رغم أنني لم أتقابل معه الا مرة واحدة ولسويعات قليلة الا أنها كانت كافية لأن أعرف هذا الرجل وأقدره، وزاد تقديري له بعد أن قرأت كتابه «شهادتي».
كان لقاؤنا الوحيد أثناء العدوان الاسرائيلي الثاني علي لبنان أو «حرب تموز».. ففي 12 يوليو2006 بدأت العمليات القتالية بين حزب الله بقيادة «نصرالله» ودعم إيراني واسرائيل استمرت 34 يوما بعد ان خطف «نصرالله» جنود اسرائيليين لمبادلتهم باتباعه من الاسري في السجون الاسرائيلية.. وأطلق حزب الله علي العملية اسم «الوعد الصادق» وردت اسرائيل بتسمية عملياتها «الثواب العادل» اقتحمت خلالها الجدار الحدودي فتم تدمير دبابتين وقتل 8 جنود من جيش الاحتلال.. قامت اسرائيل بعدها باستدعاء الاحتياط وشنت هجوما علي جنوب لبنان والضاحية الجنوبية في بيروت مستخدمة كل ما لديها من انواع السلاح بدعم أمريكي..وانتهي العدوان ولم تحقق اسرائيل اي هدف سوي الخراب. والآلاف من اللبنانيين ما بين قتلي ومصابين ونزح مئات الآلاف من مناطق القتال وهروب الرعايا الاجانب إلي سوريا...وشكلت قواتنا المسلحة جسرا جويا لاعادة المصريين وشاركت في تغطية أول رحلات العودة من مطار دمشق.
بعد ذلك بعشرة أيام تقريبا مع استمرار الجسر الجوي من دمشق قمت بأربع رحلات إلي بيروت في أسبوع واحد..وشاهدت الدمار والخراب عن قرب واستمعت لحكايات من النازحين المقيمين في مخيمات بالحدائق..ومن المصابين داخل المستشفيات..وتم الاتفاق علي أن تقوم قواتنا المسلحة بإنشاء مستشفي ميداني لتقديم العلاج والدواء مجانا لاشقائنا اللبنانيين.
في إحدي الرحلات المكوكية رافقنا خلالها أحمد أبو الغيط وزير الخارجية في ذلك الوقت ليجري مباحثات مع رئيسي الوزراء والنواب.. واكتسب أبو الغيط باقتدار وباسلوب دبلوماسي رشيق ود اللبنانيين خاصة من «شيعة حزب الله» الذين كانوا يقولون لنا أنهم يحبون المصريين..و يكرهون «مبارك»..ونجح أبو الغيط في الخروج من الفخ الذي صنعه حزب الله له في المؤتمر الصحفي بمجلس النواب الذي يرأسه «شيعي» لانه كان مذاكرا ومحضرا لكل الاحتمالات والاسئلة الموجهة التي نسبت لصحفيين لبنانيين لإحراج مصر.
المهم عندما طلبنا منه تصريحات قال عندما نعود إلي مصر..وكان معنا في الطائرة بعض المصريين الفارين من لبنان..وبعد وصولنا الي مطار القاهرة دعانا «أبو الغيط» لإجراء المقابلة في صالة كبار الزوار..وفوجئنا بان عسكري الشرطة علي بابها يمنع الوزير ويمنعنا من الدخول..فما كان من أبو الغيط الا أن قال له بكل هدوء :»لو سمحت قول لقائدك إن أبو الغيط وزير الخارجية يريد أن يعقد مؤتمرا صحفيا بالصالة «.. ووقف الوزير معنا في الخارج نتبادل أطراف الحديث لأكثر من عشر دقائق حتي وصل الخبر..ووجدنا كل قيادات المطار أمامنا فشكر أبو الغيط الجندي وأجرينا المقابلة..هذا هو أحمد أبو الغيط..فمبروك لجامعة الدول العربية أمينها الجديد.