عندما يكون الحديث عن سورية، حال سوريا، الأرض والأهل والمصير، فلا خجل ولا مواربة فهذي وعندي كما عند كثير من المصريين.. شامنا، شام العزة والكرامة، «نصف» الوطن وإقليمه الشمالي، وبعيداً عن المشاعر الطبيعية التي تشهد بأن لا أحدا قريب إلي المصريين كما السوريون ولا أحد محب للمصريين كما السوريون، فإن حقائق التاريخ تقف جلية واضحة لتقول بأن تأثير الأحداث الكبري التي يعيشها أي بلد وإقليم من الاثنين يمتد ليطال الآخر، فما من واقعة واحدة في التاريخ تعرضت فيها دمشق إلي تهديد إلا وامتد هذا التهديد إلي قلب القاهرة وما قام قبلها من مدائن رجوعاً إلي منف حاضرة دلتا مصر الأعظم، وما من نهضة وصحوة قامت في القاهرة أو دمشق إلا وكان صداها وتأثيرها موصولاً بين المدينتين...
و ليست المسألة ولم تكن أبداً في وحدة قامت ما بين البلدين في زمن الصعود الثوري إبان عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، كما يسهل للبعض الإدعاء علي طريق الطعن في حقائق التاريخ وإنما هي عائدة لما قبل التاريخ المدون والمعروف، ولعل في تصدي جيوش الملك الفرعون رمسيس الثاني للحيثيين عند قادش بناحية حمص الثورية قبل ميلاد المسيح بنحو 1300 سنة، ما يفند كل إفك يراد منه التعمية علي حقيقة أن حدود الأمن الوطني لمصر التي استوعبها ناصر ولم يكن صانعها هي ومنذ فجر الإنسانية ــ هناك ــ في الشمال والشرق من الشقيقة سوريا.. تماماً كما تمتد الحدود التاريخية لأمنها جنوباً لتصل إلي هضبة الحبشة والصومال.
5 سنوات كاملة وسوريا ـ نصف ـ الوطن الثاني تعيش حرباً عدوانية شاملة هي الأشرس والأسوأ في التاريخ والأقذر في أهدافها وأدواتها..، 5 سنوات وغاب كل دور لمصر نصرة لشعبنا وأهلنا في هذا القسم الجميل من الوطن.. والأسوأ نحو 4 سنوات مرت علي قطع الخائن محمد مرسي العلاقات الدبلوماسية مع سوريا وسحب السفير المصري من دمشق، ورغم مرور أكثر من 3 سنوات علي خلاصنا منه ومن نجاسة جماعة الخوارج التي أرادت ببلدنا الدمار، كما ضلعت بتدمير سوريا وتقتيل شعبها، ورغم أنه لا لبس في أن الأهداف العدوانية الشريرة لجماعات الخوارج ومن يحركونهم ويدعمونهم تمويلاً وتدريباً وتخطيطاً وحماية سواء في محيطنا الإقليمي وفي الغرب وما وراء الأطلنطي هي في سوريا ومصر واحدة، بعدنا لم نأخذ خطوة واحدة تجاه تصحيح المسار والانحياز لأنفسنا ولتاريخنا ولنصف وطننا.
أتصور بأنه آن الأوان لإعادة العلاقات الكاملة مع سوريا، والأهم أنه آن الأوان لأن يشعر أهلنا في سوريا بأننا معهم، بالأقل في النواحي الإنسانية، ولنسأل أنفسنا أين مصر التي طالما دعمت وساندت في الأزمات الغريب قبل القريب من تلك التي اختارت موقف المشاهد من مأساة أرض هي لنا وشعب هو منا..!!