أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

أحمد أبو الغيط.. تصريحات كاشفة

أسامة عجاج

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021 - 05:10 م

 

أسباب عديدة تدفع أى مراقب للتوقف، بالدراسة والتحليل والقراءة ، للتصريحات الأخيرة التى أدلى بها السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية، حول ما أسماه  ولديه كل الحق (سد الخراب) أو (سد النهضة) وهو مايجب علينا كعرب أن نلتزم به، عند حديثنا عنه، عندما قال بالنص، ( إثيوبيا وضعت حجر الأساس لسد الخراب فى الأول من ابريل ٢٠١١ ، وإسرائيل وجدته (شهرعسل تاريخى ) وفرصة عظمى ،ولكنهم سيدفعون ثمنه بعد ٢٠ عامًا) ، لعل السبب الأول فى أهمية هذه التصريحات المفاجئة ، يعود إلى (شخص المتحدث) ،فهو ليس فقط أمينًا عامًا للجامعة العربية منذ مارس ٢٠١٦ ، ولكنه عمل فى دوائر صنع القرار فى مؤسسة الدبلوماسية المصرية منذ عام ١٩٧٢ ،عندما عٌين فى مكتب مستشار الأمن القومى حافظ إسماعيل، حتى تولى مسئولية الدبلوماسية المصرية فى يوليو ٢٠٠٤ ،وحتى عام ٢٠١١ ، وبالطبع لديه الكثير مما كشف عنه فى مذكراته، بجزئيها (شهادتى ) و(شاهد على الحرب والسلام).

وأكاد أجزم بأن لديه ما حرص على عدم البوح به ،لأسباب تتعلق بالأمن القومى المصرى ،واعتقد أنه ملف مشاريع إثيوبيا المائية، كان أحد اهتمامات الخارجية منذ سنوات طويلة، وحتى قبل ابريل ٢٠١١ موعد وضع سد الخراب الإثيوبي، العامل الثانى للاهتمام بهذه التصريحات، هو مضمونها، فهى المرة الأولى لمسئول على هذا المستوى مصريا وعربيا، الذى يضع إثيوبيا وإسرائيل فى جملة مفيدة، فيما يخص سد الخراب، مشيراً إلى أنهما معا سيدفعان (ثمنه بعد عشرين)، وهى جملة قد تحتاج إلى مزيد من البوح من الأمين العام، بالنسبة لتحديد المدة ،ولكنى على ما أعتقد  اكتفى أنه بايصال الرسالة (لمن يهمه الأمر) وهذا عرف دبلوماسى متعارف عليه، فليس كل ما يعرف يقال للعلن ، وظنى أن التصريحات كاشفة، لصحة التقارير ،التى ظهرت طوال السنوات الماضية، على أن أيادى إسرائيل تعبث فى هذا الملف، باعتباره أحد العوامل فى مخطط النيل من مصر، وتهديد أمنها واستقرارها المائى والسياسي.

ووقائع التاريخ القريب تقول، بإن(شهر العسل فى العلاقات بين البلدين) الذى تحدث عنه أبو الغيط، لم يكن وليد سد الخراب ،  بل يعود إلى العلاقات التاريخية بين تل أبيب وأديس ابابا، والتى بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي، حيث زارت جولدا مائير العاصمة الإثيوبية أربع مرات، كما وقع الطرفان عدة اتفاقيات لإقامة مشاريع نهرية صغيرة فى بحيرة تانا والنيل الأزرق، خلال الفترة مابين ١٩٩٠ و ١٩٩٦ ،ولعلنا نتذكر هنا جميعاً، تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق بنيامين نتنياهو، أثناء زيارته لإثيوبيا فى عام ٢٠١٦ ،عندما تحدث عن مساعدة بلاده لإثيوبيا، فى تحسين وزيادة حصتها من مياه النيل ،ودعم قطاعها الزراعي، كما أنها ستكون أحد أكبر المستفيدين من فكرة بيع المياه والتى تحاول إثيوبيا الترويج لها، وفقاً لما قاله المتحدث الرسمى للخارجية الإثيوبية دنيا مفتى منذ عدة أشهر.

وعلى عكس ما حاولت السفارة الإسرائيلية فى القاهرة نفيه، فى بيانها النادر فى ١٨ يوليو ،الذى مثل أول رد فعل رسمى ،على تقارير أثيرت فى الصيف الماضي، حول تورط تل أبيب فى قضية سد الخراب، حيث اعتمد على حجة غير صحيحة ، وهو الاكتفاء الذاتى لإسرائيل من المياه، وإنها تعتمد على تكنولوجية تحلية المياه، وتملك القدرات التى توفر لها المياه،  فحقيقة الأمر أنها سعت فى عام ٢٠٠٠ لعقد  اتفاق لم ينفذ لاستيراد المياه من تركيا، ناهيك عن أن  المياه جزء مهم فى  الفكر الاستراتيجى للصهيونية، وركن أساسى فى قضية التوسع فى مشروعات زيادة معدلات الاستيطان وأعداد المستوطنين،  فهناك تقارير تتحدث عن توفير كميات من المياه لإسرائيل، تعنى إحياء جديداً لها، من خلال قدرتها على استصلاح نصف مليون فدان فى صحراء النقب، ويسهم ذلك فى استجلاب ملايين المستوطنين اليهود، مما يقضى على أى فرصة لإقامة دولة  فلسطينية مستقلة.

إسرائيل -يا سادة-  لن تكون أبداً وسيطاً فى قضية سد الخراب، كما يطالب البعض ،ولن تكون داعماً لمصر كما يتوهم البعض الآخر، وقد قالها بيان السفارة الإسرائيلية، فهى (على مسافة واحدة فيما يتعلق بالقضية )، وستكون أكبر المستفيدين منه ، بعد أن كانت واحدة من أهم الداعمين لبنائه .
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة