ليس من المقبول ان تكون القيمة المضافة في صناعة مثل الغزل والنسيج والملابس الجاهزة ضعيفة جدا لا تصل في بعض الاحيان إلي ٥٪

تعددت الكتابات والمقترحات واللقاءات.. وتبدلت وتغيرت القرارات والسياسات لمواجهة أزمة الامبراطور الدولار وما بين تحميل الظروف والضغوط الدولية والسياسية وبين تحميل السياسات النقدية أسباب الأزمة.. تفرق دم «الضحية الجنيه المصري» الذي انهار وهوي امام قوة وسطوة الدولار وخسر اكثر من 25٪ من قيمته خلال شهرين.. وعلي الرغم من ان هناك حربا معلنة ومستمرة من جانب التحالف الصهيوامريكي لتركيع مصر اقتصاديا بعد فشل هذا التحالف في تركيع مصر سياسيا وعسكريا.. وللأسف انضمت روسيا إليهم بقصد أو بدون من خلال قرارها بتعليق الرحلات الجوية السياحية المتجهة من روسيا إلي مصر علي خلفية كارثة الطائرة الروسية طراز إيرباص فوق أراضي سيناء نتيجة عمل ارهابي وما ترتب علي هذا القرار من منع السياحة الروسية الي مصر والتي كانت تمثل رافدا مهما من روافد النقد الاجنبي لدعم خطط التنمية المستدامة.
وتزامن مع هذه الحرب الاقتصادية القذرة حملة إعلامية شرسة يقودها التحالف الصهيوامريكي ضد مصر متذرعا بحقوق الانسان وعدم الاستقرار الأمني ومستغلا بعض الاخطاء في السياسات الاستثمارية والتأخر في اتخاذ القرار الاستثماري وتباطؤ خطي الاصلاح وتفشي البيروقراطية وبلغت هذه الحرب مداها بدعوة ناقلات النفط العملاقة العالمية عدم استخدام قناة السويس في المرور واستبدالها بطريق رأس الرجاء الصالح، والاستفادة من الانخفاض الكبير في أسعار النفط مما يؤدي إلي انخفاض بتكلفة الوقود لهذه الناقلات مقارنة برسوم عبورها القناة.
وفي خضم هذه الأزمة غير المسبوقة ـ الدولار ـ حاولت الحكومة ومعها البنك المركزي المصري والمجلس التنسيقي للنقد اتخاذ عدد من الاجراءات للسيطرة علي هذا الانفلات الكبير في سعر الدولار.. ولكن كل المحاولات باءت بالفشل لانها اعتمدت علي تدوير القرار ما بين تقنين السحب والايداع تارة.. واطلاقه تارة أخري.. ومع احترامي لكل القرارات التي تم اتخاذها لانقاذ الموقف المتأزم الا انني اراها ضجيجا بلا طحين .. واذا كانت الحكومة جادة بالفعل في مواجهة الازمة فامامها الحل الذي اتخذته كل الدول التي اصبحت الآن في مقدمة دول العالم اقتصاديا مثل الصين واليابان وسنغافورة وكوريا واندونيسيا.
ان هذا الحل يتمثل في انطلاق التصنيع المحلي العملاق الذي يعتمد علي الخامات والمكونات المحلية والمخصص للتصدير.. لان اعتماد التصنيع المحلي علي الخامات ومستلزمات الانتاج المستوردة يشكل ضغطا بلا حدود علي الدولار.. وليس من المقبول ان تكون القيمة المضافة في صناعة مثل الغزل والنسيج والملابس الجاهزة ضعيفة جدا لا تصل في بعض الاحيان إلي 5٪ لأن المكونات والخامات كلها مستوردة وأحيانا تكون القيمة المضافة في تركيب الزراير!!
فنحن نمتلك عدداً من مستلزمات الانتاج والخامات التي لا يستهان بها حيث يتم تصديرها دون تصنيعها.. ولو تم تصنيعها لتعاظمت القيمة المضافة ولربما وصلت إلي اكثر من 90٪ في مجالات صناعية مثل الرخام والفوسفات ورمال السيليكون ويجب التركيز علي الارتفاع بجودة الصناعات المصرية ودراسة الاسواق واحتياجاتها عربيا وإقليميا ودوليا قبل عمليات الانتاج ضمانا لاستعادة الاسواق التصديرية الهاربة.