« كل ما نرجوه هذه المرة هو حسن الاختيار.. وأن ننتهي من معمل تجارب الوزراء «.
حدثان مهمان في مصر خلال الأسبوع.. تابعتهما وأنا خارجها في رحلة البحث عن لقب جديد في حياتي.. أولهما هو خروج المستشار أحمد الزند عن النص فيما سمي بـ « ذلة لسان «.. ثم خروجه من منصب الوزير فيما سمي بالإقالة.. وأخيرا خروجه من مصر مع أسرته وهو ما لم يتم تفسيره بعد.. حتي الآن علي الأقل.
أما الحدث الثاني فهو اعتراف البنك المركزي أخيرا بالسعر الحقيقي للجنيه المصري - شفاه الله وعافاه - أمام العملات الأجنبية وخاصة الدولار.. وهو قرار تأخر كثيرا وكابرنا فيه كثيرا إلي حانت لحظة الاعتراف بالحقيقة.. ولكن بعد أن تربحت شركات الصرافة المليارات وتمكنت من « خنق « اقتصاد مصر إلي أقصي درجة.
حدث ثالث مهم.. ولكني لن أقترب منه هذه المرة.. وهو التعديل الوزاري المرتقب حدوثه خلال أيام وربما ساعات. وهو تابع طبيعي من توابع إقالة وزير العدل.. وتحقيق المواءمة مع مجلس النواب المتنمر للحكومة والمتحفز ضد نفسه. رشحت المصادر خروج عدد من الوزراء قد يصل إلي عشرة.. وكل ما أرجوه هذه المرة هو حسن الاختيار وأن ننتهي من معمل تجارب الوزراء.
>> أعود إلي إقالة وزير العدل والتي حدثت بسبب مشكلة أثارها الوزير بنفسه ولم يجبره عليها أحد.. فما قاله في حوار صحفي ما كان يجب أن يخرج من فم رجل محنك وقاضٍ جليل وسياسي مخضرم.. وكل تلك الصفات تفرض عليه أن يزن كلامه بميزان حساس.. وقد تفوه الرجل بكلمات أثارت ردود أفعال متباينة خلال توليه الوزارة مثل وصفه للناس من خارج رجال القضاء بالعبيد.. ووصفه تعيين أبناء القضاة في القضاء بالحرب المقدسة وغير ذلك من الكلمات التي أثارت البعض عليه حتي ممن أعتبروه أحد أهم من وقفوا في وجه عصابة الإخوان في أوج قوتهم وقمة سلطتهم.. وأنا واحد من الذين قدروا شجاعته وقت أن كان رئيسا لنادي القضاة ومواقفه.. وهي مواقف كانت معبرة عن رجال القضاء المصري وعن الشعب.. ولكن في تلك المرة وقف المستشار الجليل في وجه نفسه وتحدث حديثا وإن لم يكن يقصد معناه اللفظي.. إلا أن المتصيدين له لم يتركوا الموقف يمر مرور الكرام.. اصطادوا ما قاله واعتبروه تقليلا من شأن نبي الأمة وأشرف خلق الله وشفيعنا يوم الحساب.. فهل يقيم بشر سيد البشر؟.
.. وهل يسجنه ؟!.
اعترف الرجل بحجم ما قاله.. واعتذر.. ولكن الاعتذار جاء في شكل وتوقيت لم يرض عنه المجتمع والدولة.. فطلب منه أن يستقيل فأبي واستكبر.. وخلط بين كونه قاضيا عضوا في السلطة القضائية لا يعزل.. وكونه وزيرا عضوا في السلطة التنفيذية يلقي ما يلقاه كل وزير.. بين كونه ظل الله علي الأرض.. وكونه خادما للشعب.. الذي أقيل هو الوزير وليس القاضي.
>> أما عن وضع الجنيه المصري.. فهو في أزمة بكل المقاييس.. والغريب أن من يسخرون من تلك الأزمة هم العواطلية وغير المنتجين والذين لا يعملون شيئا صالحا لأجل الوطن. الجنيه المصري في أزمة لأننا لا ننتج.. حتي أننا لا نتفرج علي من ينتج.. بل نوقفه وندمره ونسخر منه.. فكيف تكون لدينا عملة قوية في بلدها.. محترمة خارجه. ولكن ما أثارني هو الإعلان عن السعر الجديد للدولار في البنوك جاء بعد ساعات قليلة من طرح البنك المركزي ٥٠٠ مليون دولار.. فهل لم يكن البنك يعلم بقرار رفع السعر.. أم أراد أن يربح بعض عملائه حوالي ٦٠٠ مليون جنيه في ساعات؟.
توقف السياحة.. ونقص الإنتاج.. وإغلاق المصانع.. وارتفاع الواردات مقابل انخفاض الصادرات.. وانخفاض أسعار البترول بما يعود علي دخل الدول التي تدعمنا وعلي تحويلات المصريين منها.. وغير ذلك من أسباب، جعلت الجنيه المصري يتراجع.. وعلينا أن نلحق به قبل أن يهوي.
نحن في انتظار قرارات أخري جريئة لتشجيع الاستثمار وترشيد الاستيراد وزيادة الصادرات.. وإعادة السياحة بإجراءات ومبادرات حقيقية وليس بالشحاتة.. وتشجيع تحويلات المصريين بأوعية ادخارية مشجعة وليس بالاستجداء.. والقضاء علي الفساد وعدم الاكتفاء بمجرد محاربته وترك الفاسدين في نعيم.
مرة أخري.. نحن في انتظار تصحيح وزاري وليس مجرد تعديل.. يا كل المسئولين احفظوا ألسنتكم.. وراعوا ضمائركم.