلى المدارس والجامعات ودورهما في نشر الوعي السياحي لتخريج جيل يدرك أهمية السياحة والسائح لمقدرات ومكتسبات بلدنا ، نضم لتلك المؤسسات النوادي والمعسكرات الشبابية وغيرها

وبالطبع الاعلام والفن لاعبان أساسيان في هذا الأمر ، حيث يقوما بدور متعدد المهام من نشر الوعي السياحي بين الجمهور والتعريف بأهمية السياحة لاقتصادنا والترويج والدعاية لمقوماتنا السياحية المختلفة ، وقد بدأ هذا الدور على استحياء باستعراض الأعمال الفنية ضمنا لجمال وروعة بعض المناطق بمصر لكننا نريد منهجا علميا وبتوسع كبير ، ولن نغفل دور مستثمري السياحة في دعم تلك الأعمال ودعم مشاريع فنية تخدم الترويج السياحي وهم أو المستفيدين بالطبع اما السياحة الداخلية وتشجيعها مكون مهم في هذا الأمر لكنها تحتاج عدة مقالات تفصيلية لاهميتها وتشعبها.

 

العناني وما بعد الصفر

 

وختاما أتوجه بنداء إلى وزير السياحة والاثار النشيط الدكتور خالد العناني ان يضع التوعية السياحية من الآن في مقدمة اهتماماته لانها الضمان الأكبر لنجاح كل جهود الدولة لتطوير وتنمية السياحة والمناطق الاثرية ، ومن خلال معرفة تفكير العناني وانفتاحه الكبير اهمس في أذنه أنه لن يبدأ هذه المهمة القومية من الصفر ولكن هناك جهد سابق ومهم بدأه وزير السياحة الأسبق صاحب البصمات السياحية المهمة زهير جرانة وسيجد العناني كنز من حملات التوعية و التعليم السياحى وبرامج غير محدودة من التدريب ، واثق ان كل هذا لن يتجاهله وزير السياحة والآثار وان يضعه في مقدمات اولوياته.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة