كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

ذكرى جمال عبد الناصر

كرم جبر

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021 - 05:24 م

أسلم ناصر الروح وروحه معلقة بسيناء الحبيبة وتحريرها من دنس الاحتلال، بعد نكسة 67 التى هُزم فيها دون أن يحارب، وكان حلمه الوحيد أن يغادر الحياة، وكل شبر من تراب وطنه محرراً.


أسلم الروح بعد حرب الاستنزاف، وكانت صرخة عالية «لا للهزيمة»، واستطاع أن يعيد بناء القوات المسلحة، فى زمن قياسى استعداداً ليوم النصر.
من عبارات عبد الناصر الشهيرة «ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة»، ورغم ذلك لبى نداء السلام، واستجاب لمبادرة «روجرز»، التى تحطمت على صخرة المطامع الإسرائيلية.


وكان يوم الخروج العظيم فى جنازته، صرخة أخرى من حناجر المصريين، لاستمرار جهوده لتحرير الأرض، وكان الهتاف المدوى «9 و10 أيدناك، يوم الإسرى ودعناك»، حيث أسلم الروح فى ذكرى الإسراء والمعراج.


كانت حرب 67 طعنة غادرة فى قلب عبد الناصر، فهاجمته الهموم والأمراض، بعد أن انهار الحلم القومى فى تحرير فلسطين، فتراجع الهدف إلى استعادة الأراضى العربية المحتلة.


ووقف الشعب وراء عبد الناصر بعد الهزيمة، رافضاً تنحيه لاستكمال المهمة المقدسة، بعد أن عقد العزم لتسليم راية الحكم لخليفته زكريا محيى الدين، ولكنه بقى بإرادة شعبية مخلصة.


لا تحكموا على تجربة عبد الناصر، إلا من خلال الظروف التاريخية الصعبة التى أحاطت بالثورة المصرية، وحاصرتها المخاطر والتحديات من كل الاتجاهات.


أسلم جمال عبد الناصر وكان قلبه - أيضاً - معلقاً بفلسطين وشعبها، وارتفع فوق الصغائر، وكان المشهد الأخير قبل الوفاة فى مطار القاهرة بعد أن ودع أمير الكويت، وعانق الزعماء العرب الذين حضروا القمة الطارئة المخصصة لوقف مذبحة أيلول الأسود، وعاد إلى بيته وطلب كوب عصير شربه ومات.


وكان جمال عبدالناصر فى هذا الوقت يعمل 16 ساعة فى اليوم، سافر إلى الرباط لحضور القمة العربية، ثم مر على الجزائر وزار طرابلس وبنغازى والخرطوم، ثم طار إلى موسكو وزار الخرطوم وليبيا مرة ثانية، وفى أثناء ذلك كان يتنقل بين القاهرة والإسكندرية وأسوان وجبهة القتال، ويقود حرب الاستنزاف.


رغم ذلك فقد اتهمته ما سُميت دول الصمود العربى بخيانة القضايا القومية، عندما قبل مبادرة روجرز قبل وفاته بقرابة شهر، وزادت آلامه وأوجاعه وأحزانه من المظاهرات التى خرجت فى عواصم تلك الدول تنادى بسقوطه.


مات جمال عبد الناصر فى الساعة الخامسة والربع مساء يوم 28 سبتمبر 1970، وكان عمره 52 سنة و8 شهور و13 يوماً، ولم يكن يعانى من أمراض مستعصية يمكن أن تؤدى إلى الموت فى هذه السن المبكرة، سوى السكر الذى أصيب به بعد هزيمة يونيو، ونجح الأطباء فى السيطرة عليه، بجانب تصلب الشرايين، وهى أمراض يتعايش معها من هم فى السبعين والثمانين.


مصر دائماً.. لم تخن ولم تبع، وظلت يدها نظيفة ولم تتلوث بدماء عربية، ولم تعرف الخيانة والغدر، حتى فى الأوقات التى يتآمر عليها الصغار الذين كانوا سبباً فى النكبات التى تحل بالعرب.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة