الشعب يثور على الإرهاب
الشعب يثور على الإرهاب


كيف نجحت مصر في القضاء علي الإرهاب؟.. خبراء يجيبون

ياسمين سامي

الأحد، 26 سبتمبر 2021 - 07:05 م

- الاستراتيجية المصرية اعتمدت على التخطيط الدقيق والتحام الجيش والشعب والشرطة و «قوة الحق»

أياد ملطخة بدماء خيرة أبناء الوطن، ترتكب جرائم وحشية يسجلها التاريخ فى سطور سوداء منذ أن وضع الشيطان بذرته الأولى بتأسيس جماعة الإخوان الإرهابية عام 1928، لتخرج طيور الظلام فاردة أجنحتها لتحاول أن تظلل على هذا الوطن بظلال من ظلم وافتراء وبوجه قبيح يحاول التجمل ولا تزيده تلك المحاولات إلا سوءًا، يخلطون السياسة بالدين، ويدَّعون على الله ما ليس فيه، ويحللون الحرام ويحرمون الحلال بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة.

ظلت موجات الإرهاب تمتد وتندثر منذ نشأتها، تتصدى لها مصر بقوة ويردعها رفض هذا الشعب حتى تمكنوا من الوصول للحكم عام 2013، إلا أن الوعى الجماهيرى وانحياز القوات المسلحة المصرية للإرادة الشعبية كان من أهم الركائز لمكافحة الإرهاب فى مصر، وذلك من خلال قيادة سياسية حكيمة استطاعت اعتماد بعض الاستراتيجيات للانتصار على تلك القوى الغاشمة.

 فى الوقت نفسه يرى العالم أجمع كيف سقطت أمريكا فى مستنقع «إرهاب افغانستان» بعد 20 عاما من حربها ضد الجماعات المتطرفة والتكلفة الباهظة التى اقتربت من 2 تريليون دولار، وكيف نجحت مصر فى اقتلاعه فى 6 سنوات..

حرصت «الأخبار» على كشف كلمة السر وراء نجاح مصر فى الوقوف بالمرصاد أمام الجماعات الإرهابية وتقليص عملياتهم الإجرامية.

عاشت مصر ولا تزال فى معركة حقيقية مع الإرهاب والتطرف، وذلك فى موجات ثلاث بحسب دراسة للباحث المصرى إيهاب نافع أجراها فى مركز المسبار للدراسات والبحوث، أكد فيها أن العمليات الإرهابية بدأت أول موجة لها مع نشأة التنظيم الخاص لجماعة الإخوان، وما ارتكبه من جرائم قبل ثورة 1952 وامتدت حتى نهاية عهد الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر وحادث محاولة اغتياله فى المنشية بالإسكندرية عام 1954، ثم موجته الثانية التى كانت الجماعة الإسلامية الإرهابية بطلته بامتياز، وهى الموجة التى حققت أكبر جريمة إرهابية فى تاريخ مصر استشهد فيها الرئيس محمد أنور السادات وسط احتفالات بذكرى نصر أكتوبر المجيد عام 1981، ولتتواصل الموجات بعدها بين الدولة والجماعة طوال فترة حكم الرئيس الراحل حسنى مبارك وحتى إعلان الجماعة الإسلامية مراجعاتها عام 2004، ثم تلك الموجة الثالثة التى تعد الأعنف والأقوى فى تاريخ مصر.

إذ تعددت الجماعات الإرهابية المنتشرة على الأراضى المصرية، والتى جاء فى القلب منها جماعة الإخوان الإرهابية حين وصلوا للحكم عام 2013، بحسب القوائم المعلنة من (21) دولة على رأسها مصر،وكذلك أذرعها المسلحة، التى نجحت الدولة المصرية بقواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية فى توجيه ضربات استباقية عدة قضت على التنظيمات الإرهابية واللجان النوعية للجماعة.

وتوجت مصر جهودها عام 2020 بإسقاط الرجل الأول فى التنظيم خارج السجن محمود عزت بعد 7 سنوات من التخفى داخل مصر، ليفتح خزائن أسرار الجماعة، واستطاعت الحرب المصرية على الإرهاب وفقاً للإحصاءات والأرقام أن تنتصر فيها الدولة أمنياً، ونجحت العملية العسكرية الشاملة (سيناء 2018) فى تدمير البنية التحتية للعناصر الإرهابية من الأوكار والخنادق والأنفاق ومخازن الأسلحة والذخائر والعبوات الناسفة والاحتياجات الإدارية والمراكز الإعلامية ومراكز الإرسال، واكتشاف وضبط وتدمير أعداد كبيرة من العربات والدراجات النارية وكميات كبيرة من المواد المتفجرة، والأسلحة، والذخائر، والقنابل، والعبوات الناسفة، والقضاء على العديد من العناصر الإرهابية، وإلقاء القبض على بعضهم وإحالتهم للمحاكمات القضائية، بالإضافة إلى اتجاه الدولة لتعمير سيناء وانشاء المدن الجديدة كأحد أشكال مكافحة الإرهاب.

التخطيط السليم

يقول اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق، إن كلمة سر نجاح مصر فى التصدى للإرهاب، هو التخطيط السليم للدولة المصرية لمكافحة الإرهاب، وقوة القوات المسلحة المصرية فى التصدى له بالتعاون مع الشرطة وكافة مؤسسات الدولة من أجل مكافحته، بالإضافة إلى وعى الشعب المصرى الذى أعلن وقوفه إلى جوار الدولة المصرية وقواته المسلحة فى وجه الجماعة الإرهابية.

وأوضح فرج أن تنسيق مصر مع الدول الأخرى للحصول على معلومات عن الجماعات الإرهابية وتحركاتها وتمويلها وغيرها من الأمور ساهم بشكل كبير فى تحجيم العمليات والقبض على تلك العناصر بالإضافة إلى الإصرار فى النجاح والانتصار على هؤلاء المجرمين وتدمير الأنفاق التى يتسللون عبرها وكذلك القبض على العديد من قيادات الجماعة كل ذلك ساهم فى إحكام قبضة الدولة على الوضع الأمنى فى مصر.

وأشار مدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق إلى أنه بالتأكيد هناك احتماليات فى أن يحدث إرهاب من حين لآخر وعلى فترات متباعدة وبشكل ضعيف وليس كما كان يحدث فى السابق.

يذكر أن العام الماضى شهد تعاونًا كبيرًا بين مصر وبعض الدول من حيث تقديم عناصر إخوانية متهمة ومحكوم عليها فى جرائم إرهابية، وكان من بين الدول التى تعاونت مع مصر فى هذا الجانب الكويت وأوكرانيا، حيث سلمت السلطات الكويتية 3 مصريين مقيمين فى البلاد إلى الإنتربول الدولي، تمهيدا لتسليمهم إلى السلطات المصرية لتورطهم فى الدعوة والتحريض على التظاهر ضد الحكومة فى مصر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهم ينتمون لجماعة الإخوان ويقيمون فى منطقة الفروانية وأطلقوا حملة مكثَّفة مؤخراً لتحريض المصريين على الفوضى والخروج عن النظام والتظاهر، وهو ما يأتى ضمن التنسيق بين السلطات الأمنية الكويتية ونظيرتها المصرية فى إطار الاتفاقيات المشتركة لتبادل المجرمين.

أما أوكرانيا فقد ألقت السلطات الأوكرانية القبض على مصرى ورد اسمه بالقائمة السوداء، بلائحة المطلوبين دوليًا بالشرطة الدولية «الإنتربول» لتورطه فى عمليات إرهابية وانضمامه لتنظيم الإخوان الإرهابي، وقام جهاز الأمن الأوكرانى «إس بى أو» شعبة بولتافا، بالتعاون مع الشرطة الأوكرانية بالقبض على المتهم مختبئًا فى محافظة بولتافا شرقى البلاد، حيث كشفت شعبة بولتافا أن المتهم ينتمى إلى جماعة الإخوان المحظورة، وكان يُروج للأفكار الأصولية المتطرفة بين المسلمين فى منطقة بولتافا، وتم تسليم المتهم إلى مصر.

الوعي الشعبي

أما عمرو فاروق، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، فأكد ان هناك أكثر من عامل تعد بمثابة استراتيجيات وركائز اعتمدت عليها الدولة المصرية فى مكافحة الإرهاب، وأرجع السبب الأول إلى وضوح الرؤية السياسية بعد خروج الإخوان من الحكم بشكل قاطع وعدم وجود أى ممثل لهم فى السلطة مما جعل هناك أهدافا واضحة للقيادة، أما السبب الثانى فيعود إلى القدرة على تطوير المنظومة الأمنية بشكل قاطع وجذرى وهذا مكن الأمن سواء القوات المسلحة المصرية أو الشرطة من استباق الأحداث وتجفيف منابع تمويل تلك الجماعات والتضييق عليها وعدم وجود أى مساحة لهم.

وأضاف فاروق أن السبب الثالث فى انتصار مصر على الكيانات الإرهابية يعود لخبرة الأجهزة الأمنية المصرية فى مجال مكافحة الإرهاب، والتى بدأت مع أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى مرورًا بفترة التسعينيات التى ظهرت فيها العمليات الإرهابية بشكل واضح وجلي، فكان لديهم القدرة على قراءة المشهد بشكل واضح والتعامل معه بشكل سليم وذلك لم يحدث من خلال الشرطة فقط لكن مشاركة القوات المسلحة التي إنحازت لرغبة الشعب المصرى مع الشرطة فى مكافحة الإرهاب من خلال أجهزتها الاستخباراتية القوية وكذلك قواتها الجوية وغيرها من الأجهزة غيرت المشهد كله لصالح مصر.

وأشار فاروق إلى أن وعى الشعب المصرى هو السبب الخامس ومن أهم الأسباب التى نصرت مصر على الإرهاب، حيث تعاونت الجموع مع القوات المسلحة والشرطة وأصبحت تقوم بالإبلاغ عن أى عناصر خطيرة او اى اجهزة غريبة فى الشوارع او الميادين فى الفترة التى حاول الإخوان جاهدين الانتقام من الشعب المصرى بعد رفضه استمرارهم فى حكم مصر، وبالفعل افشلوا المخطط الإرهابى فى أخونة مصر.

القيادة السياسية

كما أوضح اللواء علاء عز الدين، الخبير الأمني، أن كلمة السر فى هذا النجاح المتميز فى مكافحة الإرهاب تعود إلى عاملين، الأول هو العقيدة القتالية وروح الولاء والوطنية لدى أبناء القوات المسلحة والشرطة الذين لم يبخلوا على الوطن بدمائهم أو أرواحهم وبذلوا كل جهد وغال ونفيس وقدموا تضحيات عظيمة من أجل الحفاظ على هذا الوطن وسلامة شعبه وأراضيه، وانحياز القوات المسلحة للشعب المصرى وعدم وجود ولاء لأى فرد أو جماعة لأن كل بيت فى مصر يوجد به رجل من رجال القوات المسلحة أو الشرطة، ورغم ما نعانيه من بعض المصاعب الاقتصادية إلا اننا نفذنا الكثير من المشروعات القومية بجودة وسرعة زمنية حطمت كل الارقام القياسية العالمية ونقلت مصر نقلة أخرى فى ترتيبها العالمي.

وأضاف اللواء علاء عز الدين أن مصر أصبحت تستخدم أحدث نظم التسليح، وأن ما بقى من الجماعات الإرهابية ما هو سوى جيوب قليلة بمعدل طبيعى لدول العالم التى تعانى من موجات ارهابية مثل أوروبا وأمريكا التى تمر ببعض العمليات من حين لآخر، أما العامل الثانى فأرجعه الخبير الأمنى إلى القيادة السياسية الحكيمة التى استطاعت تجفيف منابع الإرهاب والتعامل بحكمة وبقوة رادعة ضد كل الكيانات الإرهابية.

يذكر أن السلطات المصرية كشفت إحباط (90) محاولة إرهابية خلال عام 2020 من خلال عمليات استباقية، وأكدت أنها وجهت أقوى الضربات لجماعة الإخوان بالقبض على القائم بأعمال مرشد التنظيم الإرهابى محمود عزت «الصندوق الأسود» للجماعة.

وأفادت وزارة الداخلية فى بيان لها، بأن هذه الضربة قادت إلى اعتقال عناصر أخرى فى الجماعة بينهم وزيران سابقان هما خالد الأزهرى وزير القوى العاملة وحاتم عبداللطيف وزير النقل، ورجلا الأعمال رجب السويركى وصفوان ثابت، الذين يواجهون تهماً بتمويل الإرهاب ودعم جماعة الإخوان..وأكد قطاع الأمن الوطنى مقتل نحو (120) من العناصر الإرهابية معظمهم فى سيناء فى تبادل لإطلاق النيران، وعثر بحوزة بعضهم على أوراق تنظيمية وأسلحة ومواد متفجرة فى أماكن اختبائهم، وأفاد أن مصر نجحت فى تقليص معدلات العنف والعمليات الإرهابية بنسبة (95%) مقارنة بـ(85%) كانت فى السابق، ما يؤكد التطور الكبير فى منظومة العمل.

سلاح المعلومات

فيما أكد د. عادل عبد المنعم، خبير أمن المعلومات، أن كلمة السر تكمن فى قوة المعلومات التى استطاعت مصر الحصول عليها، لأن فى هذا العصر المعلومات هى سلاح الدول، وتوجد اتفاقيات عالمية لتنسيق تبادل المعلومات، وأن هذا ساعد الدولة فى إحكام قبضتها على الإرهابيين، وتجفيف منابع التمويل الرئيسية التى تغذيهم بالسلاح والعتاد والمال وتساهم فى تقويتهم والتخطيط لعملياتهم الإرهابية، بالإضافة إلى تحول مصر إلى الرقمنة، ودخولها فى عصر الشمول المالي، الذى جعلها تستخدم أحدث الأساليب والوسائل لربط بيانات المواطنين من خلال الميكنة والخدمات الذكية، والذكاء الاصطناعى حيث القدرة على تحليل البيانات الضخمة.

وأوضح خبير أمن المعلومات أن المعلومات سلاح قوى فى وجه الإرهاب حيث يمكن للأجهزة الرقابية والأمنية الحصول على معلومات تخص العناوين والتحويلات المالية من الخارج خاصة إذا كانت غير معروفة أو مشبوهة فتعمل على رصدها وكذلك حركة الطيران والسفر، وأن صانعى القرار أصبحوا على علم بكل كبيرة وصغيرة من خلال تحويل التعاملات إلى تعاملات الكترونية فعلى سبيل المثال اذا قام احد المواطنين بطلب طعام من خلال تطبيق الكترونى مسجل عليه رقم هاتف وهذا الهاتف بحسب المنظومة الجديدة مسجل عليه بطاقة الرقم القومى فبالتأكيد يمكن معرفة عنوان هذا الشخص ومكان اقامته بكل سهولة، وكذلك الملصقات الالكترونية على السيارات والتى تمكن الأجهزة الرقابية من معرفة مكان السيارة ووقت انطلاقها فى أى وقت.

وأشار د. عادل عبد المنعم إلى أن الشمول المالى أصبح جزءًا هامًا من فرض السيطرة الأمنية لحماية المواطنين من الإرهاب حيث يتيح للدولة معرفة ممتلكات الأفراد والأسرة وحجم الثروة وكذلك السؤال من أين هذه الأموال ولمن تذهب وكذلك هناك قوانين تم سنها تقنن أحقية الدولة فى الحصول على بعض البيانات والتحرى عنها لتجنب دخول وتهريب أموال مشبوهة أو سلاح إلى أيدى الإرهابيين.

 ترتيب زمنى لـ «مراحل القضاء على الإرهاب»: 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة