كان من وجهة نظري نموذجا للمصور الصحفي الذي كان محمود المليجي رئيس التحرير في فيلم يوم من عمري يتمناه

طفل ضخم يحتضن كاميرا كبيرة حديثة ويجري بها في كل مكان، بعيدا كان أم قريبا، ليلا كان أو نهارا، صيفا أو شتاء، كل هذه الأشياء لم تكن تعني شيئا عند هذا الطفل الذي كان كل ما يعنيه ألا تتوقف الكاميرا في يده عن التصوير واصطياد اللقطات بغض النظر عن حالته هو نفسه الصحية أو المزاجية، سعيدا كان أم حزينا، صحيحا أم معتلا، كلها أشياء ثانوية عند من لم يكتف بحب التصوير بل حرص أن يكون مصورا لمدة 24 ساعة يوميا ليس له ليل أو نهار فالزمن عنده بل والحياة كلها لا ترتبط إلا بشيء واحد هو الكاميرا التي في يده والتي كان يهمه أن تكون في أحسن حال، هذا الاهتمام الذي لم يعط خالد رفعت ولا حتي ربعه لصحته ولحياته الشخصية!
كان خالد رفعت بالفعل مثل النحلة التي لا تكف عن العمل ولو كان هناك 10 حفلات في ليل القاهرة كان خالد رفعت يتواجد في الحفلات العشر كلها في وقت واحد ولا تسأل كيف، فقد كان علي ما يبدو مثله الأعلي مستر إكس الذي تنكر - كما جاء في الفيلم الشهير عودة أخطر رجل في العالم - في 3 شخصيات في وقت واحد منها رجل وزوجته التي كانت حاملا في توءم ذكور هما مستر إكس نفسه الذي تم قبل ذلك تنفيذ حكم الإعدام فيه 3 مرات نجا منها جميعا منها آخرها كانت بربطه بالحبال وقذفه في المحيط الهادي الذي تحول إلي هندي لينجو إكس من الموت!
خالد رفعت كان من وجهة نظري نموذجا للمصور الصحفي الذي كان محمود المليجي رئيس التحرير في فيلم يوم من عمري يتمناه وهو ينتقد عبد السلام النابلسي، فقد كان خالد يفعل كل ما يتمناه أي رئيس تحرير في المصور الذي يعمل معه، يضع نفسه في شنطة من شنط ابنة الملياردير أبو رجيلة الهاربة من عريسها في ليلة زفافها، يختبيء بالكاميرا في حمام سباحة مليء بالماء البارد في عز الشتاء، أو يتنكر في صورة متسول، وربما يعمل تاجرا للفراخ والبط في سبيل الحصول علي لقطة تمثل له انفرادا صحفيا.
تعرض خالد رفعت علي مدار حياته الصحفية للعديد من المواقف المحرجة في سبيل الحصول علي لقطة تميزه عن بقية المصورين فقد كان يحرص علي التقاط الصور المميزة مهما كلفه ذلك وكانت كاميراته تفضح البعض لقدرة لقطاته علي الغوص في أعماق الشخصية التي يصورها لدرجة أن بعض الشخصيات خاصة الفنانين كانوا يتهربون من كاميراته بل كان بعضهم يستأجر ناضورجية يلتفون حول مكان الحفل لمنع خالد رفعت من الإقتراب من المكان بأي طريقة ومع ذلك كان خالد ينجح في التسلل للحفل ولا تسأل كيف فكأنه كان يمتلك طاقية الإخفاء التي كان الصحفي عصفور أو الفنان عبد المنعم إبراهيم يمتلكها ونجح من خلالها في الحصول علي انفرادات عديدية خاصة في حادثة الطائرة المخطوفة!
كان خالد رفعت أجندة صحفية متحركة يتصل به زملاؤه المصورون ليعرفوا أماكن ومواعيد المؤتمرات والحفلات وكان حبه للصحافة كوم وحبه لدار أخبار اليوم كوم آخر كيف لا وقد شرب حبها من والده الزميل رفعت يوسف ووالدته الزميلة بثينة زكريا وكان من حبه للدار إذا وجد صحفيا منها في أي مؤتمر يشارك في تغطيته يترك كل نجوم المؤتمر ويسلط عدساته المميزة ليلتقط للزميل عدة صور حتي ليتساءل الحضور: من هذا النجم الذي يصوره خالد رفعت؟
خالد رفعت has no end أي لا نهاية له مثل مستر إكس وإن كان قد رحل بجسده فستظل ذكري موهبته ولقطاته المتفردة ووجهه البريء باقية بيننا، رحمك الله أيها الطفل الجميل الذي مر بحياتنا ورحل عنها في هدوء، وعزاؤنا أنك بإذن الله مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أؤلئك رفيقا.