من الذي يبلغ دين الله لمن لم يبلغه لابد أن يكون الحملة أقوياء، لذلك استطاع الجيل الأول من الصحابة والتابعين تبليغ هذا الدين للعالم.. لكن بماذا؟

لو تأملنا الاركان الخمسة للدين والفرائض والنوافل لوجدناها تصب كلها في اتجاه واحد هو تكوين المؤمن القوي فالشهادة هي أول الاركان الخمسة تحرر العبد مما سوي الله مطلقا فلا يبقي لغير الله عليه سلطان، تحرر العبد لله واتباعه لرسوله لتجعله مؤتما بشرع لايلتفت إلا لمن اتبع ذلك الشرع وتجعل الأمة جميعا تدور حول أمر واحد هو حبل الله وقوة المؤمن تجعله أقوي ما يكون في التغلب علي جميع الصعوبات لينظم حياته ويأتمر بأمر الله تعالي ويستطيع ان يسيطر علي نفسه بقوة «وأقم الصلاة لذكري» ان الذي يستطيع بتكبيرة الاحرام أن ينتقل من عالم كانت نفسه منشغلة فيه بأي من أمور الحياة، إلي الحضور الكامل بين يدي الله واتجه إليه وأعرض عما وعمن سواه.. الذي يستطيع هذا الانتقال السريع من ذكر غير الله إلي ذكر الله وحده هو قوي حقا.. قوي علي التمكن من نفسه لتوجيهها الوجهة التي ينبغي ان تتجه إليها. وإذا كان الإسلام يهتم بالمعاني الخارجية فالمعاني الداخلية عنده أهم ويعتبر المعاني الخارجية وسائل مساعدة لتحصيل المعاني الداخلية.
والصيام أيضا في تكوين المؤمن القوي.. يحرر العبد من الشهوات ولايكون لها سلطان عليه حتي الحلال لاننا في الصيام لا نصوم عن الحرام «كما نصوم عنه في غير رمضان» لكن في رمضان نتدرب علي الصيام عن الحلال، وعن الشهوات الحلال للارتقاء بعزم المؤمن وشخصيته وتقوية إرادته لأن أكثر الناس يعبدون أهواءهم «أرأيت من اتخذ إلهه هواه» .
والزكاة أيضا تقوي المؤمن بدفعه لأن يصبح معطيا لا آخذا فاليد العليا خير من السفلي والإسلام جاء لينتج الاقوياء في المال، لينتج الذين تتم لهم أركان الإسلام بان يزكوا منفقين بعضا مما أتاهم الله معطين إياه للذين يحتاجون إليه حتي ولو كانوا كفارا «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء، وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله» .
والحج أيضا وجه آخر لتكوين المؤمن القوي، تجتمع فيه الأوجه السابقة، فيه يتحرر العبد لله حتي في الشكل حين يحرم ويلبس خرقة يلف نفسه فيها كأنها كفن فيتحرر لله ويظل يدور حول الكعبة رمزاً لشرع الله وحبله معتصما به ، وينفق في سبيل ذلك كما يفعل في الزكاة ويضحي ويترك الشهوات كما يفعل في الصيام ويتم الاستحضار الكامل والعبودية الكاملة كما هو أمر الصلاة، كل ذلك في صورة جماعية لجمع كلمة المسلمين فالإسلام إذن بصفة عامة جاء ليكَوِّن الأقوياء فالاسلام أمانة ثقيلة فكيف تعطي الأمانة لضعيف، ولو حدث ذلك فهل يستطيع حملها وحمايتها؟ لا يحمل الأمانة ولايبلغ الرسالة إلا القوي والقوة هدف لإظهار دين الله في الأرض كلها .
لحق الرسول صلي الله عليه وسلم بالرفيق الأعلي ولما يتجاوز الإسلام الجزيرة العربية فمن الذي يحمل الأمانة من بعده؟ من الذي يبلغ دين الله لمن لم يبلغه لابد أن يكون الحملة أقوياء، لذلك استطاع الجيل الأول من الصحابة والتابعين تبليغ هذا الدين للعالم.. لكن بماذا؟ بالقوة بالله المتوافرة فيهم فاستطاعوا بها أن يبلغوا دين الله إلي أقاصي المعمورة وما ضعف وانحسر ذلك المد الإسلامي إلا حين ضعف معني القوة الشرعية في المسلمين فرأينا تراجع الفتوحات الإسلامية وقد كانت تدق أبواب فرنسا غربا والنمسا شرقا.. ونكمل الحديث في المقال القادم إن شاء الله .
< تزوجها ولم يتفقا سألوه عن السبب، أجاب: لا أتكلم عن عرضي.. طلقها فسألوه : لماذا؟ أجاب: لا أتكلم عن امرأة خرجت من ذمتي «رجولة» وقالوا : اشتري فقير ثلاث برتقالات قطع الأولي وجدها تالفة فرماها والثانية كذلك.. اطفأ النور وقطع الثالثة وأكلها «أحيانا نتجاهل جانبا من الحقيقة لتسير الأمور» وشخص سقط حذاؤه الأيمن وهو يركب السيارة وهي تسير فرمي الثانية وقال : لعل فقيرا يراها ويستفيد منها «نفوس راقية».