الروائية سلوى بكر
الروائية سلوى بكر


الروائية سلوى بكر: التراث ليس حكرا على السلفيين والإخوان

آخر ساعة

الأحد، 26 سبتمبر 2021 - 10:39 ص

 

كتب: حسن‭ ‬حافظ

ترى‭ ‬الروائية‭ ‬سلوى‭ ‬بكر،‭ ‬ضرورة‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬التراث‭ ‬بصورة‭ ‬أوسع‭ ‬وأكثر‭ ‬رحابة‭ ‬تشمل‭ ‬كل‭ ‬المساهمات‭ ‬الحضارية‭ ‬للمسلمين،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬التراث‭ ‬ليس‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬السلفيين‭ ‬والإخوان،‭ ‬وحذرت‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬وجود‭ ‬أجيال‭ ‬جديدة‭ ‬منبطحة‭ ‬أمام‭ ‬الغرب،‭ ‬ولديها‭ ‬قطيعة‭ ‬مع‭ ‬تراثها،‭ ‬وتقدم‭ ‬صاحبة‭ ‬البشموري‭ ‬رؤية‭ ‬تتسع‭ ‬للحوار‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬التيارات‭ ‬والأفكار،‭ ‬داعية‭ ‬فى‭ ‬الإطار‭ ‬نفسه‭ ‬لتحليل‭ ‬ظاهرة‭ ‬انتشار‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬فى‭ ‬المشهد‭ ‬المصرى‭ ‬والعربى‭ ‬المعاصر،‭ ‬كونها‭ ‬ظاهرة‭ ‬تتفاعل‭ ‬فيها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسباب،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها‭ ‬إمكانية‭ ‬الرواية‭ ‬نفسها‭ ‬فى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬مختلف‭ ‬المشاكل‭ ‬والقضايا،‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬الأقدر‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬العصر‭ ‬من‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬والشعر‭.. ‬سلوى‭ ‬بكر‭ ‬الفائزة‭ ‬مؤخراً‭ ‬بجائزة‭ ‬الدولة‭ ‬التقديرية،‭ ‬تعترف‭ ‬بعدم‭ ‬اهتمامها‭ ‬بالجوائز‭ ‬فى‭ ‬حد‭ ‬ذاتها،‭ ‬ورغم‭ ‬تعبيرها‭ ‬عن‭ ‬سعادتها‭ ‬بالتكريم‭ ‬الأخير،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الزمن‭ ‬وبقاء‭ ‬الأعمال‭ ‬الروائية‭ ‬صالحة‭ ‬للقراءة‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬سنوات‭ ‬وعقود‭ ‬هو‭ ‬التكريم‭ ‬الأكبر‭ ‬للمبدع‭ ‬أو‭ ‬المبدعة،‭ ‬لتقدم‭ ‬فى‭ ‬حوارها‭ ‬مع‭ ‬اآخر‭ ‬ساعةب‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الآراء‭ ‬التى‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬صوتها‭ ‬الخاص‭ ‬فى‭ ‬المشهد‭ ‬الإبداعى‭ ‬المصري،‭ ‬فى‭ ‬قضايا‭ ‬شائكة‭ ‬تتناول‭ ‬وضع‭ ‬المرأة‭ ‬وأدبها،‭ ‬وعلاقتها‭ ‬الجدلية‭ ‬بالرجل،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬التاريخ‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الاستقطاب،‭ ‬والمساحة‭ ‬التى‭ ‬تطلقها‭ ‬الرواية‭ ‬لإعادة‭ ‬تأمل‭ ‬الأحداث‭ ‬الفاصلة‭ ‬فى‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر‭.‬

‭> ‬حدثينا‭ ‬عما‭ ‬يمثله‭ ‬الفوز‭ ‬بجائزة‭ ‬الدولة‭ ‬التقديرية؟

ـ‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لم‭ ‬أسع‭ ‬يوما‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬جائزة،‭ ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬من‭ ‬الإذاعة‭ ‬الألمانية‭ ‬العام‭ ‬1993،‭ ‬وجائزة‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬العام‭ ‬2017،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬من‭ ‬بلدك‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬مختلف،‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬الجميل‭ ‬أن‭ ‬يكرم‭ ‬الإنسان‭ ‬فى‭ ‬وطنه‭ ‬وبين‭ ‬ناسه،‭ ‬لذلك‭ ‬تلقيت‭ ‬خبر‭ ‬الفوز‭ ‬بجائزة‭ ‬الدولة‭ ‬التقديرية‭ ‬بالبهجة‭ ‬والفرح‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أمر‭ ‬فى‭ ‬شخصيتى‭ ‬وهو‭ ‬عدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالجوائز‭ ‬فى‭ ‬حد‭ ‬ذاتها،‭ ‬ولا‭ ‬أسعى‭ ‬لها،‭ ‬ولا‭ ‬أشغل‭ ‬نفسى‭ ‬بها،‭ ‬حتى‭ ‬جائزة‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭ ‬لم‭ ‬أتقدم‭ ‬لها،‭ ‬وجائزة‭ ‬الإذاعة‭ ‬الألمانية‭ ‬دفعنى‭ ‬لها‭ ‬الناقد‭ ‬السينمائى‭ ‬الراحل‭ ‬فوزى‭ ‬سليمان،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬اقترح‭ ‬عليّ‭ ‬وقت‭ ‬عمله‭ ‬فى‭ ‬قسم‭ ‬السينما‭ ‬بمعهد‭ ‬جوته‭ ‬بالتقدم‭ ‬لها،‭ ‬ولها‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬محمد‭ ‬سلماوى‭ ‬وجمال‭ ‬الغيطانى‭ ‬وإبراهيم‭ ‬أصلان،‭ ‬إذ‭ ‬تقدم‭ ‬نحو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬كاتب‭ ‬وكاتبة‭ ‬وقتذاك‭.‬

‭> ‬هل‭ ‬تتفقين‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الجائزة‭ ‬تضفى‭ ‬قيمة‭ ‬على‭ ‬أدب‭ ‬الكاتب‭ ‬ومنجزه؟

ـ‭ ‬لا‭ ‬أظن‭ ‬ذلك،‭ ‬الجائزة‭ ‬فى‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬لا‭ ‬تضفى‭ ‬قيمة‭ ‬على‭ ‬المنتج‭ ‬المكتوب،‭ ‬هى‭ ‬لفتة‭ ‬طيبة‭ ‬تطمئن‭ ‬الكاتب‭ ‬أو‭ ‬الكاتبة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬اختار‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح،‭ ‬وأن‭ ‬اختيار‭ ‬الكتابة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أمرًا‭ ‬خاطئًا،‭ ‬وقد‭ ‬تشجع‭ ‬وتحفز‭ ‬الكاتب‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬مشروعه‭ ‬الإبداعي،‭ ‬لكن‭ ‬الجائزة‭ ‬لا‭ ‬تصنع‭ ‬كاتباً‭ ‬أو‭ ‬كاتبة،‭ ‬وبعض‭ ‬من‭ ‬حصلوا‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬عالمية‭ ‬طواهم‭ ‬النسيان‭ ‬ولا‭ ‬قيمة‭ ‬لما‭ ‬قدموه،‭ ‬ففى‭ ‬الإبداع‭ ‬التقييم‭ ‬الأدق‭ ‬تقييم‭ ‬الزمن،‭ ‬والذى‭ ‬يحكم‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭ ‬ويعطيه‭ ‬الحكم‭ ‬الصادق،‭ ‬فهناك‭ ‬أعمال‭ ‬جاءت‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬ألفى‭ ‬عام‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تقرأ‭ ‬مثل‭ ‬الأعمال‭ ‬اليونانية‭ ‬القديمة،‭ ‬وشكسبير‭ ‬فاق‭ ‬500‭ ‬عام‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬أعماله‭ ‬حاضرة‭ ‬وبقوة،‭ ‬فالزمن‭ ‬الرهان‭ ‬الأهم‭ ‬على‭ ‬القيمة‭ ‬فى‭ ‬الكتابة،‭ ‬لذلك‭ ‬أتأمل‭ ‬دائما‭ ‬فى‭ ‬الزمن،‭ ‬وهو‭ ‬الحقيقة‭ ‬الأولى‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭.‬

فمن‭ ‬وجهة‭ ‬نظري؛‭ ‬الدعاية‭ ‬لا‭ ‬تصنع‭ ‬كاتبا،‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬أقصد‭ ‬عدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالدعاية‭ ‬لأعمالي،‭ ‬لكن‭ ‬الجانب‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرى‭ ‬أننى‭ ‬لا‭ ‬أتعامل‭ ‬مع‭ ‬الكتابة‭ ‬كحرفة،‭ ‬ولكن‭ ‬مازلت‭ ‬أتعامل‭ ‬معها‭ ‬باعتبارها‭ ‬هواية،‭ ‬عندما‭ ‬أجد‭ ‬ما‭ ‬أكتبه‭ ‬أحققه‭ ‬على‭ ‬الورق،‭ ‬وعندما‭ ‬لا‭ ‬أجد‭ ‬لا‭ ‬أكتب،‭ ‬وما‭ ‬بعد‭ ‬الكتابة‭ ‬لا‭ ‬أهتم‭ ‬به‭ ‬لأن‭ ‬دورى‭ ‬انتهى‭ ‬بانتهاء‭ ‬عملية‭ ‬الكتابة،‭ ‬وهذه‭ ‬هى‭ ‬طقوسى‭ ‬فى‭ ‬الكتابة،‭ ‬فما‭ ‬يشغلنى‭ ‬دوما‭ ‬هو‭ ‬سؤال‭ ‬هل‭ ‬سيعيش‭ ‬ما‭ ‬نكتبه‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭.‬

‭> ‬كيف‭ ‬ترصدين‭ ‬كثرة‭ ‬الجوائز‭ ‬المكرسة‭ ‬للرواية‭ ‬وتأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬اهوجةب‭ ‬كتابة‭ ‬الروايات‭ ‬فى‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة؟

ـ‭ ‬أى‭ ‬ظاهرة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬سبب‭ ‬واحد،‭ ‬فعندنا‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإقبال‭ ‬الشديد‭ ‬على‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية،‭ ‬ولا‭ ‬نجد‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬الشعر‭ ‬أو‭ ‬القصة‭ ‬القصيرة‭ ‬أو‭ ‬المسرح،‭ ‬وفى‭ ‬تقديرى‭ ‬أن‭ ‬مساحة‭ ‬الرواية‭ ‬هى‭ ‬السبب،‭ ‬لأنها‭ ‬تسمح‭ ‬بالدخول‭ ‬فى‭ ‬مساحات‭ ‬تعبيرية‭ ‬واسعة،‭ ‬ونحن‭ ‬فى‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬عندنا‭ ‬مأزق‭ ‬تعبيرى‭ ‬حاد،‭ ‬فمن‭ ‬لديه‭ ‬آراء‭ ‬سياسية‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬التعبير‭ ‬عنها‭ ‬يسرع‭ ‬لكتابة‭ ‬الرواية،‭ ‬ومن‭ ‬لديه‭ ‬آراء‭ ‬اجتماعية‭ ‬يتمترس‭ ‬خلف‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية،‭ ‬ومن‭ ‬يريد‭ ‬معالجة‭ ‬قضايا‭ ‬المرأة‭ ‬يكتب‭ ‬الرواية،‭ ‬وهكذا‭ ‬تحولت‭ ‬الرواية‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬تعبيرى‭ ‬يسمح‭ ‬بالدخول‭ ‬إليه‭ ‬ببراح‭ ‬يستوعب‭ ‬الجميع،‭ ‬ويعبر‭ ‬عن‭ ‬مأزق‭ ‬مجتمع،‭ ‬ويتحول‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬لمرض‭ ‬اجتماعى‭ ‬أكبر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬عبر‭ ‬كتابة‭ ‬الراوية‭.‬

لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬ينفى‭ ‬أن‭ ‬ظاهرة‭ ‬الجوائز‭ ‬العربية‭ ‬المكرسة‭ ‬للرواية‭ ‬ساعدت‭ ‬فى‭ ‬شيوع‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية،‭ ‬وهى‭ ‬مرتبطة‭ ‬برغبة‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬سلطة‭ ‬ثقافية‭ ‬وتضع‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬الثقافة‭ ‬العربية،‭ ‬وهى‭ ‬ظاهرة‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بها‭ ‬ولا‭ ‬نعرضها‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬الرفض‭ ‬والهجوم،‭ ‬لكنها‭ ‬ظاهرة‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الاندفاع‭ ‬فى‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬الأعمال‭ ‬الروائية‭ ‬تنبت‭ ‬كالفطر‭ ‬الذى‭ ‬ينمو‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬الأمطار‭ ‬فى‭ ‬الغابة‭.‬

‭> ‬ما‭ ‬دور‭ ‬الناشرين‭ ‬والنقاد‭ ‬فى‭ ‬نمو‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة؟

ـ‭ ‬ساعدت‭ ‬بلا‭ ‬شك،‭ ‬بسبب‭ ‬بروز‭ ‬دور‭ ‬نشر‭ ‬عديدة‭ ‬هى‭ ‬فى‭ ‬واقع‭ ‬الأمر‭ ‬مشروعات‭ ‬تجارية‭ ‬صغيرة،‭ ‬البعض‭ ‬يؤجر‭ ‬شقة‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬نشر،‭ ‬ويجلس‭ ‬أمام‭ ‬مكتبه،‭ ‬ثم‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬روائياً،‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬المرء‭ ‬أى‭ ‬شيء‭ ‬ثم‭ ‬يدفع‭ ‬ثمن‭ ‬نشره‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬رقم‭ ‬إيداع،‭ ‬ويصبح‭ ‬روائيا‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬النشر،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬ينفى‭ ‬وجود‭ ‬دور‭ ‬نشر‭ ‬محترمة‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬النشر‭ ‬كثقافة‭ ‬ورسالة‭. ‬وساعد‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬غياب‭ ‬النقد‭ ‬الأكاديمى‭ ‬لأن‭ ‬النقد‭ ‬أصبح‭ ‬مدرسيا‭ ‬فى‭ ‬الغالب،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬النقد‭ ‬والمنشغلين‭ ‬به‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬مجتمعية‭ ‬بها‭ ‬الصالح‭ ‬والطالح،‭ ‬كذلك‭ ‬وجدنا‭ ‬ناقدا‭ ‬بحجم‭ ‬جابر‭ ‬عصفور‭ ‬يكتب‭ ‬عن‭ ‬زمن‭ ‬الرواية‭ ‬ما‭ ‬أعطى‭ ‬ضوءاً‭ ‬أخضر‭ ‬لمضى‭ ‬الجميع‭ ‬فى‭ ‬سكة‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭. ‬وأزمة‭ ‬الكتابة‭ ‬الروائية‭ ‬تكشف‭ ‬فى‭ ‬تشابك‭ ‬عواملها‭ ‬أن‭ ‬مشاكل‭ ‬مصر‭ ‬الثقافية‭ ‬تتداخل‭ ‬فى‭ ‬مشاكلها‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬والدينية،‭ ‬فمصر‭ ‬ومشاكلها‭ ‬مثل‭ ‬كرة‭ ‬الصوف،‭ ‬فعندما‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تسحب‭ ‬طرف‭ ‬الخيط‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬عقدة‭ ‬أمامك‭ ‬تتشابك‭ ‬فيها‭ ‬الخيوط‭.‬

‭> ‬هل‭ ‬لهذا‭ ‬ازدهرت‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬التاريخية‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬والعالم‭ ‬العربى‭ ‬فى‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة؟

ـ‭ ‬بروز‭ ‬الكتابة‭ ‬التاريخية‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬إشكالية‭ ‬ومأزق،‭ ‬لأننا‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬مثقلة‭ ‬بالأسئلة‭ ‬من‭ ‬نوعية‭ ‬لماذا‭ ‬تخلفنا؟‭ ‬لذا‭ ‬ينخرط‭ ‬الجميع‭ ‬فى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬إجابات‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة،‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬القوى‭ ‬السياسية،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬التى‭ ‬تصنف‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬معارضة‭ ‬هى‭ ‬أحزاب‭ ‬شكلانية‭ ‬ورقية،‭ ‬والنخب‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬أسوأ‭ ‬أحوالها‭ ‬خصوصا‭ ‬النخبة‭ ‬الثقافية،‭ ‬لذا‭ ‬البحث‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ ‬ضرورة‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬جذور‭ ‬مشكلاتنا،‭ ‬وانتقل‭ ‬البحث‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭ ‬من‭ ‬الأكاديمية‭ ‬الضيق‭ ‬إلى‭ ‬أفق‭ ‬الرواية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬البحث‭ ‬الإبداعى‭ ‬يمتلك‭ ‬مساحة‭ ‬أوسع‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬الأكاديمى‭ ‬لأنه‭ ‬يمتلك‭ ‬التخييل،‭ ‬والذى‭ ‬قد‭ ‬يجيب‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الأسئلة،‭ ‬وقد‭ ‬يملأ‭ ‬بعض‭ ‬الفراغات‭ ‬التاريخية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬يجيب‭ ‬عنها‭ ‬التأريخ‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬وأرسطو‭ ‬يمتلك‭ ‬تعريفا‭ ‬للتاريخ‭ ‬والشعر‭ (‬أى‭ ‬الإبداع‭ ‬عموما‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬يسرد‭ ‬ما‭ ‬حدث،‭ ‬وأن‭ ‬الإبداع‭ ‬يتناول‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭.‬

وهكذا‭ ‬الكتابة‭ ‬الإبداعية‭ ‬فى‭ ‬تناول‭ ‬للأحداث‭ ‬التاريخية،‭ ‬لذا‭ ‬أعتبر‭ ‬أن‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬التاريخية‭ ‬من‭ ‬المهام‭ ‬الأساسية‭ ‬لكل‭ ‬روائى‭ ‬وروائية‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن،‭ ‬لأننا‭ ‬فى‭ ‬بلد‭ ‬لديه‭ ‬تاريخ‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬فمصر‭ ‬جاءت‭ ‬ثم‭ ‬جاء‭ ‬التاريخ،‭ ‬وهى‭ ‬التى‭ ‬صنعت‭ ‬التاريخ‭ ‬وهو‭ ‬ممتد‭ ‬ومليء‭ ‬بالمحطات‭ ‬الإشكالية‭ ‬التى‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة‭ ‬التى‭ ‬نعيشها‭ ‬حاليا،‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬مهمات‭ ‬الرواية‭ ‬التاريخية‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬فى‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المتون‭ ‬والهوامش‭ ‬التاريخية‭ ‬فما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هامشا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬متنا،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬فى‭ ‬روايتى‭ ‬االبشموريب،‭ ‬رواية‭ ‬اكوكو‭ ‬سودان‭ ‬كباشيب‭ ‬عن‭ ‬الأورطة‭ ‬السودانية‭ ‬التى‭ ‬ذهبت‭ ‬للقتال‭ ‬فى‭ ‬المكسيك‭ ‬خلال‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭.‬

فكتابة‭ ‬التاريخ‭ ‬روائيا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مشروعة‭ ‬لأى‭ ‬كاتب‭ ‬معاصر‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬فهى‭ ‬مشروعة‭ ‬أكثر‭ ‬للروائى‭ ‬المصري،‭ ‬فالإشكالية‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬عندنا‭ ‬لحظات‭ ‬توهج‭ ‬حضارى‭ ‬شديدة‭ ‬السطوع‭ ‬على‭ ‬فترات‭ ‬تاريخية‭ ‬مختلفة،‭ ‬وطرحت‭ ‬أسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬وتم‭ ‬الإجابة‭ ‬عنها،‭ ‬وهذه‭ ‬الأسئلة‭ ‬لا‭ ‬زلنا‭ ‬نعيش‭ ‬عليها‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة،‭ ‬فعلينا‭ ‬أن‭ ‬نجدد‭ ‬فى‭ ‬طرح‭ ‬الأسئلة،‭ ‬والفرق‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬العالم‭ ‬المعاصر‭ ‬أنه‭ ‬يجدد‭ ‬فى‭ ‬الأسئلة،‭ ‬لذا‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نجدد‭ ‬فى‭ ‬الأسئلة‭.‬

‭> ‬كيف‭ ‬نتعامل‭ ‬مــــــــــــــع‭ ‬التـــــــــاريــــــــخ‭ ‬روائيا؟‭ ‬

ـ‭ ‬الرواية‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬التأريخ،‭ ‬بما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التخييل،‭ ‬وعلى‭ ‬طرح‭ ‬الأسئلة،‭ ‬فالرواية‭ ‬التاريخية‭ ‬هى‭ ‬التى‭ ‬تطرح‭ ‬الأسئلة‭ ‬ولا‭ ‬تقدم‭ ‬إجابات،‭ ‬تطرح‭ ‬أسئلة‭ ‬عبر‭ ‬سبر‭ ‬غور‭ ‬الواقعة‭ ‬التاريخية‭ ‬والحكاية‭ ‬والمرويات‭ ‬التاريخية،‭ ‬وعليها‭ ‬أن‭ ‬تقارن‭ ‬بين‭ ‬الروايات‭ ‬التاريخية‭ ‬المؤدلجة‭ ‬فى‭ ‬معظمها،‭ ‬فمثلاً‭ ‬قضية‭ ‬مثل‭ ‬الفتح‭ ‬العربى‭ ‬لمصر،‭ ‬فالمؤرخون‭ ‬العرب‭ ‬يقولون‭ ‬إنها‭ ‬فتحت‭ ‬بسهولة،‭ ‬بينما‭ ‬يقول‭ ‬المؤرخون‭ ‬المسيحيون‭ ‬إنها‭ ‬فتحت‭ ‬بحد‭ ‬السيف،‭ ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬هى‭ ‬غير‭ ‬هذا‭ ‬وذاك،‭ ‬فالمناطق‭ ‬التى‭ ‬تواجدت‭ ‬بها‭ ‬حاميات‭ ‬بيزنطية‭ ‬أو‭ ‬وجد‭ ‬بها‭ ‬مصالح‭ ‬بين‭ ‬الأقباط‭ ‬والبيزنطيين‭ ‬قاومت،‭ ‬وغيرها‭ ‬استسلمت‭ ‬دون‭ ‬قتال،‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬كانت‭ ‬مصر‭ ‬فيها‭ ‬فى‭ ‬أحط‭ ‬حالاتها‭ ‬تحت‭ ‬الحكم‭ ‬الروماني‭. ‬وهو‭ ‬صراع‭ ‬ينقلنا‭ ‬إلى‭ ‬الصراع‭ ‬الحالى‭ ‬حول‭ ‬التعاطى‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الفتح‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يراه‭ ‬بداية‭ ‬تاريخ‭ ‬مصر‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬منه‭ ‬موقفا‭ ‬سلبيا،‭ ‬وفى‭ ‬الحقيقة‭ ‬الطرفان‭ ‬على‭ ‬خطأ،‭ ‬والصواب‭ ‬أن‭ ‬نتفهم‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬عبر‭ ‬مقارنة‭ ‬الروايات‭ ‬التاريخية‭ ‬المختلفة‭ ‬وتتأملها‭ ‬لكى‭ ‬نفهم‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬فى‭ ‬التاريخ‭.‬

‭> ‬لذلك‭ ‬تعملين‭ ‬على‭ ‬صدم‭ ‬القارئ‭ ‬بحقائق‭ ‬تاريخية‭ ‬جديدة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬عمل‭ ‬روائى‭ ‬لكِ؟

ـ‭ ‬ليست‭ ‬مقصودة‭ ‬فى‭ ‬حد‭ ‬ذاتها،‭ ‬لكننى‭ ‬أتعامل‭ ‬مع‭ ‬الرواية‭ ‬التاريخية‭ ‬باعتبارها‭ ‬إعادة‭ ‬نظر‭ ‬فى‭ ‬المعارف‭ ‬التاريخية‭ ‬المستقرة‭ ‬لدينا،‭ ‬ولابن‭ ‬عربى‭ ‬عبارة‭ ‬عظيمة‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة،‭ ‬وهي‭: ‬االعلم‭ ‬المستقر‭ ‬هو‭ ‬الجهل‭ ‬المستقرب،‭ ‬فنحن‭ ‬ارتكنا‭ ‬إلى‭ ‬معارفنا‭ ‬التاريخية‭ ‬التى‭ ‬توصلنا‭ ‬إليها،‭ ‬لكن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬النظر‭ ‬فيه،‭ ‬فنحن‭ ‬عندما‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬شامبليون‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬فك‭ ‬شفرة‭ ‬اللغة‭ ‬المصرية‭ ‬القديمة،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬النظر‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المعلومة،‭ ‬فخلال‭ ‬بحثى‭ ‬وجدت‭ ‬أن‭ ‬ابن‭ ‬وحشية‭ ‬النبطى‭ ‬فى‭ ‬كتابه‭ ‬اشوق‭ ‬المستهامب،‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬توصل‭ ‬إلى‭ ‬فك‭ ‬هذه‭ ‬الشفرة،‭ ‬ما‭ ‬دفعنى‭ ‬لكتابة‭ ‬رواية‭ ‬حملت‭ ‬نفس‭ ‬عنوان‭ ‬كتاب‭ ‬ابن‭ ‬وحشية‭ ‬لإعادة‭ ‬النظر‭ ‬فى‭ ‬معلومة‭ ‬شامبليون‭.‬

‭> ‬من‭ ‬يقرأ‭ ‬روايات‭ ‬سلوى‭ ‬بكر‭ ‬يدرك‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬فى‭ ‬خلفية‭ ‬العملية‭ ‬الإبداعية‭ ‬هناك‭ ‬العمل‭ ‬البحثى‭ ‬المكثف،‭ ‬كيف‭ ‬تحتشدين‭ ‬لكتابة‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬المتميزة؟

ـ‭ ‬أنا‭ ‬بالأساس‭ ‬قارئة‭ ‬تاريخ،‭ ‬فأنا‭ ‬قارئة‭ ‬بالأساس‭ ‬وهى‭ ‬متعتى‭ ‬وهوايتى‭ ‬وكنت‭ ‬أتحقق‭ ‬فى‭ ‬القراءة‭ ‬قبل‭ ‬الكتابة،‭ ‬وأعشق‭ ‬قراءة‭ ‬التاريخ‭ ‬بلغة‭ ‬كتَّابه‭ ‬فى‭ ‬العصور‭ ‬المختلفة،‭ ‬لأن‭ ‬اللغة‭ ‬حاملة‭ ‬لثقافة‭ ‬وتصورات‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬والذات،‭ ‬فكتابة‭ ‬رواية‭ ‬االبشموريب‭ ‬كان‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسى‭ ‬فيها‭ ‬المؤرخ‭ ‬المسيحى‭ ‬ساويرس‭ ‬بن‭ ‬المقفع،‭ ‬وكتابه‭ ‬اتاريخ‭ ‬الآباء‭ ‬البطاركةب،‭ ‬فمرجعيتى‭ ‬التاريخية‭ ‬موجودة‭ ‬دائما‭. ‬وأهمية‭ ‬الاحتشاد‭ ‬تكمن‭ ‬فى‭ ‬تجاوز‭ ‬ميراث‭ ‬كتابة‭ ‬الرواية‭ ‬التاريخية‭ ‬فى‭ ‬مرحلتها‭ ‬المبكرة‭ ‬كمتخيل‭ ‬مثلما‭ ‬فعل‭ ‬جورجى‭ ‬زيدان،‭ ‬لكن‭ ‬لدينا‭ ‬مادة‭ ‬تاريخية‭ ‬فى‭ ‬بطون‭ ‬الكتب‭ ‬تسمح‭ ‬بإعادة‭ ‬تمثيل‭ ‬الوقائع‭ ‬التاريخية‭ ‬بتفاصيلها،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬أستفيد‭ ‬منها؟‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬التمثيل‭ ‬معبر‭ ‬عن‭ ‬العصر‭ ‬وروحه،‭ ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬قراءة‭ ‬التاريخ‭ ‬نجد‭ ‬فى‭ ‬هامش‭ ‬التاريخ‭ ‬ثورة‭ ‬البشموريين‭ ‬التى‭ ‬هى‭ ‬ثورة‭ ‬ضد‭ ‬الظلم‭ ‬وإثقال‭ ‬كاهل‭ ‬الفلاحين‭ ‬بالضرائب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الخلافة،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬مقصورة‭ ‬على‭ ‬الأقباط‭ ‬المسيحيين،‭ ‬بل‭ ‬انضم‭ ‬إليها‭ ‬العرب‭ ‬المسلمون،‭ ‬وهذا‭ ‬الهامش‭ ‬تحول‭ ‬عبر‭ ‬الرواية‭ ‬إلى‭ ‬متن‭ ‬نتوقف‭ ‬عنده،‭ ‬فحتى‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مصر‭ ‬عربية‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬قمع‭ ‬هذه‭ ‬الثورة‭ ‬بدأت‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬العربية‭ ‬والإسلام‭.‬

‭> ‬كيف‭ ‬حولتِ‭ ‬اهتمامك‭ ‬بالتراث‭ ‬كمفهوم‭ ‬شامل‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬عبر‭ ‬ترأس‭ ‬سلسلة‭ ‬التراث‭ ‬الحضارى‭ ‬بالهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للكتاب؟

ـ‭ ‬التراث‭ ‬ليس‭ ‬حكرا‭ ‬على‭ ‬السلفيين‭ ‬أو‭ ‬الإخوان،‭ ‬ولا‭ ‬ينحصر‭ ‬فى‭ ‬التراث‭ ‬الدينى‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬التراث‭ ‬مفهوم‭ ‬واسع‭ ‬يشمل‭ ‬كل‭ ‬أوجه‭ ‬النشاط‭ ‬الإنساني،‭ ‬وكان‭ ‬اتفاقى‭ ‬مع‭ ‬المسؤولين‭ ‬فى‭ ‬الهيئة‭ ‬أننى‭ ‬سأقوم‭ ‬بنشر‭ ‬كتب‭ ‬التراث‭ ‬بمعناه‭ ‬الواسع،‭ ‬فمثلاً‭ ‬نشرت‭ ‬كتاباً‭ ‬لغوياً‭ ‬عن‭ ‬اللفظ‭ ‬القرآنى‭ ‬ااستبرقب،‭ ‬لأنه‭ ‬فى‭ ‬السياق‭ ‬التاريخى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يُفصل‭ ‬التاريخ‭ ‬عن‭ ‬اللغة،‭ ‬فكان‭ ‬هدفى‭ ‬نشر‭ ‬الكتب‭ ‬التى‭ ‬تبين‭ ‬للقارئ‭ ‬المعاصر‭ ‬والأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬المنبطحة‭ ‬أمام‭ ‬الغرب،‭ ‬والتى‭ ‬ترى‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬شيء،‭ ‬أننا‭ ‬كنا‭ ‬نتملك‭ ‬حضارة‭ ‬عظيمة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الإسلام‭ ‬والأديان‭ ‬الأخرى‭ ‬التى‭ ‬احتضنها‭ ‬الإسلام،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الحضارة‭ ‬تجلت‭ ‬فى‭ ‬الطب‭ ‬والهندسة‭ ‬والفلك‭ ‬والتاريخ‭ ‬وكل‭ ‬الحقول‭ ‬المعرفية‭.‬

وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أن‭ ‬فصل‭ ‬الدين‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭- ‬وهى‭ ‬فكرة‭ ‬فُهمت‭ ‬خطأ‭- ‬ضرورية،‭ ‬فالدين‭ ‬موجود‭ ‬ولا‭ ‬نرفضه‭ ‬لكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬علاقة‭ ‬شخصية‭ ‬تمارس‭ ‬تدينك‭ ‬داخل‭ ‬المسجد‭ ‬أو‭ ‬الكنيسة،‭ ‬لكن‭ ‬عندما‭ ‬تغادر‭ ‬باب‭ ‬منزلك‭ ‬فأنت‭ ‬تدخل‭ ‬الفضاء‭ ‬المجتمعى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تخضع‭ ‬للقانون‭ ‬الذى‭ ‬ينظم‭ ‬حياتنا‭ ‬جميعا‭. ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬نقوم‭ ‬بقطيعة‭ ‬كاملة‭ ‬مع‭ ‬التراث،‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬أجيالاً‭ ‬جديدة‭ ‬تقاطع‭ ‬التراث‭ ‬بالكامل،‭ ‬فى‭ ‬مقابل‭ ‬بعض‭ ‬المتمرسين‭ ‬خلف‭ ‬التراث‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإسلامية،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬بينهما‭ ‬كمواطن‭ ‬عادى‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬اطلع‭ ‬على‭ ‬التراث‭ ‬الحقيقى‭ ‬لهذه‭ ‬الأمة،‭ ‬ولا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أقع‭ ‬فريسة‭ ‬للتطرف‭ ‬فى‭ ‬الحالتين،‭ ‬والقصور‭ ‬فى‭ ‬الرؤية‭.‬

وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نركز‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬وتقبل‭ ‬الآراء‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬فمشكلة‭ ‬مجتمعنا‭ ‬غياب‭ ‬تعدد‭ ‬الخطابات‭ ‬السياسية‭ ‬والثقافية‭. ‬فى‭ ‬جيلى‭ ‬كنا‭ ‬نسمع‭ ‬خطابات‭ ‬اشتراكية‭ ‬وناصرية‭ ‬وإسلامية‭ ‬وليبرالية،‭ ‬وكانت‭ ‬قضية‭ ‬التراث‭ ‬والمعاصرة‭ ‬مطروحة‭ ‬وتناقش‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬التيارات،‭ ‬لكن‭ ‬منذ‭ ‬عصر‭ ‬السادات‭ ‬ونحن‭ ‬نعانى‭ ‬من‭ ‬تنويع‭ ‬على‭ ‬لحن‭ ‬واحد‭ ‬وهو‭ ‬اللحن‭ ‬الديني،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬ضمن‭ ‬أسباب‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬تعاظم‭ ‬الهيمنة‭ ‬للفكر‭ ‬الدينى‭ ‬بكل‭ ‬ألوانه،‭ ‬وأصبح‭ ‬فكرة‭ ‬التفكير‭ ‬غائبة‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬هيمنة‭ ‬فكر‭ ‬جامد‭ ‬وشديد‭ ‬التخلف‭. ‬

‭> ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬التاريخ‭ ‬والتراث‭.. ‬لديك‭ ‬تجربة‭ ‬خاصة‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬المرأة‭ ‬فى‭ ‬رواية‭ ‬االعربة‭ ‬الذهبية‭.‬

ـ‭ ‬دخلت‭ ‬السجن‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬بسبب‭ ‬مواقف‭ ‬سياسية،‭ ‬وداخل‭ ‬السجن‭ ‬شاهدت‭ ‬وتعرفت‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النماذج‭ ‬النسائية‭ ‬شديدة‭ ‬الخصوصية،‭ ‬وعندما‭ ‬كتبت‭ ‬االعربة‭ ‬الذهبيةب‭ ‬تعمدت‭ ‬أن‭ ‬أكبح‭ ‬نفسى‭ ‬فى‭ ‬الكتابة،‭ ‬لأن‭ ‬الواقع‭ ‬أكثر‭ ‬غرائبية‭ ‬من‭ ‬الخيال،‭ ‬من‭ ‬سجانة‭ ‬تترك‭ ‬ابنها‭ ‬الرضيع‭ ‬مع‭ ‬السجينات‭ ‬طوال‭ ‬الأسبوع‭ ‬وتأخذه‭ ‬يومى‭ ‬الخميس‭ ‬والجمعة‭ ‬فقط،‭ ‬وأم‭ ‬وابنتها‭ ‬قتلتا‭ ‬الأب،‭ ‬وطلبتا‭ ‬منى‭ ‬كتابة‭ ‬التماس‭ ‬لوزير‭ ‬العدل‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬فى‭ ‬نطاق‭ ‬الأسرة‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬للدولة‭ ‬به،‭ ‬وكان‭ ‬لسان‭ ‬حالهما‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬لا‭ ‬تتذكرنا‭ ‬وعندما‭ ‬تتذكرنا‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬للحبس‭ ‬وتطبيق‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭. ‬لذا‭ ‬عندما‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬المعتقل‭ ‬قررت‭ ‬الكتابة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬النماذج،‭ ‬ووجدت‭ ‬أن‭ ‬الكتابة‭ ‬الذاتية‭ ‬لا‭ ‬محل‭ ‬لها،‭ ‬وأن‭ ‬الأحق‭ ‬بالكتابة‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬الإنسانية‭ ‬المهمشة‭.‬

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة