صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


النفايات الفضائية.. مدارات كوكب الأرض تخرج عن السيطرة

أحمد عبدالنبي زكريا

الأربعاء، 29 سبتمبر 2021 - 06:27 م

◄ صواريخ وأقمار اصطناعية قديمة ومعدات فقدها رواد الفضاء تدور على الأرض بلا توقف
◄ خطر يهدد بنشوب حرب في مكان ما على سطح الأرض
◄ أحلام السفر بين الكواكب قد تصبح سرابا بسبب كل معدني تحوم بسرعة 100 كيلومتر/ الساعة


في منتصف القرن العشرين تحق حلم الإنسان بارتياد الفضاء، وأطلق البشر منذ عام 1957 ما يزيد عن 9600 قمر صناعي، ما أدى إلى تزاحم فضائي، وظل عالقا في الفضاء الكثير من الأقامر خارج الخدمة، هذه القطع المعدنية التي تدور في مدارات حول الأرض قد تبقي هناك لآلاف السنين، والتي يطلق عليها العلماء اسم النفايات الفضائية .. بمرور الوقت سيزيد حجم النفايات الفضائية مما يهدد مستقبل الأنسان في الفضاء.. نحو 160 مليون قطعة من حطام الأقمار الصناعية وقطع الصواريخ تسبح في الفضاء.. خطر يهدد السفر بين الكواكب في المستقبل .

 

بوادر الأزمة
وقع حادثان في الفضاء كانا سببا في تفاقم مشكلة النفايات الفضائية الأول في عام 2007 عندما اختبرت الصين سلاحا مضادا للأقمار الصناعية ، أما الثاني فوقع بعج عامين من الواقعة الأولى أي في 2009 عندما اصطدم القمر الصناعي الأمريكي إيريديوم بالقمر الصناعي الروسي كوسموس 2251 .


الحادثان دفعا العلماء إلى تزويد الأقمار الصناعية بأنظمة لتخفيف الحطام الناجم عنها .

 

أزمة فلكية
اكتشف باحثون أن الأقمار الصناعية والخردة الفضائية التي تدور حول الأرض، يمكن أن تزيد من سطوع سماء الليل، محذرين الخبراء من أن مثل هذا التلوث الضوئي يمكن أن يعيق قدرة علماء الفلك على رصد الكون.


ووفقًا لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، فهناك أكثر من 9200 طن من الأجسام الفضائية تدور في مدار حول الأرض، تتراوح ما بين الأقمار الصناعية البائدة إلى الأجزاء الصغيرة، والآن يبدو أن خردة الفضاء لا تشكل خطر الاصطدام فحسب، بل تسهم ، إلى جانب الأجسام الفضائية الأخرى، في التلوث الضوئي.


وفي كتاب الإخطارات للجمعية الملكية الفلكية، يصف الباحثون كيف يمكن لضوء الشمس المنعكس والمشتت من الأجسام الفضائية، أن يظهر على شكل خطوط في الملاحظات التي تتم بواسطة التلسكوبات الأرضية.

 

وكتب الفريق: «نظرًا لأن الخطوط غالبًا ما تكون قابلة للمقارنة أو أكثر إشراقًا من الأجسام ذات الأهمية الفيزيائية الفلكية، فإن وجودها يميل إلى تعريض البيانات الفلكية للخطر، ويشكل تهديدًا بفقدان المعلومات بشكل لا يمكن تعويضه».

 

وتابع الفريق: «لكن بالنسبة لبعض الأدوات، يمكن أن يكون التأثير أكبر، وعندما يتم تصويرها بدقة زاوية عالية وكاشفات عالية الحساسية، تظهر العديد من هذه الأشياء كخطوط فردية في الصور العلمية، "ومع ذلك، فعند ملاحظتها باستخدام كاشفات ذات حساسية منخفضة نسبيًا مثل العين البشرية المجردة، أو باستخدام مقاييس ضوئية ذات دقة زوايا منخفضة، فإن تأثيرها المشترك هو تأثير مكون سطوع سماء الليل المنتشر، تمامًا مثل خلفية ضوء النجوم المتكاملة التي لم يتم حلها لمجرة درب التبانة».

 

توهج غير طبيعي
وتشير الحسابات الواردة في التقرير، إلى أن هذا التوهج يمكن أن يصل إلى 10٪ من سطوع سماء الليل الطبيعي - وهو مستوى من التلوث الضوئي حدده سابقًا الاتحاد الفلكي الدولي (IAU) باعتباره الحد المقبول في مواقع المرصد الفلكي.

 

ويقول الباحثون إن فكرة "المستوى الطبيعي" للسطوع لها صعوباتها الخاصة، إلا أنهم يؤكدون على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث، مضيفين أن الوضع قد يصبح أسوأ مع إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية، بما في ذلك "الأبراج الضخمة".

 

وقال جريج براون، عالم فلك المرصد الملكي الذي لم يشارك في الدراسة، إن التلوث الضوئي يمثل مشكلة كبيرة لعلماء الفلك.

 

وأضاف: «تتوقع التلسكوبات مثل مرصد Vera C Rubin الذي سيتم تشغيله قريبًا تلوثًا كبيرًا لصورها من مجرد مجموعات النجوم الضخمة المتوقعة في السنوات القليلة».

 

وقال البروفيسور داني ستيجز من جامعة وارويك، إن هناك توازنًا يجب تحقيقه بين فوائد الأقمار الصناعية وتأثيرها على قدرتنا على دراسة سماء الليل، لكن اتفق على أن التلوث الضوئي من المحتمل أن يكون مشكلة متنامية ومتصاعدة.

 

وأضاف: «يمكننا، كعلماء فلك، إزالة أو تقليل التأثير المباشر على بياناتنا إلى حد ما من خلال استخدام تقنيات معالجة الصور، ولكن بالطبع سيكون أفضل كثيرًا إذا لم يكونوا موجودين في البداية».

 

زحام فضائي
بحسب الكاتب المتخصص أندرياس كلوث، فإن المدارات الفضائية خارج الغلاف الجوي تزدحم بالكثير من الأقمار الصناعية بمختلف الجنسيات، ما ينذر بتداعيات خطيرة للغاية، فهذه هي المدارات الأقرب إلى غلافنا الجوي، حيث تنتشر وتتناثر الأقمار الصناعية.


ويضيف: «عندما تنتهي صلاحية هذه الأقمار الصناعية بالتعطل أو التحطم في الفضاء، فإن حطامها ونفاياتها تخلق أحزمة من الحطام الفضائي، وتعترض طريق الكثير من الأقمار الصناعية الأخرى العاملة في الفضاء، فضلاً عن اعتراض مسار الصواريخ الفضائية وغيرها من المركبات الأخرى المسافرة في الفضاء».

 

ومن شأن ذلك أن يشكل كارثة كبيرة، ربما تسفر عن تعطيل الكثير من أدوات الحياة الحديثة المعاصرة. وربما ينتهي الأمر بنشوب حرب في مكان ما على سطح الأرض.

 

ويؤكد: «تسبح كميات كبيرة من الحطام في الفضاء فيما يعرف بالنفايات الفضائية، تلك النفايات مهددة بالسقوط على الأرض أو الاصطدام بأقمارٍ اصطناعية وهو ما من شأنه أن يحدث تأثيرات قد تكون خطيرة جداًن فهناك تحذيرات من مخاطر قد تتسبب بها أجسام صغيرة في الفضاء لا تتعدى أحجامها العشر سنتيمترات تدور بسرعة تتجاوز المائة كيلومتر في الساعة».

 

وعاد ملف مخلفات الفضاء ليطرح مجدداً، مع تزايد أعداد المخلفات بشكل كبير، مهددة آلاف الأقمار الاصطناعية ذات الأغراض المتعددة في مداراتها حول الأرض، والتي تجعل من احتمالية سقوطها على الأرض أمر وارد وليس  بعيد.

 

خروج عن السيطرة
وبحسب شبكة المراقبة الفضائية الأميركية فإن كمية المخلفات الفضائية حول الأرض بلغت نقطة الخروج عن السيطرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

 

وتقول إن الأجسام التي تكونت من صواريخ وأقمار اصطناعية قديمة ومعدات فقدها رواد الفضاء بدأت تتكون منذ بدء استكشاف الفضاء في الخمسينيات من القرن الماضي، إلا أن أعدادها باتت تشكل خطراً حقيقياً مؤخراً، فنحو 5 آلاف عملية إطلاق وأكثر من 200 انفجار في المدار كانت كفيلة بتكوين ما يزيد عن مليون ونصف المليون جسم متفاوت في الأحجام والسرعات يسبح في الفضاء، مهددة ملايين الدولارات التي وظفت لتأمين معدات واتفاقيات قد تذهب مع الريح في أي حادث اصطدام.


 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة