حسناً فعلت لجنة إعداد اللائحة الداخلية لمجلس نوابنا بإلغائها المادة الخاصة بتعديل المكافآت الشهرية لنواب الأمة ورفعها من خمسة آلاف إلي خمسة عشر ألفاً خالصة مخلصة معفاة من الضرائب ولا يجوز الحجز عليها! أقول حسناً لأنها أنقذت سمعة نوابنا من شبهات الأنانية والانعزال عن واقع البلاد وأحوالها، والرغبة في استغلال مقاعدهم النيابية في التربح والتحصن بها. حسناً لأنها كفت ماجوراً علي خبث واضعي هذه المادة وسوء طويتهم، وعلي هيافة وتهافت مؤيديها من النواب. إذ كيف كان يمكن للشعب أن يطمئن إلي أمانة نوابه وممثليه ورعايتهم لمصالحه وهم يناقشون ويقرون القوانين المتعلقة بحياته اليومية؟ كيف سيكون موقفهم عند فرض الضرائب ورفع الأسعار وزيادة الأعباء علي المواطنين؟ كيف سيقنعون ناخبيهم بضرورة شد الحزام والتقشف وهم يطالبون بمضاعفة مكافآتهم وامتيازاتهم. وكأن هؤلاء الذين أنفقوا الملايين علي الدعاية الانتخابية بيدهم اليمني يريدون استردادها من دم الشعب بيدهم اليسري.
ربما لمثل هذه الممارسات وغيرها قامت المؤسسة المصرية لحماية الدستور خوفاً علي « أبو القوانين» من نزق بعض النواب من دعاة تعديله وإعادة تفصيله وفقاً لأهوائهم. الدستور حامي القانون أصبح ألعوبة في يد بعض ذوي الغرض في بلادنا ويحتاج لمن يحميه، ويحول دون مخالفته، ولمن يدعو لاحترامه ويقدم التوعية بالقيم الدستورية وقيم الحريات والفصل بين السلطات وهي أبجديات العمل السياسي التي كان من الواجب أن تكون عقيدة كامنة في نفوس نوابنا ورجال السياسة والأحزاب. الدستور بالطبع ليس قرآناً ولا نصاً مقدساً لكنه أيضاً ليس دمية يلهو بها بعض الصغار والمرجفين.
رجاء أخير لنوابنا.. لا تدفعونا إلي الندم علي انتخابكم، ولا تورطوا البلاد في ترهاتكم. استمسكوا واخشوشنوا وذاكروا الدستور والقانون جيداً اعرفوا واجباتكم قبل أن تطالبوا بحقوقكم.
إقالة الوزير هل تصلح التعليم؟
لم تصدق أذني الشكوي الهاتفية التي جاءتني من إحدي الأمهات، حتي تحققت من صحتها من أخريات. الشكوي تشير علي أقل تقدير وبمنتهي حسن النية إلي إهمال جسيم من وزارة التعليم وعدم مبالاة بمستقبل أبنائنا، هذا إن لم تكن لها دلالات أخطر. وهي تدل علي أننا نتصنع الجدية والاهتمام وحسب، بينما كل ما يحرص عليه المسئولون هو رضا المسئول الأعلي وكله تمام يافندم. أهمية الشكوي أن العام الدراسي يوشك علي الانتهاء وأولياء الأمور حائرون وخائفون.
مفاد الشكوي أن هناك مادة كاملة مقررة علي المرحلة الإعدادية هي مادة الكمبيوتر ليس لها كتاب مدرسي. الطلاب لم يتسلموا الكتب الوزارية الخاصة بهذه المادة لا هذا العام ولا الأعوام السابقة. وما عرفه الأهالي أن الوزارة لم تصدر أصلاً كتاباً لمنهج الكمبيوتر ومن ثم فقد اعتمدوا في السنوات السابقة علي اجتهادات المدرسين الذين وضعوا ملازم تضم الدروس المقررة، وكانت هذه الملازم سبباً في وقوع مآس وحدوث انهيارات بين طلاب بعض المدارس بعد أن وجدوا أسئلة في الامتحان لم يدرسوها من قبل، ولأن الامتحانات يتم وضعها في المنطقة التعليمية أو المحافظة، فإن المدرس لا يستطيع التحكم في أسئلة الامتحان. ونظراً لعدم وجود كتاب مدرسي رسمي للاسترشاد به، فقد عجز الأهالي عن مساعدة أبنائهم في الاستذكار. هذا العام أشار المدرسون علي الطلاب بوجود كتاب خارجي يمكنهم شراؤه من المكتبات !
الغريب والمؤسف أنه حين توجه أولياء الأمور للمدارس للشكوي واستبيان مصير أبنائهم قيل لهم بمنتهي الخفة: «زعلانين ليه مادة الكبيوتر لا تؤثر علي المجموع الكلي ولا علي نتيجة أبنائكم»! المفاجأة أن الوزارة قررت هذا العام ضم مادة الكمبيوتر علي المجموع الكلي للشهادة الإعدادية.. يعني في امتحان نهاية مرحلة دراسية تؤثر نتيجتها في المسار المستقبلي للطلاب!
الأغرب أن مادة عملية مثل مادة الكمبيوتر تحتاج للممارسة والتدريب، لكنها للأسف تدرس عندنا نظرياً لعدم توافر الأجهزة الكافية في المدارس، ولخوف المدرسين علي القليل الموجود منها وحرصهم علي عدم تعطلها لأنها «عهدة «!
بعد كل هذه الملابسات لا أستطيع مقاومة اتهام الوزارة بالمسئولية والتواطؤ لصالح حفنة من المنتفعين، لمصلحة من غياب الوزارة عن القيام بدورها المنوطة به؟ ولمصلحة من استمرار هذا الغياب علي مدي السنوات الدراسية للمرحلة الإعدادية، وعدم تدارك هذا الخطأ وترك الفراغ لسبوبة وبيزنس الكتب الخارجية؟ وهل تخفي استقالة الوزير - أي وزير- أو إقالته ندوب الفساد التي التصقت بمنظومتنا التعليمية؟.