برنامج الحكومة تضمن مفارقات عجيبة .. وغابت عنه الحقيقة.. لم يكن شفافا سوي في عرض التحديات.. أما الحلول فهي غير واضحة.. مما يصعب محاسبتها.

برنامج الحكومة تحدث عن رفع جودة الخدمات العامة.. وتأكيد ثقافة تكافؤ الفرص.. وتحقيق العدالة الاجتماعية.. وحماية الفقراء ومحدودي الدخل، ومراعاة عدم تأثرهم ببرنامج الاصلاح الاقتصادي.. ولكن لم توضح كيف ومتي؟.. خاصة أن الفئات التي تحدثت عنهم الحكومة هم أول من يدفع فاتورة الإصلاح.. وغيرهم من الاغنياء ينعم بالاصلاح. تحدثت عن تحقيق نتائج إيجابية ملموسة من خلال برامج واضحة وجداول زمنية محددة يشعر بثمارها المواطنون ولم نقرأ برنامجا مكتمل الملامح أو نلاحظ جدولا زمنيا محدد المدة والتاريخ.
تحدثت عن الخدمات التي ستقدمها للمواطنين.. وفي نفس الوقت قررت ان تتركها للقطاع الخاص وتكتفي بدور المراقب.. تحدثت عن حماية الفقراء ولم تذكر هل بتوفير مأوي أو مأكل أو ملبس أو غطاء؟
علي مدار شهور تحدث رئيس الحكومة عن ضرورة اتخاذ قرارات مؤلمة وصعبة.. وكنت اتوقع أن يعلن عنها في برنامجه.. إلا أن برنامج الحكومة خلال من ماهية هذه القرارات. واكتفي بأنه سيتعين علي الحكومة اتخاذ العديد من القرارات الصعبة واستبدل كلمة «مؤلمة» بـ «الشاقة».. وان الحكومة تحتاج مساندة البرلمان لها.. واتوقع أن تكون هذه القرارات محل نقاش مستفيض من مجلس النواب.. حتي يستطيع أن يساند الحكومة.. التي مازالت تعتبر هذه القرارات سرية.. إما للحفاظ علي الحالة النفسية للسوق المصري.. أو لشدة قسوة هذه القرارات.. ولذلك اكتفت بالتنويه عنها فقط!!
برنامج الحكومة أكد علي فلس الحكومة.. خزانتها خاوية.. تحاول ملأها بتفتيش الجيوب.. عن طريق رفع يدها من كل شيء. وترك المشروعات للقطاع الخاص.. وتقديم الخدمات باسعار اقتصادية.. اي انها ستحول الخدمات التي تعايرنا بها ليل نهار إلي سلع غيرمدعومة.. وعلي غرار «التاجر لما يفلس» بدأت تبحث عن الأصول غير المستغلة لشركات قطاع الأعمال.. وتعيين وزير لاستثمار هذه الأصول من أراض وعقارات.. وطبعا الاستثمار الأمثل والأسهل هو بيع هذه الاصول والحصول علي الاموال.
وها هي ترفع يدها عن خدمة التعليم .. حتي في المرحلة الالزامية.. أعلنت عن شراكة مع القطاع الخاص.. توفر بمقتضاها أراضي المدارس وتهديها للقطاع الخاص.. الذي يقوم ببناء مدارس لغات مميزة عن طريق حق الانتفاع.. ويتولي إدارة المدارس وتعيين المدرسين وتحديد المصروفات.. وطبعا تحت رقابة الحكومة التي لم أري أمارة لهذه الرقابة.
الحكومة اعلنت في برنامجها أن 80٪ من الموازنة العامة للدولة للأجور والدعم.. ولذلك قررت إعادة هيكلة الدعم وفقا لقواعد مدققة وآليات واضحة.. لوصول الدعم إلي مستحقيه.. وذلك وسط انباء عن خروج 8 ملايين أسرة من مظلة بطاقة التموين.. أما باقي الـ ٨٠٪ والمخصص للأجور، فالحكومة لديها مشروع للتخلص من 6 ملايين موظف.. واوقفت زيادة المرتبات بإلغاء العلاوة الاجتماعية او تحديدها بنسبة ثابتة دون النظر إلي معدل التضخم.. لم يتبق سوي حق المواطن الدستوري في العلاج.. حتي هذا الحق صعب المنال.
رئيس الوزراء أكد أن الحكومة تحتاج مساندة البرلمان في استمرار إعادة ترتيب أولويات الانفاق العام لصالح المشروعات التنموية والاستثمار في رأس المال البشري، من خلال تطوير البرامج الصحية والتعليمية.. التي قررت زيادة تعريفتها.. حتي التأمين الصحي المزمع تعهدت بالفئات الاقل دخلا فقط.. وسيكون الاشتراك لباقي الشرائح علي شامل الدخل وليس أساس الراتب.. يعني من الآخر اللي عايز يتعالج يدفع له ولغيره.
الحكومة تحاول من خلال برنامجها الحصول علي مساندة البرلمان لملء خزانتها من جيوب المصريين.. ونسيت أو تناست أن جيوب المصريين خاوية.. وذلك وفقا لما أعلنته من أرقام في برنامجها.. اكدت ان الاقتصاد في مرحلة الخطر، والشعب يعاني من البطالة بأكثرمن 14٪، ومعدلات التضخم بلغت 13٪.. وأضيف إلي ذلك واقع الفقر وسوء الخدمات وارتفاع الأسعار المتزايد. بالاضافة ايضا إلي مشروعات مياه الشرب التي مازالت لم تغط جميع المصريين.. ومشروعات الصرف الصحي لاتزال تغطي 50٪ من القري فقط.. وهذا يعني انتشار الأمراض الوبائية، التي تهلك كبد المصريين.
في الحقيقة أنا أتوقع نجاح الحكومة في تحقيق عنوان برنامجها «نعم نحن نستطيع».. لانها تستطيع بسهولة ملء الخزانة من الحصول علي الاموال من جيب الشعب.. ومن الصعب ملؤها عن طريق التنمية باعتبارها أمر شاق عليها.. ولذلك أهدته للمستثمرين والقطاع الخاص بمزيا خرافية وقوانين تسهل لهم حصد الأموال.
حكومة شريف قررت تحقيق حلم حكومة نظيف وفق كتالوج أمانة السياسات الذي لم يكتمل بقيام ثورة 25 يناير.. قررت أن تقوم بدور المراقب.. وكفاية وجع قلب.. كما كان شعار حكومة نظيف «توجه ولا تجدف» وتركت الشعب للخاص دون حتي ضوابط أو ضمانات يعني اكتفت بالفرجة ولم الفلوس