ليس الفساد ماليا فقط بل له أوجه متعددة وأخطرها الفساد المائي والتلوث البيئي

النقاء سمة الشعوب والمجتمعات الحضارية فنقاء النفس البشرية ينعكس علي سلوكياتها فتأبي الرشوة المالية وأخذ حقوق الغير بغير وجه حق وإشاعة روح اليأس بين الناس بأن الواسطة هي الأساس وبأن من له ظهر لا ينضرب علي بطنه وفق المثل الشائع دائما وأن «الكوسة» لها الأولوية في اختيار البعض لبعض المناصب المهمة دون كفاءة حقيقية.
نحن نفتقد في مجتمعنا نقاء النفس لدرجة أننا قمنا بتلويث مياه النيل الذي منه شرابنا وغذاؤنا دون أدني تأنيب ضمير بل أننا نقرأ يوميا عن ارتفاع نسبة التلوث كما أن النيل لم يسلم من الحوادث مثل تسرب بقعة زيت نتيجة انقلاب مركب أو سفينة.
النيل مثل صفحة بيضاء تتلقي التلوث البشري والصرف الصحي والصناعي فتزداد سوادا ويعرف هذا التلوث طريقه إلي أجساد الناس فيضطرون لاستخدام وسائل لتنقية المياه من هذه المواد الصلبة التي تؤذي جسد الناس.
تلوث النيل.. للأسف.. يعد بمثابة إرث قديم بسبب سلوك المصريين سواء مسئولين أو مواطنين عاديين غير المنضبط أو غير المسئول في التعامل مع النهر ويجب تتبع المخالفين والمسيئين له وتغليظ عقوبة تلويث مياه النيل فهي أشبه بقتل الحياة مع سبق الإصرار والترصد.
وزارة البيئة عليها دور كبير بتقديم كشف حساب يومي عمن يتسببون بتلويث مياه النيل وعليها أيضا أن تقدم روشتة بيئية فيما يخص القرار الحكومي باستخدام الفحم كأحد مصادر توليد الطاقة لتخفيف العبء عن المواد الأخري من بترول وغاز وإلا ستعتبر شريكة في زيادة نسبة التلوث.
الأمر يحتاج إذا اضطررنا لاستخدام الفحم لأسباب اقتصادية أن ننقي البيئة من أثاره السلبية في فترة استخدامه لحين الإقلاع عنه بزيادة مصادر الطاقة باستخدام الطاقة النظيفة المتجددة من الشمس والرياح خاصة مع إطلاق مبادرة أفريقيا للطاقة المتجددة خلال مؤتمر تغير المناخ الذي عقد بباريس والذي حظي بدعم مالي قدره ٢ مليار يورو من فرنسا ومن ٧ إلي ١٠ مليارات دولار من ألمانيا للطاقة المستدامة.
مصر تحتاج هذه الخطوات الجادة المتعلقة بالبيئة لأنها من المناطق الأكثر عرضة لأثار التغير المناخي مما سيؤدي إلي نقص في إنتاجية المحاصيل بسبب الحر وتملح التربة والمياه الجوفية وانخفاض الإنتاج الحيواني.
ليت البرلمان يطلب من وزير البيئة تقريراً شهرياً عن معدلات التلوث وخطوات استخدام الطاقة المتجددة النقية لحماية الناس والأرض من التلوث فالملفات صعبة وتحتاج إلي جهد دؤوب من وزارة البيئة في متابعة الأعمال التي تؤثر علي حياتنا من اعتداء وتلويث لمياه النيل والجو.
وفي إطار اعتراف العالم بالمسئولية الجنائية من رفع درجة حرارة الأرض يجب علينا أن نخفف الانبعاثات الحرارية إذ تبلغ ٤ أطنان من الكربون لكل فرد وهي الأعلي علي مستوي الدول العربية، لقد بلغت تكلفة تدهور البيئة في مصر ٥.٦ مليار دولار عام ٢٠٠٨ وفي هذا إهدار لثروة البلاد وضرر بالصحة والبيئة لهذا يجب علينا أن نستفيد من الدعم المادي الأوروبي لاستخدام الطاقة المتجددة لتقليل الانبعاثات الحرارية.. وأيضا الحفاظ علي المحميات الطبيعية فهي مورد سياحي اقتصادي مهم وذات بيئة نظيفة يجب الاعتناء بها وعدم تركها للتلوث أو الإضرار بها فالقضاء علي أمراض البيئة بالدولة لا يقل خطورة عن القضاء علي الفساد المالي.
اقترح وجود مجلس تنسيقي بين وزارات السياحة والآثار والبيئة لان عملهم يرتبط بعضه ببعض فوجود بيئة صحية في الأماكن الأثرية والحفاظ علي المحميات الطبيعية وأماكن إقامة السياح وطرق انتقالاتهم عبر المدن يسهم في نقل صورة حضارية تجذب السائحين وان تكون مصر ملكة جمال البيئة والسياحة علي الدوام.